كان لافتا التعليق الذي نشره رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط على حسابه عبر «إكس»، تعقيبا على المظاهرات السيارة التي جابت شوارع وأحياء بيروت لمناصري الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله)، وما تركته من ردود أفعال سلبية من جانب قوى ومراجع سياسية وروحية عدة تناولها الإعلام.

وكان جنبلاط نشر عبر حسابه على المنصة عينها وعلى «(فيسبوك) صورة «الحجة» المرأة الجنوبية التي وقفت بمواجهة الدبابة الإسرائيلية وما يجسده من «صمود لأهل جبل عامل كان اسطوريا». فيما قال إن «المظاهرات السيارة في بعض أحياء بيروت وغيرها من المناطق كان من الأحسن تفاديها».

تعليقات جنبلاط عكست العلاقة التي تحكمه مع الثنائي الشيعي، منذ الإعلان عن تصويت كتلة «اللقاء الديموقراطي» إلى جانب القاضي نواف سلام لتشكيل الحكومة الجديدة.

بيان حركة «أمل» الثلاثاء حاول لململة مفاعيل المسيرة الليلية على المستوى اللبناني العام، ودعوة المناصرين إلى الالتزام بعدم تكرار ما جرى تحت تهديد الفصل من التنظيم، لم يخفف من حدة التداعيات، بعدما وضعته المناخات العامة في إطار الضغط السياسي، وسط الجهد المبذول لتذليل العقد وإزالة المطبات من أمام طريق تشكيل الحكومة الجديدة.

وطالب الزعيم الدرزي بشكل متكرر ومباشر «حزب الله» بالتخلي عن العمل العسكري والانخراط كليا بالعمل السياسي. وتوجه إلى السياسيين والعسكريين في «حزب الله» قائلا: «الماضي انتهى، وكلام رئيس الجمهورية في خطاب القسم واضح، والذي بيننا وبين إسرائيل الهدنة، ولا نستطيع ان ندخل في حروب معلنة ضد إسرائيل لكن لن نستطيع الدخول في تسوية».. كلام جنبلاط عكس الأجواء المتباعدة بين الجانبين.

وكان جنبلاط أسر قبل أيام لأحد المحيطين كما كشف عدد من المقربين لـ «الأنباء»، عن أن «الأجواء العامة توحي بأننا قادمون على المجهول»، لذا، يحاول بحسب مصادر قيادية في الحزب التقدمي الاشتراكي «تفادي المشاكل الداخلية والنظر إلى المأزق الكبير الذي يتجه نحو لبنان، في حال رفضت إسرائيل الانسحاب التام من الجنوب ومضت في عدوانيتها. ويعتبر جنبلاط ان الأولوية تقتضي الآن الإسراع في تأليف الحكومة، وعدم الركون للعدو الإسرائيلي الذي يتربص بنا جنوبا، في ظل ما تشهده المنطقة من متغيرات جيوسياسية وتحولات جديدة».

مصادر «التقدمي» اعتبرت أن «تحذيرات جنبلاط من حروب كبيرة آتية على المنطقة تلقي بمسؤولية الحفاظ على لبنان في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة على الجميع، من أجل التماسك الداخلي الذي يعززه تجاوز الفراغ الحكومي».

رد جنبلاط غير المباشر على كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري فيما يتعلق بمحاضر اتفاق الطائف والتمسك بوزارة المالية كشف عن ذلك التمايز السياسي الموجود أيضا، إذ أكد «التقدمي» على كلام الزعيم الجنبلاطي، ان «الاحتفاظ بأي حقيبة وزارية ليس من اتفاق الطائف، وكانت متنقلة بين كل المكونات السياسية والمذهبية، ووصولا إلى فكرة وزارات سيادية وغير سيادية المعيبة برأي جنبلاط بحق لبنان، واعتبار ان ثمة تصنيفات تفضيلية للبنانيين من الدرجة الأولى أو الثانية، أو بحسب القول المأثور: ناس بسمنة وناس بزيت».

الحزب «التقدمي الاشتراكي» دعا «جميع القوى السياسية ومن ضمنهم الرئيس بري إلى السعي الدؤوب معا، للتطبيق الكامل لمندرجات وثيقة الوفاق الوطني التي نص عليها اتفاق الطائف وأنهت الحرب في لبنان، بما في ذلك إنشاء مجلس للشيوخ لأهميته على غرار كل دول العالم، والمنوطة به العلاقات بين الطوائف».

وفي هذا السياق علمت «الأنباء» أن شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز د.سامي ابي المنى، وإزاء المطالبة الدرزية الواسعة التي خرجت إلى العلن، ردا على تصنيفات وزارات سيادية ودرجات في فئات المجتمع اللبناني وسوى ذلك، كان ينوي رفع الصوت عاليا في هذا الخصوص، لكن كلام جنبلاط ساهم في تهدئة الأمور، وعليه ضجت المنصات الإعلامية أخيرا بمواقف منوعة، بعضها طلب من الرئيس بري تطبيق ما تبقى من بنود الطائف، كأولوية تتقدم على المحاضر وكواليسها – وهذا الأمر الذي ذكره بحسب معلومات لـ «الأنباء» أحد أعضاء الوفد الدرزي خلال زيارة التهنئة لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون، بعدما كان أشار إليه أيضا في خطاب القسم. فيما طلب آخرون نشر كل المحاضر التي أوصلت إلى اتفاق الطائف، لتكون كل الطوائف على بينة من هذا الأمر.