تحل اليوم 4 يناير ذكرى رحيل الموسيقار اللبناني إلياس الرحباني الذي يعد أحد المجددين في الموسيقى العربية، حيث حررها من الأشكال القديمة ذات الإيقاعات البطيئة، وانطلق بها إلى رحاب أوسع من الحداثة والانفتاح على العصر.

أما على مستوى الكم، فقد قدم رقمًا مذهلًا يتجاوز 2500 عمل موسيقي تنوعت بين الأغاني وتترات البرامج، أو ما يُعرف بـ "البصمة الصوتية"، فضلًا عن الموسيقى التصويرية لعدد من عيون السينما والدراما التلفزيونية والمسرح.


ولد إلياس الرحباني العام 1938 بمنطقة "أنطلياس" بشمال لبنان في بيت معروف بعبقريته الفنية ونزوعه الفطري للموسيقى والإبداع، حيث تأثر بشقيقيه عاصي ومنصور الرحباني، وكانت عينه على صقل موهبته بالعلم فالتحق بالأكاديمية اللبنانية والمعهد الوطني للموسيقى، وتلقى دروسًا على يد متخصصين فرنسيين.


وضع الموسيقى التصويرية لنحو 25 فيلمًا ومسلسلًا منها فيلم "دمي ودموعي وابتسامتي"، انتاج 1973، بطولة حسين فهمي ونجلاء فتحي، المأخوذ عن رواية شهيرة بنفس العنوان لإحسان عبد القدوس.

شمل تعاونه مع كبار المطربين مختلف الأجيال حيث قدم ألحانًا تتسم غالبًا بالبهجة والانطلاق مثل "يا طير الوروار" و"كان عنا طاحون" مع فيروز و"كيف حالك يا الأسمر" مع صباح، فضلًا عن وديع الصافي، ملحم بركات، ماجدة الرومي، جوليا بطرس، باسكال صقر.

واللافت أنه لم يحظ بالتكريم اللائق في الوطن العربي كما حظى به في الخارج حيث نال العديد من الجوائز العالمية واحتفت به جهات دولية مختلفة، كما في "جائزة مهرجان أثينا" العام 1970 و" شهادة السينما "من مهرجان فينيسيا 1977، وكذلك حصوله على شهادتي دكتوراه فخرية من جامعتي "بارينغتون" الأمريكية و"أستورياس" الإسبانية.

ومن المواقف الملهمة في مسيرته إصابته الشديدة في يده اليمنى في مرحلة مبكرة من حياته مما هدد بتوقف كل شىء، إلا أنه صمم على استكمال حلمه وعدم التنازل عن شغفه وقدم إبداعاته المبهرة مستخدمًا يده اليسرى فقط.


وجاء رحيله في 2021 عن عمر ناهز 83 عامًا، إثر إصابته بفيروس كورونا، بمثابة خسارة كبرى للموسيقى العربية التي فقدت أحد أبناءها المميزين بعد مسيرة حافلة تميزت بالعبقرية والإخلاص والاستمرارية.