يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

معركة النفوذ.. روسيا تركز جهودها على أفريقيا بعد سوريا

Tuesday, December 17, 2024 11:50:17 AM

في عالم متعدد الأقطاب يروّج له الكرملين في مواجهة الغرب، حاولت روسيا فرض نفسها كشريك لا غنى عنه للدول الأفريقية والعربية وتحديدًا سوريا على مدار سنوات ماضية، واعدة بتقديم دعم كامل لها.


وعملت روسيا على إعادة نفوذها في دول القارة السمراء، خاصةً أنها كانت لاعبًا رئيسًا في أفريقيا خلال الحقبة السوفيتية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدث إلى كبار مسؤولي خمسين دولة أفريقية في سوتشي، قائلًا: "بلادنا ستواصل تقديم دعمها الكامل لأصدقائنا الأفارقة في مجالات مختلفة"، وأعرب خلال القمة التي استضافتها روسيا في العام الماضي، عن أمله في تعزيز العلاقات الروسية الأفريقية بمجملها.


وبعد أن خرجت الشعوب الأفريقية سابقًا في تظاهرات تحتفي بالإنجاز الروسي في فرض الأمن والمطالبة بالتحالف مع روسيا وطرد فرنسا، قد يتحول النفوذ الروسي في القارة السمراء إلى مصدر تهديد للعديد من دول القارة السمراء التي تعتمد على موسكو خاصة بعد انهيار نظام الأسد في سوريا وتهديد الوجود الروسي في سوريا ممثلًا تحديدًا في قاعدة حميميم.

انهيار سريع
وقبل أيام، كشف تقرير لوكالة "بلومبرغ" للأنباء أن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يهدد قاعدة حميميم الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم روسيا قاعدتها العسكرية في سوريا لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، التي شهدت انقلابات مؤخرًا، وقطعت علاقاتها مع الغرب، وهو ما يُمكّن موسكو من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة.

وسمحت قاعدتا حميميم الجوية وطرطوس البحرية في سوريا، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية، بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذ موسكو العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

ومع خسائر روسيا في سوريا وأفريقيا، وما تواجهه من تحديات في الحفاظ على نفوذها العالمي، تُثار تساؤلات حول انسحابها الكامل وفتح المجال أمام الغرب، وما إذا كان هذا السقوط المدوي في دول الساحل التي تعتمد على الفيلق الروسي سيؤدي إلى مراجعة خطط الكرملين.

كر وفر
تعليقًا على هذه التساؤلات، قال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود الأفندي، إن تعزيز النفوذ الروسي والغربي داخل سوريا وأفريقيا بمثابة معركة كر وفر، فقد تخسر روسيا جولة وفي المقابل يفوز الغرب بقيادة الولايات المتحدة، والعكس صحيح.

وأضاف الأفندي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هناك حربًا الآن على النفوذ في جورجيا، والغرب يحاول الانقلاب على الحكومة هناك بسبب موالاتها لروسيا، والشيء نفسه تفعله روسيا إذ حاولت إزالة رئيس كوريا الجنوبية، وهذا من مصلحتها.

وأشار إلى أن صراع النفوذ أيضًا بين روسيا والغرب امتد للاتحاد الأوروبي، واتضح ذلك في رومانيا، إذ جرى انتخاب الرئيس الروماني المرشح القومي "كالين جورجيسكو"، المدعوم من روسيا، ورأينا كيف أن الأوربيين لم يعترفوا بنتائج الانتخابات، وأن المحكمة الدستورية الرومانية جمدت نتائج تلك الانتخابات بتهمة أنها ممولة من الخارج.

وأضاف الأفندي أن حرب النفوذ بين روسيا والغرب مستمرة، وبالنسبة لأفريقيا فإن روسيا موجودة بقوة وقد تخسر بعض المناطق لكنها تواصل دعم مصالحها وحلفائها هناك، كما جرى في السودان، ودعمها لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان.

وكشف أن هناك احتمالات لإقامة قاعدة بحرية روسية في بورتسودان، كما أن موسكو تجهز الآن لقوات كبيرة ستقوم بإرسالها إلى ليبيا لدعم المشير خليفة حفتر.

وذكر الأفندي أن خريطة النفوذ بين روسيا والغرب لم تتضح معالمها بشكل كامل حتى الآن، في ظل استمرار الصراع الجيوسياسي بين روسيا والغرب، ومع انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية سوف تتضح معالم خريطة النفوذ.

وقال إن روسيا ستحاول تعويض خسارة نفوذها في سوريا بمناطق أخرى، كما أنها سوف تتعاون مع الحكومة الجديدة في سوريا للحفاظ على قواعدها العسكرية.

وخلص الأفندي إلى أن روسيا ستعزز نفوذها في السودان وليبيا لضمان وجودها في البحرين الأحمر والمتوسط، بالإضافة إلى محاولات روسيا لكسب دول عربية رغم خسارة نفوذها في سوريا.

تقليص الدور الروسي
ومن ناحيته، قال مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إبراهيم كابان، إن هناك إستراتيجية غربية أمريكية لتقليص الدور الروسي، وإن لدى الغرب أدوات وتكتيكات كثيرًا ما تنجح، وذلك منذ أيام الحرب الباردة، حيث أدخلت الاتحاد السوفيتي في مقاصة الضغوطات حتى سقط.

وأكد كابان في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن اقتصاد روسيا الآن لا يتجاوز حجم اقتصاد دولتين من أوروبا، مثل إيطاليا وإسبانيا، وإن كانت روسيا مركزًا لصناعة الأسلحة.

وأضاف أن القطيعة الأوروبية الأمريكية لروسيا من مدخل أوكرانيا كانت ضربة كبيرة للاقتصاد الروسي، حيث تحولت أوكرانيا إلى "مستنقع حقيقي"، وفق وصفه.

وأوضح كابان أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت تعاظم النفوذ الروسي في أفريقيا وساعدها على ذلك الانقلابات العسكرية.

وأكد أنه عمليًّا يتم الآن تحجيم الدور الروسي في أفريقيا. وروسيا لا تستطيع أن تقاوم من أجل البقاء، لافتًا إلى أن روسيا تواجه قوة اقتصادية ضخمة جدًّا وهي الغرب بقيادة أمريكا، حيث تتحكم هذه القوة في البنك الدولي وصندوق النقد والأمم المتحدة وخبايا الاقتصاد الدولي بمنظماته.

واعتبر كابان أن السنوات القادمة ستكون صعبة على روسيا وقال: "رأينا في سوريا كيف قلص الغرب الدور الروسي وكانت 10 أيام كفيلة بذلك، وكل ما استثمرته روسيا في 10 سنوات انهار في 10 أيام تقريبًا على يد الغرب وأمريكا".

تحديات كبيرة
في السياق، قال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الأوروبية، كايد عمر، إن روسيا تواجه تحديات كبيرة وصعبة في أفريقيا وخاصة بعد ما جرى في سوريا من تراجع للدور الروسي.

وأكد أن هناك منافسة شديدة للغاية بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، على القارة الأفريقية.

وأوضح في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن هناك الكثير من الأموال التي تنفق من الأوروبين وأمريكا والصين وروسيا في هذا الصراع للاستحواذ على الاقتصاد الأفريقي والنفوذ داخل أفريقيا، خاصةً أن هناك مكاسب للصين والولايات المتحدة وسنشهد المزيد منها بمجيء دونالد ترامب إلى سدة الحكم في واشنطن.



وأكد عمر أن الدول الأوروبية تسعى لفرض المزيد من النفوذ، كما أن روسيا ستسعى لتقوية نفوذها في غرب أفريقيا.

وأشار إلى أن روسيا تصب التركيز على إنهاء الحرب في أوكرانيا، وأن ما حدث في سوريا يعتبر تراجعًا للدور الروسي، بينما تحاول الحفاظ على قواعدها العسكرية وتتواصل مع القيادة الجديدة في سوريا للحفاظ على الدور الروسي هناك، ما يعد تحديات كبيرة لها.

ارم نيوز

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

دخلوا "قبر يوسف" خلسة.. هذا ما حصل مع 20 إسرائيليا في نابلس

زيلينسكي: ليس لدينا القوة القدرة على استرجاع دونباس والقرم

إقلاع أول طائرة منذ سقوط الأسد من دمشق إلى حلب

كنوز عثمانية ووثائق سرية.. من يحمي "بنك الخرائط" في قلب دمشق؟

روسيا: اعتقال منفذ عملية اغتيال كيريلوف

هزات ارتدادية قد تفجّر سجون لبنان… والأسير إلى الحرّية قريباً؟

دينٌ بـ 50 مليار دولار بين إيران وسوريا... وثيقة سريّة "تكشف"!

في سوريا ولبنان.. تفاصيل استعداد إسرائيل لـ"عملية الشتاء"