تُقام في جامعة الروح القدس - الكسليك (USEK) اعتباراً من الشهر الجاري دورة تدريبية فريدة من نوعها حول مرض "التصلّب العصبي المتعدّد" (التصلّب اللوَيحي) تمتد عاماً كاملاً، وذلك بالشراكة مع جامعة القديس يوسف (USJ)، والجامعة اللبنانية (UL)، والجامعة اللبنانية - الأميركية (LAU)،

وأعَدَّ برنامج الدورة، اثنان من المتخصّصين المشهورين في "علم الأعصاب": البروفيسور عبدالله رحباني أستاذ في كلية الطب في جامعة الروح القدس الكسليك ومدير المركز المخصص للتصلب المتعدد (SEP) في مستشفى سيدة المعونات الجامعي في جبيل ورئيس قسم الأعصاب في مستشفى الجعيتاوي، والأستاذ الدكتور أيمن طرباه الذي يعمل في قسم الأعصاب في مستشفى ريموند بوانكاريه في جارش (فرنسا) ويدرّس في جامعة فرساي سان كونتين أون إيفلين وفي جامعة باريس ساكلاي.

وفي تحقيق أعدّته صحيفة الـ"أوريان لو جور"، وُلِد هذا الديبلوم الجامعي من الحاجة المتزايدة إلى فهم وعلاج هذه الحالات المعقدة بشكل أفضل، ولا سيما في منطقة تتزايد فيها هذه الحالة، في حين يظل التدريب المتخصص في هذا المجال غير كافٍ.
البروفيسور رحباني قال في هذا السياق: لقد برز لبنان ببُنيته التحتية الطبية المتقدِّمة، كمركز صحي في المنطقة، لكنه كان يفتقر إلى التدريب المتخصص الذي يتكيّف مع واقع مرض التصلب العصبي المتعدد والأمراض المرتبطة به".

"التصلب المتعدد" هو مرض عصبي مزمن يسبّب الالتهاب ونزع الميالين والتنكس العصبي، وهو في كثير من الأحيان غير مفهوم جيدًا ولا يتم تشخيصه بشكل كافٍ. وشهد لبنان على وجه الخصوص، زيادة في عدد الحالات المُشخَّصة.

وهنا أوضح البروفيسور طرباه أنه "تم تصميم برنامج الديبلوم بهدف تحسين خبرة المتخصّصين في مجال الصحة وبالتالي رعاية المرضى".

فرصة فريدة لمتخصصي الرعاية الصحية

وهذا البرنامج الذي تم قبول الطلبات فيه حتى اليوم 15 كانون الثاني الجاري، يُخَصَّص تحديداً لحاملي الشهادات الطبية. ويمكن أيضًا لمهنيي الرعاية الصحية الحاصلين على تدريب أساسي في المجال الطبي (الممرضات ومعالجو إعادة التأهيل وعلماء النفس وغيرهم) المهتمين بالتخصص في إدارة التصلب المتعدّد، التقدّم لمتابعة هذه الوحدة التعليمية. في نهاية هذا التدريب، سيكتسب المشاركون مهارات متقدّمة في التشخيص والعلاج والإدارة متعدّدة التخصّصات ومراقبة المرضى المصابين بالتصلب المتعدّد.

مع التقدّم المحرز في السنوات الأخيرة في مجال علاجات التصلب المتعدد، أصبحت إدارة المرض أكثر تعقيدًا.

وأكد البروفيسور رحباني في هذا السياق أن "الأطباء بحاجة إلى التدريب على العلاجات الجديدة والنهج متعدّد التخصصات وإدارة المضاعفات المصاحِبة للمرض".

وينقسم محتوى البرنامج إلى وحدات نظرية عدة تغطي المواضيع التالية: الفسيولوجيا المرضيّة للتصلب المتعدّد، تشخيص التصلب المتعدّد، العلاج والتقدّم العلاجي، الجوانب النفسية الاجتماعية المتعلقة بالتشخيص، فضلاً عن الأخلاقيات والنهج متعدّد التخصصات في علاج هذه الأمراض.

وقال البروفيسور طرباه في هذا السياق "نفكر أيضًا في وحدات عملية مع الانغماس في ورش العمل والحالات السريرية النموذجية التي تسمح بالمناقشات التشخيصية والعلاجية وإدارة المضاعفات الحادة والتدريب على المساعدة في إعادة التأهيل".

ولا يقتصر التدريب على تقديم المعرفة النظرية من خبراء مشهورين مثل البروفيسور الرحباني والبروفيسور طرباه فحسب، بل يجمع أيضًا بين التعلم التفاعلي وورش العمل العملية.

مصدر فائدة للبنان والمنطقة

في حين تلعب التطورات الطبية دوراً رئيسياً في تحسين الرعاية، تستجيب هذه المبادرة لحاجة ملحّة للخبرة المتخصصة لمساعدة الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدّد والاضطرابات الالتهابيّة. ويعزز هذا التدريب نهجًا متعدّد التخصصات لرعاية المرضى المصابين بالتصلب المتعدّد، من خلال دمج الجوانب الطبية والنفسية والاجتماعية.

وسيتمكن المشاركون في هذا البرنامج من التعرف على أحدث التطورات العلاجية، بما في ذلك العلاجات المتطوّرة والأساليب الشخصية، لتحسين رعاية المرضى. كما سيتم تعزيز مهاراتهم في إدارة الأمراض المصاحِبة ومضاعفات مرض التصلب العصبي المتعدّد.

وأشار البروفيسور طرباه في هذا الإطار، إلى أن "هذه المبادرة تساهم في تدريب الكوادر الصحية المؤهَّلة وإنشاء شبكة من المتخصصين القادرين على تبادل المعرفة على المستوى الإقليمي وتعزيز الممارسات المبنية على الأدلة والإثباتات العلمية".

وفي بلد تتعدّد فيه تحديات الصحة العامة، يشكّل هذا المشروع خطوة إلى الأمام نحو الطب المتخصّص والعالي الجودة في المنطقة. كما أنه يعزّز مكانة لبنان كمركز إقليمي للتميز الأكاديمي والتدريب والرعاية الصحية، حتى في أوقات الأزمات. ويساهم هذا التدريب في تطوير القدرات الطبيّة المحليّة، مع توفير الفرصة للممارسين ليصبحوا متخصّصين في مجال يزدهر فيه البحث والتعاون مع مختلف الجهات الفاعلة في القطاع الطبي.