بقلم كمال ذبيان - الديار

قبل 8 سنوات صدر قانون للاحزاب في سوريا، التي كانت بدأت تشهد تحركاً لما يسمى «الربيع العربي»، والمطالبة باحداث تغييرات في النظام السياسي، واجراء تعديلات في الدستور، وتجاوبت القيادة السورية مع مطالب اصلاحية ومنها ما يتعلق بالمادة 8 من الدستور التي تنص على ان حزب البعث هو الحزب القائد للامة والمجتمع، فجرى تعديل عليها، وتم السماح بتعددية حزبية، وان كانت موجودة من ضمن احزاب حليفة لحزب البعث، ومشاركة في الجبهة الوطنية التقدمية، ولكن التعديل اكد على أن كل حزب او تيار، يتقدم للحصول على ترخيص، اشترط عليه ان لا تكون قيادته خارج سوريا.
ومع قانون الاحزاب الجديد، تقدم الحزب القومي في سوريا، بطلب ترخيص باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي في الجمهورية العربية السورية، الذي كان سبق وتمت الموافقة، من القيادة السورية، على ان يكون عفواً مراقباً في «الجبهة الوطنية التقدمية»، عام 2001 ومثله عصام المحايري وعندما جرى تعديل للدستور، جاءت الموافقة بالترخيص للحزب برئاسة المحايري، مع تعديل حصل على دستور الحزب، ليتوافق مع قانون الاحزاب بأن تصبح رئاسته امانة عامة ورئيسه الامين العام للحزب، وبات يعرف بالحزب القومي - الامانة العامة، لتمييزه عن الحزب - المركز، والحزب الثالث الذي يرأسه الدكتور علي حيدر، ويعمل دون ترخيص وما زال، وسمي وزيراً للمصالحة، في احدى الحكومات كأحد تيارات المعارضة السورية في الداخل، من ضمن «الجبهة الوطنية للتغيير» بقيادة قدري جميل الذي عُين وزيراً للاقتصاد، ثم استقال وغادر سوريا الى روسيا.
فالترخيص الذي حصل عليه المحايري، لم يحظ بتأييد قيادة الحزب في بيروت، فتم الاعتراض عليه، وتم تعيين وزير له في الحكومة هو جوزف سويد (وزير المغتربين)، وحصل على عدد من المقاعد النيابية، وتمثيل بالجبهة الوطنية التقدمية، حيث لاقى دعماً من رجل الاعمال رامي مخلوف، الذي يتحدر من عائلة قومية اجتماعية، ولها جذور في الساحل السوري، وبرز منها شخصيات في الحزب، كبديع مخلوف، والفنان سعيد مخلوف، اضافة الى السيدة انيسة مخلوف زوجة الرئيس الراحل حافظ الاسد، ووالدة الرئيس الحالي الدكتور بشار الاسد، وهي شقيقة محمد مخلوف والد رامي، وعمته، والرئيس السوري ابن خاله، وقد ساهم رامي في تأمين الدعم المالي، لتنظيم الحزب القومي - الامانة العامة الذي حقق انتشاراً واسعاً في غالبية المحافظات السورية، لا سيما في السويداء، وحماه والساحل السوري، كما في دير الزور والحسكة وحلب، بالرغم من الاحداث الدموية في سوريا، وفق مصادر قومية اجتماعية مطلعة على الوضع.
وبعد سنوات ثمانية من عمل الحزب - الامانة العامة، والذي بلغ عدد الاعضاء المنتمين له حوالى 6 الاف، غالبيتهم من الشباب، تقدمت لجنة شؤون الاحزاب برئاسة وزير الداخلية السوري، بدعوى الى القضاء السوري، قبل نحو شهرين عن وجود حزبين باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي، وانه لا يحق للحزب - الامانة العامة بالترخيص، واستند في الدعوى الى كتاب وجهه صفوان سلمان، ممثل الحزب - المركز (بيروت) في الجبهة، بأن الاحقية في الترخيص هي لحزبه، الموجود في الجبهة التي اخرج منها الحزب - الامانة العامة قبل اكثرمن عامين، وفق ما تشير المصادر التي ترى بأن ما حصل، تزامن والخلاف الدائر بين اطراف في النظام السوري ورامي مخلوف، فدفع الثمن القوميون الاجتماعيون في تنظيم الامانة العامة.
وكان مركز الحزب في الروشة، اعتبر ما اقدم عليه المحايري بنيل ترخيص للحزب في الشام، مخالف للعقيدة ودستور الحزب الذي تنص المادة الخامسة منه، على ان نظامه مركزي تسلسلي، اضافة الى انه في هذا الترخيص، يتحول الى حزب كياني، ويوافق على تقسيم الامة وفق اتفاقية سايكس ـ بيكو عام 1916، حيث دار سجال حول هذا الموضوع، بين المركز في بيروت والمحايري في سوريا، والذي شغل منصب اول امين عام للحزب، بعد ان اقيل من منصبه كرئىس للمكتب السياسي، وقد قرأت مصادر قومية، بان القراربترخيص للحزب ـ الامانة في سوريا ثم حله، هو قرار سياسي، وليس بالقانون، وهو ما حصل.
وكيف ستتعاطى القيادة في حزب ـ الامانة العامة، بعد صدور القرار القضائي عن محكمة الاستئناف المدنية الاولى بدمشق، والذي تبلغه المحامي نجم الدين شمدين، وهو عميد القضاء في الحزب، يوم 9 تشرين الاول الحالي، فيقول الامين العام الحالي الياس شاهين لـ«الديار»، بأنه سيتم الالتزام بالقانون، وان القرار مبرم ونهائي وغير قابل للاستئناف، ونحن الذين التزمنا بالقانون، لا نخرج عليه.
ولم تتم عملية تسليم المراكز والمقرات، بعد قرار الحل، يقول شاهين الذي يكشف، عن ان المجلس الاعلى في الحزب هو الذي يقرر التوجه، ويضع الالية لتنفيذ قرار الحل.
ولا يتوقع الامين العام الحالي للحزب في سوريا، ما سيحصل في المرحلة المقبلة، التي سيدرسها المجلس الاعلى، وان قرار الحل، لا يعني انه لحساب حزب آخر، وانتقال القيادة والاعضاء اليه، بل هو اجراء حصل، وسنتابع تداعياته يقول شاهين الذي يكشف عن ان لا اتصال ولا تواصل مع مركز الحزب في بيروت.
ويبدو من المعلومات المستقاة من قياديين في الحزب ـ الامانة العامة، واعضاء فيه، بان التوجه في المرحلة الاولى، هي للعمل الحزبي غير العلني، والبقاء في المنازل، ريثما تتبلور الصورة اكثر، ويمكن وصف الوضع بعد قرار حل الحزب ـ الامانة، بانها مرحلة ترقب وانتظار، ودراسة الاحتمالات.
فالحزب المحلول، يحمل المبادىء نفسها والدستور نفسه، الا ما طرأ عليه من تعديل لجهة الغاء رتبة الامانة، وحصول انتخابات من القوميين كمصدر للسلطات مع شروط تسمح لكل منتم الى الحزب الانتخاب، مع شرط المدة للترشح، حيث يكشف شاهين عن اعادة تصنيف مواد الدستور بمواده، ووفق ابواب جديدة على اساس تقني، وصدور مراسيم دستورية، وهذا لم يحصل في تاريخ الحزب، اضافة الى ان ثلاثة مؤتمرات عقدت للحزب، وتم فيها انتخاب قيادة له، وتداول على السلطة، كل من المحايري وجوزف سويد وشاهين.
ومع قرارحل الحزب ـ الامانة العامة، فان قيادة الحزب ـ الروشة، سبق لها، واجرت انتخابات في سوريا، وانتخب صفوان سلمان اميناً عاماً، وبقي عضواً في المجلس الاعلى ورئىساً للمكتب السياسي في الشام، وهو ما يخالف قانون الاحزاب، كما دستور الحزب، الذي سبق وللحزب ـ المركز، ان اعترض على المحايري لنيله ترخيصاً باسم حزب مستقل في الشام، لكن القرار السياسي اقوى من القانون.
واعلن عميد الداخلية الدكتور معتز رعدية لـ«الديار»، بان المركز يدرس ما جرى من حل لحزب ـ الامانة، وكيف سيتعاطى مع الموضوع، وان التوجه هو لاستيعاب، من يريد ان يعود الى الحزب.