يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

د. فؤاد زمكحل - هل يعيد التدقيق الجنائي كرامة اللبنانيين؟

Monday, April 19, 2021 6:51:19 PM

بقلم د. فؤاد زمكحل - الجمهورية


شاهدنا منذ بضعة أشهر الضرب والتهريب المبرمج لمشروع التدقيق الجنائي، وكان واضحاً للجميع أنّ أي شخص أو وزير أو حزب أو سياسي سيتحمّل بمفرده مسؤولية الطعن بعمل شركة Alvarez & Marsal وضرب المشروع عن بكرة أبيه. لكن كان واضحاً إتفاق المصالح بين كل القيّمين والسياسيين، الذين اتفقوا معاً بغية «تهريب» شركة التدقيق من لبنان. ولو أن أحداً شنّ هذا الهجوم بمفرده، لكان خصمه فضحه، لكن السكوت التام يعني الإتفاق واتحاد المصالح.

 

أن يُعاد النظر اليوم، وتُسلّط الأضواء مجدداً، على مشروع التدقيق الجنائي في ظل التجاذب السياسي والمناخ التقاسمي وتشديد الضغوطات، يعني أنه من المؤكد أن هناك أسباباً وأهدافاً مختبئة وغير واضحة أو بريئة، سنُحاول أن نتناولها ونرى ما وراء الأكمة.

 

أولاً: يُمكن أن يُستعمل التدقيق الجنائي، في سياق الضغط السياسي بين الأفرقاء والأحزاب في لبنان. لأن هذا التدقيق قد يكشف بعض العمليات المشبوهة، لكن على القضاء متابعة التحقيق، ونعرف كلنا تماماً أن السلطة القضائية يُمكن أن تخضع لبعض الضغوطات.

 

ثانياً: يُمكن أن يُستعمل التدقيق الجنائي من أجل إطاحة ما تبقّى من بعض المسؤولين المستقلين، في المواقع المالية والنقدية، لا سيما من أجل وضع اليد على ما تبقى من هذه المواقع المهمة في لبنان.

 

ثالثاً: يُمكن أن يكون الهدف إرضاء الشريك الفرنسي، أو التخوف من العقوبات الدولية والأوروبية والفرنسية التي تدق الأبواب، وتقرع نواقيس الخطر.

 

إن إعادة تسليط الأضواء اليوم على التدقيق الجنائي بهذه الطريقة العشوائية، بعدما تمّ تهريبه من الأشخاص عينهم، للأسباب ذاتها، يعني أن في الموضوع أبعاداً مختبئة وخبيثة، وقطباً مخفية.

 

إننا كرجال أعمال لبنانيين في العالم ورياديين، نُدرك تماماً ونطالب بتدقيق جنائي شفاف وبنّاء، من ضمن خطة إصلاحية متكاملة على المدى القصير والمتوسط والبعيد. لكن تنفيذ هذا المشروع منفصل ومستقل، ولن يكون له أي ايجابية من دون إستراتيجية متكاملة مع مراقبة دولية في التنفيذ والملاحقة.

 

فإذا اتخذنا التدقيق الجنائي على حدة، بمعنى أننا قطفناه منفرداً من شجرة، فإنه لسوء الحظ لن يُعيد أموال المودعين، ولن يُوقف النزف في الإقتصاد، ولن يحل الأزمة الإقتصادية والإجتماعية الكارثية التي يُعانيها اللبنانيون، ولن يُوقف تدهور سعر الصرف، ولن يرد القدرة الشرائية.

 

إن التدقيق الجنائي وهذه الأداة السياسية الجديدة المستعملة لتصفية الحسابات الداخلية، لن تؤمّن أدوية للمرضى، ولن تفتح أبواب المستشفيات المجانية للعجزة، ولن تدفع أقساط المدارس والجامعات، ولن تشتري حليباً للأولاد، ولن تُعيد العمل إلى أرباب العائلات.

 

إن غالبية اللبنانيين تحتاج أكثر من أي يوم مضى للمأكل والملبس والمأوى، والإستشفاء والطبابة، والتعلم، وجرُّهم الى أولويات أخرى ومنصّات تغرق في وحول السياسة، جريمة جديدة يقترفها السياسيون في حق المواطن اللبناني والوطن.

 

في النهاية، نعود ونشدّد على أننا نحتاج إلى التدقيق الجنائي اليوم قبل الغد، لكن نريده تدقيقاً جنائياً حقيقياً وشفافاً، في ظل نيات صافية، وليس من أجل الضغوطات والأغراض السياسية التي لا نعرف أبعادها ونتخوف من أهدافها.

 

إنّ اللبنانيين يخسرون يوماً بعد يوم الثقة في كل السلطة، وأيضاً بمشاريعها وقراراتها ونياتها وقدرتها على متابعة إدارة مصير البلاد، أو بالأحرى إدارة الأزمة الكارثية. إن السلطة الوحيدة المتبقية هي الشعب والشباب والعلم. ونذكّر بصوت عال، أننا لم ولن نستسلم، ولن نقع مجدداً في أفخاخ ووحول السياسة المتحركة.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟