يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

تكليف نواف سلام وتحويل الأكثرية العددية إلى أكثرية سياسية

Tuesday, January 14, 2025 8:41:31 AM

يتنفس اللبنانيون ملء صدورهم هواء الحرية يوماً بعد يوم، يبدو أن العام 2025 هو عام لبنان.
فبعد التوصل لوقف إطلاق النار وخروج لبنان من المغامرة العبثية التي سميّت خطأً حرب الإسناد نجح لبنان في انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية بعد أكثر من سنتين من الشغور، لتُستكمل بالأمس مسيرة النجاحات بتكليف القاضي نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى. وما بين جلسة انتخاب الرئيس ومجريات اليوم الطويل من الإستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيسة الحكومة تقاطعات لا بد من التوقف عندها.

لقد عبّرت مجريات جلسة انتخاب الرئيس عن اتّجاه واضح لإفشال المساعي الإقليمية والدولية المواكبة لإخراج لبنان من أزمته، بالرغم من نجاح الضغوط الدولية في وضع المعترضين أمام استحقاقات ليس أقلها حجب أموال إعادة الإعمار وعدم تنفيذ إسرائيل للإنسحاب من الجنوب في المهلة المحددة لعدم وجود سلطة سياسية تحظى بثقة المجتمعين العربي والدولي. لقد أثبتت مجريات جلسة الإنتخاب ضآلة النواة الصلبة التي اتّخذت قرارها بملء إرادتها لإنتخاب العماد عون. أما المشهد الفائق السريالية الذي انتهت إليه جلسة الإنتخاب فكان في توصيف خطاب القسم لأزمة لبنان بأزمة حكم وحكّام وفي عدم تطبيق للأنظمة أو في سوء تطبيقها وتفسيرها وصياغتها، أمام كتل سياسية يعلم الجميع أنها المسؤولة مباشرةً عن كل هذا التردي السياسي والفشل الإقتصادي وغياب المحاسبة والرقابة وعزلة لبنان الدولية وانهيار النظام الخدماتي. لقد بدا واضحاً بعد خطاب القسم أن تسمية رئيس الحكومة المكلّف هي الجولة المقبلة للمواجهة مع الوافد الجديد إلى السلطة ومع المجتمعين العربي والدولي.
لا شك أن التحدي الأساسي الذي يعترض تطبيق خطاب القسم يكمن في القدرة على تحويل الأكثرية العددية الهشة التي اقترعت في جلسة انتخاب الرئيس إلى أكثرية سياسية تقف خلفه، وتشكل النواة الصلبة في عملية الإصلاح المنشود وتدعم مسار إعادة تكوين الدولة. لقد اعتاد اللبنانيون مشهداً نمطياً تكرّر في الإنتخابات الرئاسية وفي تشكيل الحكومات بحيث تنفضّ الأكثرية العددية الناخبة عن الرئيس المنتخب أو عن الحكومة بعد منحها الثقة، ليتحول بعد ذلك كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الى الحلقة الأضعف والأقل تأثيراً في صناعة القرار الحكومي، ولتكتسب كل من الكتل النيابية الممّثلة في الحكومة حق النقض تحت عنوان الحفاظ على الميثاقية ومراعاة مبدأ العيش المشترك، وليسقط مع ذلك أهم مبادئ الديمقراطية وهو مبدأ الأكثرية التي تحكم والأقلية التي تعارض.
لقد تجاوز ما حصل بالأمس في اليوم الطويل للإستشارات النيابية الملزمة المشهد النمطي الذي عهده اللبنانيون. أجل انتصرت الديمقراطية باحترام قرار الأكثرية التعددية وتقديمه على ميثاقية مدعاة لا يعقل اختصارها بأقلية نيابية من لون واحد تنتمي إلى حقبة تجاوزتها حقائق ومتغيّرات وأضحت من الماضي، وتغاضت عن مصالح جمهور عريض اعتبرته بيئتها الحاضنة لعقود مضت. لقد مثّلت بالأمس الإستشارات النيابية -التي أدت الى تسمية القاضي نواف سلام بأكثريه وازنة- منازلة ديمقراطية حقيقية ألزم خلالها الرأي العام اللبناني من خلال وسائل متعددة في التعبير الكثير من الكتل النيابية على احترام خياراته.
بدا الأمس ودون أي التباس وكأنه أفول لحقبة من الإملاءات فرضها السلاح غير الشرعي عنوانها إفساد حياة اللبنانيين في السياسة والإقتصاد والأمن وعزل لبنان عن محيطه العربي وعن العالم تحت شعارات وإلزامات الإنتماء الى محور إقليمي قادته طهران. لقد حوّلت الإستشارات النيابية الأكثرية العددية التي اقترعت لرئيس الجمهورية إلى أكثرية سياسية تعبّر بصدق عن خيارات اللبنانيين، بل الى نواة صلبة قادرة على تحصين رئاسة الجمهورية والحكومة المرتقبة بما يعبّر عن نمط من المشاركة السياسية افتقده اللبنانيون لعقود طويلة.
أجل هي ساعة الحقيقة كما قال رئيس الجمهورية في خطاب القسم. ومن حق أبناء لبنان أن يفارقوا البنادق وأصوات الإنفجارات وصرخات الثكالى وجولات من العنف لم يعلموا أصلاً ما هي أسبابها ومتى تنتهي، ومن حقهم أن يحظوا بحكومات مدنية يملأ فيها الرجل المناسب الموقع المناسب، لا حكومات فساد ومحسوبيات وعلاقات وروابط مذهبية وعائلية.
ومن حق اللبنانيين الذين دفعوا من مستقبلهم وحريتهم ضريبة انتمائهم لوطن أضحى تحريره أولويتهم القصوى أن يبادلهم هذا الوطن الوفاء بالوفاء.

اللواء

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

جريمة قتل تهز ضبيّة... سرقة “جي كلاس” واطلاق نار وسقوط قتيل !

بالصور - الجيش اللبناني يباشر تنفيذ خطة تعزيز الوحدات في الجنوب

عن مشاركة الثنائي الشيعي في الاستشارات النيابية غير الملزمة.. هذا ما كُشف

"العدل الدولية" تعلن استقالة نواف سلام من عضويتها

اثناء تسليم زبائنه كمية من المخدرات.. مفرزة استقصاء بيروت توقفه

إليكم مواعيد "استشارات التأليف" في مجلس النواب

لغاية هذا التاريخ.. لا تسلكوا شارع جاندارك - الحمرا

الحلو: نتمنى تشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة السياسية