يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

في بلد الديمقراطيات

Thursday, January 7, 2021 11:28:09 AM

كتب الدكتور أحمد سامي شريف في "اللبنانية"

وصلتنا أخبار أمس عن قيام جمهور ترامب باقتحام مبنى الكونجرس في بلد الديمقراطيات في العالم وذلك احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أطاحت بالرئيس ترامب. وللتوضيح، فهؤلاء المحتجون قاموا بأفعالهم المخزية وهم يحملون الأعلام الأميركية وهم على قناعة تامة أنهم يدافعون عن قيم أميركا.

أنا شخصيا لم أتفاجأ من المشهد بل كنت متخوفا من حصول أعمال شغب أخرى قد تستمر لفترة من الزمن بعد تولي الرئيس المنتخب بايدن رئاسة الولايات المتحدة. وأما سبب توقعي لما حصل فهو الحالة الشعبوية البغيضة التي خلقها ترامب في أميركا منذ العام ٢٠١٥ إبان حملته الإنتخابية الأولى. فلقد كان خطابه السياسي يعتمد فقط على إثارة النعرات وتهييج المشاعر القومية او الإثنية أو الدينية مما أيقظ في نفوس مناصريه روحا شعبوية مع ما يرافق هذه الروح من همجية في التفكير والفعل تقوم على تخوين الطرف الآخر واحتكار الوطنية والبطولة للذات. إن تخوين الآخر هو ما دفع هؤلاء المحتجين لاقتحام الكونجرس.

الشعبوية منهج العديد من السياسيين وخاصة في البلدان التي تفتفر للديمقراطيات. فالشعبوية تمهد لتبني المحظورات والإنقلاب على القيم تماما كما هو الحال عند تبني قانون الطوارئ. كل ذلك تحت غطاء التضحيات من أجل "القضية الكبرى". فالقضية الكبرى التي تستر تحتها الشعبويون في منطقة الشرق الأوسط هي القضية الفلسطينية والتي استخدمت لخلق دكتاتوريات وأنظمة أمنية. أما "القضية الكبرى" التي استخدمها ترامب شعبويا فهي الحفاظ على أميركا من خطر الجميع أي خطر الحزب الديمقراطي والرؤساء السابقون والمهاجرون والسود واللاتينيون والمسلمون وكذلك حلفاء أميركا الأوروبيون والناتو. لقد شيطن ترامب كل مل هو مختلف عنه وعن جمهوره فهبوا في الأمس "للدفاع عن أميركا" كما يظنون.

إن التحول في أميركا لم يبدأ في الأمس بل بدأ منذ تولى ترامب رئاسة أميركا. ولحس حظ العالم أنه كان هناك أصواتا من داخل أميركا تندد بسياسات ترامب ومنهجه منذ بداية عهده. تلك الأصوات استشعرت خطورة خطاب ترامب السياسي ومنهجه وكيف أن هذا الخطاب سيخرب الداخل الأميركي أولا ثم العالم. وما حصل في الأمس يجب أن يكون درسا لكل من تفاءلوا خيرا بهذا المعتوه الذي كان وصمة عار في تاريخ الولايات المتحدة. وأتوقع أن أضرار ترامب لن تتوقف مع خروجه من البيت الأبيض. فجمهوره المعتوه قد يستمر في أعمال شغب لشعورهم بالغبن. وإن حصل هذا الأمر فستتحول الولايات المتحدة الى دولة أمنية لا قدر الله مما سيغير الوجه الناصع لهذا البلد.

وبدأت أسمع تعليقات على ما حصل في أميركا أمس من بعض التيارات في العالم العربي ولبنان. ويا لسخرية القدر. فالشماتون بأميركا غارقون بالشعبوية البغيضة العمياء وهم آخر من يحق له أن يتجرأ في السخرية والإنتقاد لأن المثل الشعبي يقول: لو الجمل يشوف حردبته، كان وقع وفك رقبته.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟