كتبت ماري ناصيف - الدبس في "اللبنانية"


من شاهد برنامج "احمر بالخط العريض"، مساء أمس الاربعاء؟
من اطلع على التجارب المختلفة المرعبة لطفلات لم تتعدى أعمارهن الثانية عشرة... منهن من حاولت الانتحار ثلاث مرات، ومنهن من جرى تزويجها لتكون جارية في بيت الزوج..
كلهن اخرجن من المدرسة وانتقلن من لهو الطفولة ليذهبن " إلى "بيت الطاعة" وليعشن كابوسا ورعبا دائمين، عبر الضرب والاهانات... ومنهن من تستعد لدخول زنزانة القهر والعذاب.
كل ذلك نتيجة لماذا؟
نتيجة الجهل، اولا، حيث يطبق الاهل - والامهات على وجه الخصوص- على بناتهم ما تعرضوا له او عاشوه من ازمات، بحجة "السترة" وتفادي الانزلاق في "الخطيئة"... تماشيا مع تقاليد بالية اكل الدهر عليها وشرب.
اما دور الدولة في هذا المجال فاساسي كونها تنازلت عن حقها في متابعة احوال مواطنيها الشخصية لمجموعات من المفترض انهم دونها مسؤولية... هذا إلى جانب عدم احترام الحكومات المتعاقبة للقوانين التي تصدر عنها او الاتفاقيات الدولية التي تبرمها ( والتي تعتبر اسمى من الدستور)... والا كيف نفسر إبرام الدولة اتفاقية حقوق الطفل وبنفس الوقت السماح بتزويج عشرات آلاف الطفلات؟ او كيف نفسر ان يقر التعليم الإلزامي حتى نهاية مرحلة التعليم الأساس، وبنفس الوقت ان تسحب عشرات آلاف الطفلات من المدارس ليتحولن إلى وقود لعادات بالية و جائرة ذهبت بحياة البعض منهن وهن يلدن الطفل الاول... هذا، عدا عن العذاب النفسي والقهر الاجتماعي والمشاكل الصحية... وما أكثرها.
لأجل الطفلات المعذبات أطلقنا حملتنا "لا لزواج القاصرات". ولاجلهن رفعنا الصوت عاليا فتلقفه اليوم مالك مكتبي مشكورا... ولاجلهن ايضا وأيضا نأمل ان ينتقل الصوت إلى كل وسائل الاعلام في لبنان والعالم العربي، بحيث نستطيع منع هذه الجريمة البشعة والمستنكرة.
وسنستطيع.