يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

ولّى زمن تعطيل “الثنائي” بالتوقيع الثالث

Saturday, February 1, 2025 8:15:02 AM

لا بد من العودة سياسياً قبل العودة دستورياً إلى أصول الخلاف حول حقيبة المالية وما يُعرف بالتوقيع الثالث. ولا يتضمن الدستور بشكل واضح أية إشارة، مباشرة أو غير مباشرة، إلى حق أي طائفة أو فئة بتولي حقيبة وزارية معيّنة، سواء كانت سيادية أو خدماتية.

على أن ثمة أعرافاً تستند إلى روح الميثاق الوطني وما تعنيه الشراكة الفعلية، على غرار اعتبار رئاسة الجمهورية للموارنة ورئاسة المجلس للشيعة ورئاسة الحكومة للسنة، ونيابة كل من رئاستَي المجلس والحكومة للروم الأرثوذكس. ويخضع هذا التوزيع لأعراف ثابتة تقوم مقام الدستور والقانون عملياً، وإن لم تكن واردة في نصوص دستورية. كما تتوزع مواقع أخرى في الإدارة والمؤسسات العامة عرفاً بين الطوائف، بعدما اتخذت مع الزمن صفة العرف.

في المقابل، لا تخضع وزارة المال حتى لأي عرف متراكم ومستمر في الزمن منذ الاستقلال. وقد توالت عليها أسماء من مختلف الطوائف في الجمهورية الأولى والجمهورية الثانية. وبالتوازي، عزز الطائف موقع الرئاسة الثانية وجعل في جانب معين رئيس مجلس النواب شريكاً غير مباشر في السلطة التنفيذية عبر قدرته على تجميد أو تأخير مشاريع واقتراحات القوانين، من دون ضوابط ومهل إلا في حالات معيّنة نص عليها الدستور.

ويتبيّن من استعراض الأسماء التي تولت حقيبة المالية منذ الطائف، أن الشيعة تولوها ثماني مرات، والسنّة ثماني مرات، والموارنة والروم الأرثوذكس أربع مرات. ويعني هذا أنه إذا ما توالى أكثر من اسم من طائفة معينة على الحقيبة، فهذا لا يمنح الطائفة أي حق مكتسب في الحقيبة. كما أن تولي الشيعة حقيبة المالية في السنوات الماضية، كان بفعل الاستقواء بالسلاح ومفاعيله.

بالعودة إلى الدستور، فإن المادة 54 منه تنص على أن مقررات رئيس الجمهورية يجب أن يشترك معه في التوقيع عليها رئيس الحكومة والوزير أو الوزراء المختصون، ما خلا مرسوم تسمية رئيس الحكومة ومرسوم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة.

ومن المعروف أن الأكثرية الساحقة من تلك المقررات تقتضي توقيع وزير المالية، سواء ما يتعلق بالتعيينات على أنواعها والترفيعات والمناقلات، أو في ما يتعلق بالموازنات، أو في ما يتعلق بالتوظيف، فضلاً عن سلطة الوصاية التي تمارسها وزارة المالية على مؤسسات عامة، إلى سلطتها المباشرة على الدوائر العقارية والجمارك. والأدهى أنه ليست هناك أية مهلة قانونية تقيّد وزير المالية كما أي وزير آخر للتوقيع، ما يجعل وزير المالية شريكاً أساسياً في التعطيل أو المعطل الوحيد لأي قرار، الأمر الذي يصيب آليات السلطة الإجرائية بالشلل في جوانب عدة.

التعطيل كاستثناء وليس التسهيل كقاعدة هو الذي يهم الثنائي الشيعي، ومن هنا تمسكه بوزارة المالية من دون وجه حق، إلا وفاقاً لما يجيزه الدستور والأصول المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.

يقول خبراء دستوريون إن العجب كله في إصرار “الثنائي” على حقيبة المالية بحجة أن الموارنة والسنة يملكان حق التوقيع من خلال رئيسي الجمهورية والحكومة، فيما الشيعة مستبعدون. وفات “الثنائي” ومن يؤيد حجّتهم الهشّة، أن رئيس الجمهورية تحديداً لا يملك الا ما يمكن وصفه بالهامش الضيق جداً سواء في فرض توقيعه أو في رفض التوقيع على المقررات. وبات حرياً بالمسيحيين قبل الشيعة، أن يشكوا ويطالبوا باستعادة بعض الصلاحيات الرئاسية، نتيجة تحوّل رئيس الجمهورية بعد الطائف إلى حَكم أكثر منه حاكماً أو شريكاً في الحكم. وقيّد الدستور رئيس الجمهورية بمهل معينة لرفض التوقيع على مرسوم أو قانون معين. ومنَحه فقط حق طلب مراجعة المرسوم أو القانون. فإذا أصرّت الحكومة أو المجلس ضمن مهلة شهر على القوانين، وخمسة عشر يوماً على المراسيم، يبدأ سريان مفعول المرسوم أو القانون من دون توقيع رئيس الجمهورية.

في أي حال، لن يكون لأي وزير للمالية أياً كان، القدرة على التمادي في التعطيل، بدفع من “الثنائي”. وسيلجأ على الأكثر إلى المماطلة والتأخير ولكن إلى حين، لأن عين الرقابة الدولية حاضرة، ولأن الوزير في هذه الحالة يناقض رأي الأكثرية الصريحة في مجلس النواب أو مجلس الوزراء، فما كان متاحاً في الماضي لم يعد متاحاً اليوم.

ومن الواضح أن إجراءات رقابية أكثر تشدداً واحترافاً سترافق أداء وزير المالية وسائر الوزراء الآخرين والإدارات الرسمية والمؤسسات العامة، لا سيما في ما يتعلق بالموازنات ومسارات الإنفاق، وصولاً إلى قدرة الدول والمؤسسات والصناديق المانحة على التدخل الفاعل عند تلمس أي خلل، لا سيما في ما خص إعادة الإعمار، علماً أنه لن تكون هناك أي مساعدات مباشرة للدولة اللبنانية إلا وفق شروط مشددة، مع تفضيل الدول العربية والأجنبية أن تمر المساعدات عبر هيئات دولية معنية.

ويشير دبلوماسي غربي في بيروت إلى أن مسألة التهريب تشكل أولوية ملحة في الأجندة الدولية. وسيتم توفير مختلف وسائل الدعم لمكافحة هذه الآفة، لا سيما وأن المساءلة ستكون حاضرة حيال أي تقصير. وسيعني العجز عن ضبط تهريب منتجات زراعية ومصنّعة مثلاً، عجزاً عن ضبط تهريب الأسلحة المفككة لتجميعها لاحقاً، فضلاً عن الذخائر والممنوعات.
نداء الوطن

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

نقولا لنواب المتن الشمالي: مسؤولية المطالبة بالأمن والإنماء تقع عليكم

COSY SUNDAY تضيء ســماء دبي

حادث الـ Lamborghini يوم أمس في بيروت والتي قدر ثمنها بحوالي ال 700 ألف دولار يتفاعل ، بيان وتوضيح من صاحب السيارة !

حنكش: نحن وراء القوى الأمنيّة لإعادة الإستقرار والأمن

رئيس مجلس الجنوب تفقد حجم الدمار في مدينة صور وقرى القضاء

الحرك كرّم المساهمين بمشروع إنارة البترون بحضور باسيل

الخازن يدين جريمة مقتل الأرشمندريت أنانيا كوجانيان ويطالب بتسريع توقيف الفاعلين

جديد صادم بمأساة الطائرة الأميركية في واشنطن.. ما دخل كبار المسؤولين؟