يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

وزارة المال "بيضة قبان" الشيعة في الحكومات... أي دور لها؟ ولمَ الإصرار عليها؟

Thursday, January 16, 2025 9:11:37 AM

بعد واقعتي انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية رئيس الحكومة المكلّف، أصبح مؤكدا أن موازين القوى السياسية لم تتبدل فحسب، بل كذلك مركز القرار ومرجعيته التي اعتادها اللبنانيون في العقدين الماضيين. فما عادت الحكومة تتشكل قبل الاستشارات، وما عادت الأسماء بازارا ترمى للتعقيد والتعطيل.

ليس خافيا أن عقدة العقد التي استحكمت في تشكيل معظم الحكومات السابقة، كانت الجدل حول طائفة وزير المال، ومدى استتباع قراره للثنائي الشيعي ومصالحه السياسية. بيد أن ما تشي به التسريبات أن رئيس الجمهورية العماد جوزف عون يعي تماما حساسية الموضوع، ويسعى بما يملك من زخم بداية العهد، إلى عدم السماح بتسلل أي من الشكوك في أن ثمة استهدافا مباشرا أو إقصاء لفريق أو طائفة معينة.
من هنا، انصب البحث في أوساط الرئاسة وكواليس رئيس الحكومة المكلّف على ضرورة إبعاد وزارة المال عن الاستتباع السياسي، مع الحفاظ على هوية شاغلها، درءا للتشنج الطائفي في البلاد، واتقاء لخسارة منسوب الثقة في مجلس النواب.


أكثر الأسماء الموثوق بها وفق ما علمت "النهار" كان حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري.


فإلى شيعيته التي تطفئ الاعتراض الطائفي، زكّته "متمماته" الميثاقية، وأداؤه القويم في مصرف لبنان، وما أظهره من استقلالية وجرأة في إبعاد السياسيين عن المركزي، وعدم رضوخه أكثر من مرة لمطالبة الحكومة والقوى السياسية بتمويل مشاريع للدولة من الاحتياط الأجنبي، واشتراطه أن تصرف الدولة من حسابها، وأن تنسى "الدلع" السابق الذي أنهك الاقتصاد والليرة. كل هذه العوامل جعلت القيمين على التأليف ينحون في اتجاه إسناد حقيبة المال إليه، والاستثمار في قدراته ومعرفته بشؤون المالية العامة وشجونها، بحكم وظيفته في مصرف لبنان.
فما أهمية وزارة المال للعهد وللطائفة الشيعية تحديدا؟

وفق مرجع دستوري، تُعدّ وزارة المال في لبنان من الوزارات الحيوية والضرورية، لدورها المركزي في إدارة المالية العامة للدولة، وهذا ما يكرسه القانون. أما في الدستور فلوزير المال شخصيا التوقيع، وهو ما اصطُلح على تسميته التوقيع الوزاري الإضافي على كل المراسيم التي تصدر. ويمكن الوزير الامتناع عن توقيع المراسيم، وقد حدث ذلك في كثير من المواضيع لم تبصر النور بسبب عدم موافقة وزير المال، وتحديدا بالنسبة إلى التعيينات في القطاع العام والتشكيلات القضائية التي توقفت لعدم موافقة وزير المال.

ويؤكد المرجع الدستوري أن الشيعة يرون أن ضمان وجودهم في الحكم بعد الطائف هو توقيع وزير المال، وهذا الأمر أصبح بالنسبة إليهم بمثابة عرف. أما الصلاحيات الرئيسية التي يمنحها القانون والتي تجعل هذه الوزارة مهمة ويؤديها وزير المال، فهي:


- وزارة المال هي المسؤولة عن إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة، الذي يحدد كيفية تخصيص الموارد المالية في مختلف القطاعات.
- تدير إيرادات الدولة مثل الضرائب والرسوم، وتضمن توزيع النفقات.
- تدير عملية الاقتراض وسداد الديون، وخصوصا أن لبنان يعاني أزمة دين عام حادة.
- تراقب الأداء المالي للقطاع العام.
- تضع السياسات المالية التي تؤثر على الاستقرار الاقتصادي والنمو، بما في ذلك محاولة السيطرة على التضخم والتوازن المالي.
- تؤدي الوزارة دورا رئيسيا في التفاوض مع المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي للحصول على القروض والمساعدات.

المحامي كريم ضاهر يؤكد لـ"النهار" أن "لوزارة المال دورا رئيسيا في إعداد الموازنة التي تسمح بالإنفاق بناء على توجهات الحكومة وسياستها وأهدافها، إضافة إلى مراقبة تطبيقها من خلال المراقبين الماليين المعتمدين لديها في كل الوزارات. أي أن لديها إمكان الإشراف على كل الإنفاق الذي تعتمده الوزارات، ويمكن من خلال المراقبين الاعتراض على عمليات الإنفاق الحاصلة خلافا للقانون. يضاف إلى ذلك دور وزارة المال في تحصيل الضرائب ومراقبة المكلفين وحسن تسديدهم الضرائب من خلال الدوائر والمديريات المعنية، والأهم هو الموافقة التمويلية على كل ما له علاقة بمصاريف الدولة الداخلية والخارجية".
وفي حين يفترض البدء بتحضير موازنة 2026، يشير ضاهر إلى أن مهمات وزارة المال "التنسيق مع الوزارات لمناقشة الاعتمادات التي طلبتها في الموازنة، وعلى أساسها يحق لها رفض المبلغ المحدد، وإعادة تحديد السقف بالتنسيق مع الوزير المعني".
ويوضح ضاهر أن "وزارة المال هي فريق أساسي عند مناقشة الموازنة في مجلس النواب واللجان المشتركة بغية إقرارها، فيما يتولى المراقبون الماليون مراقبة النفقات. وإذا كانت الاعتمادات غير كافية للوزارات وفي حاجة إلى سلف خزينة، فيمكن الوزارة الموافقة أو لا. أما قرار الدفع، فيمر عبر محتسبين عامين هم أساسا على تواصل مع وزارة المال".
ويشبه ضاهر وزارة المال بأنها "مثابة القلب في الجسم. فوظيفة القلب ضخ الدم في كل الشرايين، وتاليا يمكنه أن يوقف ضخ الدم في أي عضو من أعضاء الجسم فيعطّله، خصوصا أن وزارة المال توقّع كل ما هو متعلق بالتمويل"، معتبرا أن "وزارة المال هي أهم الوزارات، حتى إنها بأهمية رئاسة مجلس الوزراء".
ويطلق ضاهر عبر "النهار" اقتراحا يعمل به في دول العالم، ويتعلق بضرورة الفصل بين وزارة المال وإعداد الموازنة، حتى لا تكون الحكم والحاكم في الوقت نفسه، وذلك لإتاحة المراقبة والمحاسبة من دون أي تدخل أو فرض شروط مقابل أي استحقاق مالي أو تمويلي.

النهار

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

موعد استئناف "لوفتهانزا" رحلاتها إلى الشرق الأوسط

ايهاب مطر: تمنّيت من الرئيس المكلّف أن يُعطي اهمية للشمال

الرئيس عون: إسرائيل عودتنا على التملص من التزاماتها والتنكر للقرارات الدولية

ميقاتي استقبل وفداً من الإتّحاد العمالي العام... وهذا ما قِيلَ عن رفع الحدّ الأدنى للأجور

الصفدي من قصر بعبدا: كلّ الدعم للبنان ليستعيد دوره الحضاري والثقافي والريادي

نواف سلام: أمامنا حلّان!

في اليوم الثاني من الاستشارات... إليكم أبرز ما طرحه النواب على سلام

إتحاد الخماسي الحديث يُطلق خطة عمله للنهوض باللعبة