يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

عون لقاليباف: لبنان تعب من حروب الآخرين…

Monday, February 24, 2025 7:25:15 AM

طوفان بشري مليوني كان في وداع الأمين العام لـ»حزب الله» الشهيد السيد حسن نصرالله وخليفته الشهيد السيد هاشم صفي الدين إلى مثواهما الأخير، وملأ مدينة كميل شمعون الرياضية وجوارها والطرق المؤدية إليها في بيروت، كما غصّت به أحياء الضاحية الجنوبية لبيروت وشوارعها، ولم يعكّره تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي مرّتين وعلى علو مخفوض فوق مكان التشييع والمشيّعين، الذين لم يهلعوا وراحوا يهتفون «الموت لأميركا» و»الموت لإسرائيل»، في الوقت الذي كان يتحدث الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، محدداً خياراته الداخلية وعلى مستوى المقاومة.

وكان الطوفان البشري بدأ يتعاظم منذ السبت وسط إجراءات أمنية وعسكرية مشدّدة اتخذها الجيش اللبناني ومختلف الأجهزة الأمنية، ليبلغ ذروته قبل التشييع الذي بدأ عند الأولى بعد الظهر لينتهي في السابعة والنص مساءً بمواراة السيد نصرالله في الثرى في محلة برج البراجنة، على أن يوارى السيد صفي الدين في مسقط رأسه دير قانون النهر في الجنوب اليوم.

وقد حضرت التشييع وفود من 80 دولة أبرزها وفد إيراني رفيع المستوى ضمّ رئيس مجلس الشورى (البرلمان) محمد باقر قاليباف، ووزير الخارجية عباس عراقجي اللذين وصلا في طائرة إيرانية.

خيارات الحزب

وخلال التشييع تحدث الشيخ نعيم قاسم عبر الشاشة، فعدّد مزايا «سيد شهداء الأمة السيد حسن نصرالله وصفيّه السيد هاشم صفي الدين». وخاطب المحتشدين قائلاً: «أنتم الشعب الوفي، أنتم الشعب المعطاء، أنتم الشعب الذي يستمر». وتحدث قاسم في أربع نقاط فقال: «واجهنا معركة الإسناد، إسناد غزة، هو جزءٌ من إيماننا بتحرير فلسطين، وخطّط الإسرائيلي ليخوض حرباً على لبنان بعد أربعة أيام في 11 تشرين الأول، وهو حتى لو لم يخض هذه الحرب لاحقاً، كانت له نية أن يخوض حرباً على لبنان في يومٍ من الأيام، لأنّه لا يتحمّل هذه المقاومة العظيمة، واجهنا الكيان الإسرائيلي ومن وراءه الطاغوت الأكبر أميركا، التي حشدت كل إمكاناتها من أجل أن تُواجه غزة وفلسطين ولبنان واليمن والعراق وإيران، أي محور المقاومة».

وأضاف: «وافقنا على طلب العدو وقف إطلاق النار، لأنّ لا مصلحة للمقاومة ولبنان باستمرار القتال غير التناسبي وتحقيق الأضرار من دون أُفق سياسي ولا ميداني، يعني خلص صار كل أمر سيحصل هو عبارة عن قتل وقتال من دون تقدّم ميداني ولا تقدّم سياسي(…) نحن الآن أصبحنا في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وأساليبها وطريقة التعامل معها. أبرز خطوة اتخذناها أن تتحمّل الدولة مسؤوليتها، بعد أن منعت المقاومة العدو من أن يجتاح أو أن يُحقق أهدافه، يعني أننا أنجزنا القسم الأول ثم جاء القسم الثاني الذي هو مسؤولية الدولة، إلتزمنا ولم تلتزم إسرائيل ولن تلتزم إسرائيل، صبرنا لإعطاء الفرصة لانسحاب إسرائيل بالاتفاق والديبلوماسية، ولم نخرق كي لا نتساوى معهم، اليوم بعد انتهاء مهلة الإتفاق في الانسحاب الإسرائيلي، لم نعد أمام خروقات إسرائيلية، أصبحنا أمام احتلال وعدوان، اسمه نقطة، اسمه خمس نقاط، هذا احتلال وعدوان، القصف على الداخل اللبناني مهما كانت المبررات اسمه عدوان، لا تستطيع إسرائيل أن تستمر باحتلالها وعدوانها، اعلموا أنّ المقاومة موجودة وقوية عدداً وعدةً وشعباً، ونحن نُؤمن أنّ النصر النهائي حتميٌ كنصرٍ مطلق، يتأخّر لأنّ القلة هي التي تُواجه ولو واجه الجميع لِتغيّرت المعادلة».

وأكّد قاسم انّ «المقاومة لم تنتهِ، المقاومة مستمرة بِحضورها وجهوزيتها، المقاومة إيمانٌ وحق، لا يستطيع أحد أن ينزع هذا الإيمان، ولا يُمكن لأحد أن يسلبنا هذا الحق، كيف ونحن نُؤمن أنّ المقاومة إيمانٌ وواجب، ليست حقاً فقط». وقال: «سنمارس العمل المقاوم بالأساليب والطرق والتوقيت انسجاماً مع المرحلة وتقدير القيادة، ليس معنى استمرار المقاومة أنّه في كل يوم سوف نردّ وأنّه في كل يوم سوف نُطلق النار، كلا، بِخيارنا نُطلق متى نرى مناسباً ونصبر متى نرى مناسباً، لكن المقاومة موجودة، لا نقبل في لبنان أن تتحكّم أميركا الطاغية بِبلدنا، ماذا قالت أميركا لِإسرائيل؟ قالت لها: لنتوقف طالما لا تستطيعون أن تتقدّموا مترين إلى الأمام، ونحن إن شاء الله بالسياسة نستطيع أن نُؤثر على الداخل اللبناني، ونأخذ لكم بالسياسة الذي لم تأخذوه بالحرب، «فشر» لن تأخذوا بالسياسة الذي لم تأخذوه بالحرب، واعلموا أنتم أيها الأميركيون إذا كنا ساكتين الآن، وإذا كنتم تتحركون بِحرّية بِطريقة سيئة، وتُحاولون الضغط على المسؤولين وعلى لبنان، لن تتمكنوا من تحقيق أهدافكم لأنّ المسؤولين في لبنان يعرفون توازن القوى، ويعرفون حقوق الشعب، ويعرفون أنّ هذه القوى المختلفة هي ممثلة لِهذا الشعب، لذلك أنصحكم بأن تكفوا عن هذه المؤامرات. لا تفكروا أنّ صبرنا وحكمتنا بالأولويات قد ضعفت، فالمسار طويل ونحن لها، لن نخضع، ولن نقبل باستمرار قتلنا واحتلالنا ونحن نتفرج، ولا يُمكن لِأحد أن يطلب منا بأن ننكشف وأن نُقدّم ما لدينا من قوة لِيتحكّم بِنا العدو».


وتوجّه إلى من سمّاهم «دعاة السيادة» قائلاً: «استيقظوا، ماذا فعلتم في فرصة الاتفاق؟ ماذا تفعلون الآن؟ لا نسمع منكم كلمة ضدّ إسرائيل، لا نسمع منكم كلمة ضدّ أميركا، كيف تكون السيادة مع هذا الاحتلال المستمر؟ ومع هذا التدخّل الأميركي؟ والله لو اجتمع طواغيت العالم بأسرهم لِقتلنا أو إذلالنا سوف نُواجههم حتى النصر أو الشهادة». وحدّد قاسم ثوابت الحزب في المرحلة الجديدة ولخّصها بالآتي:

«أولاً: المقاومة أساس، وهي خيارنا الإيماني والسياسي ما دام الاحتلال موجوداً وما دام خطره موجوداً. نُمارس حقنا في المقاومة بحسب تقديرنا للمصلحة وبحسب الظروف، وسنتابع تحرك الدولة لِطرد الاحتلال ديبلوماسياً، ونَبني بعد ذلك على النتائج. ونُناقش لاحقاً استفادة لبنان من قوته عند مناقشة الإستراتيجية الدفاعية.

ثانياً: فلسطين حق وهي بوصلتنا، ندعم تحريرها وسنواصل مشروع ترامب التهجيري مع كل القوى الحيّة في المنطقة، الشهداء الكثر والجرحى، 160 ألف شهيد وجريح في غزة وجريحة وشهيدة، هؤلاء هم الثمن الحقيقي لاستمرار العزة ومن أجل أن نُكمل الراية ونستمر على العهد.

ثالثاً: سنشارك في بناء الدولة القوية والعادلة، ونُساهم في نهضتها على قاعدة المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وتحت سقف اتفاق الطائف، ضمن ثلاث ركائز أساسية:

أولاً: إخراج المحتل وإعادة الأسرى.

ثانياً: إعادة الإعمار والترميم والبنى التحتية كإلتزام أساسي لهذه الدولة ونحن معها.

ثالثاً: إقرار خطة الإنقاذ والنهضة الاقتصادية والمالية والإدارية والقضائية والإجتماعية بأسرع وقت.

رابعاً: نحن حريصون على مشاركة الجميع في بناء الدولة، وحريصون على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وأقول لكم: بالنسبة إلينا، لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن من أبنائه».

وشدّد قاسم على التحالف القائم بين «حزب الله» ومع حركة «أمل»، وقال: «هذا التحالف تَعمّد بالدم والتضحية والعطاءات والمقاومة والمواجهة، لا تُفكروا أن تلعبوا بيننا، فإننا واحدٌ في الموقف وواحدٌ في الخيارات وواحدٌ في السياسة، وسنبقى معاً إن شاء الله لِعزتنا وعزة لبنان وعزة الأمة». واضاف: «نُؤمن بِدور الجيش الكبير للدفاع عن السيادة والأمن. وللرؤوس الحامية أقول لهم: في الداخل اللبناني لا يوجد رابح ولا يوجد خاسر، لأنّ النتائج كلها مرتبطة بإسرائيل، فَلنتنافس لِخير البلد والناس، هذا أفضل لنا جميعاً».



الموقف الإسرائيلي



وفي ضوء تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي فوق المشيعين، وأثناء إلقاء قاسم كلمته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إنّ «الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تحلّق فوق بيروت خلال جنازة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ترسل رسالة واضحة وهي من يهدّد ويهاجم إسرائيل سيكون مصيره الموت».



وأعلن الجيش الإسرائيلي عبر حسابه على منصة «إكس»: «اليوم (أمس) هو يوم جنازة حسن نصرالله. اليوم أصبح العالم مكاناً أفضل».



وفي سياق متصل، رأى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، أنّ مشاهد جنازة نصرالله «تعكس مفترق الطرق الذي يواجهه لبنان»، معتبرًا «أنّ لبنان إما أن يبقى تحت الاحتلال الإيراني ممثلًا بـ»حزب الله»، أو يسلك طريق التحرر واستعادة حريته».



وفي غضون ذلك، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «أنّ إسرائيل تخوض حربًا ضارية على سبع جبهات ضدّ من يسعون إلى القضاء عليها». وأشار إلى استعداد الجيش الإسرائيلي للعودة إلى أعلى مستويات القتال في أي لحظة، لافتًا إلى أنّ قواته «تمكنت من تفكيك منظومات عسكرية بُنيت بدعم إيراني على مدى عقود». وأشار إلى أنّ قواته ستظل متمركزة في مواقع لبنانية مشرفة على عدد من المناطق الإسرائيلية، قائلًا: «ننتظر من الجيش والحكومة في لبنان تنفيذ التزاماتهم بموجب الاتفاق»، مشدّدًا على أنّ حكومته «لن تتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا».





وكرّر نتنياهو تأكيد رفض إسرائيل السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، مشيرًا إلى أنّ الجيش الإسرائيلي وجّه ضربات واسعة لما وصفه بـ»محور الشرّ الإيراني»، وهو ما لاقى، بحسبه، «دعمًا دوليًا». ولفت إلى أنّه كان قد أعلن في تشرين الأول الماضي أنّ إسرائيل ستغيّر وجه الشرق الأوسط، وهو ما يجري حاليًا، على حدّ قوله.



الوفد الإيراني



من جهة ثانية، جال الوفد الإيراني برئاسة قاليباف على كل من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام.



ونقل قاليباف إلى عون تحيات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ودعوة منه إلى زيارة رسمية لإيران، وهنأه بانتخابه رئيساً للجمهورية، ثم تحدث عن العلاقات اللبنانية – الإيرانية وضرورة تطويرها في المجالات كافة. وشدّد قاليباف على «وحدة الأراضي اللبنانية وسلامتها وسيادة الدولة عليها»، مبدياً «استعداد بلاده في المشاركة مع دول عربية وإسلامية في إعادة اعمار ما هدّمه العدوان الإسرائيلي على لبنان»، ومؤكّداً انّ «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترغب في رؤية لبنان بلداً مستقراً وآمناً ومزدهراً»، مشيراً إلى انّ «بلاده تدعم أي قرار يتخذه لبنان بعيداً عن أي تدخّل خارجي في شؤونه».





حروب الآخرين



ورحّب الرئيس عون بقاليباف والوفد المرافق، لافتاً إلى انّه «على مدى عقود طويلة، خسر لبنان زعامات كبيرة، وخلال العدوان الإسرائيلي الأخير، سقط شهداء دفاعاً عن وحدة لبنان واستقراره». وقال: «لقد تعب لبنان من حروب الآخرين على أرضه، وأوافقكم الرأي بعدم تدخّل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأفضل مواجهة لأي خسارة او عدوان، هي وحدة اللبنانيين. ونشارككم في ما أشار اليه الدستور الإيراني في مادته التاسعة التي تؤكّد على انّ «حرّية البلاد واستقلالها ووحدة أراضيها وسلامتها، هي أمور غير قابلة للتجزئة»، كما تؤكّد على انّه «تتحمّل الحكومة وجميع أفراد الشعب مسؤولية المحافظة عليها، ولا يحق لأي فرد او مجموعة او أي مسؤول أن يُلحق أدنى ضرر بالاستقلال السياسي او الثقافي او الاقتصادي او العسكري للبلاد، او ان ينال من وحدة أراضي البلاد بحجة ممارسة الحرّية». ونوّه بما صدر عن قمّة الرياض الأخيرة والتي شاركت فيها إيران، لاسيما «تأكيد حل الدولتين بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، وعلى انّ السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للفلسطينيين».



وقال الرئيس عون انّ «لبنان دفع ثمناً كبيراً دفاعاً عن القضية الفلسطينية»، معرباً عن أمله بـ»الوصول الى حل عادل لها». واكّد رئيس الجمهورية «حرص لبنان على إقامة اطيب العلاقات مع طهران، لما فيه مصلحة البلدين والشعبين».





من جهته قال الرئيس سلام خلال لقائه قاليباف: «انّ الدولة اللبنانية تعمل جاهدة بكل الطرق الديبلوماسية والسياسية للضغط على إسرائيل لاستكمال انسحابها من جنوب لبنان»، وأكّد انّ الحكومة التزمت في بيانها الوزاري بإعادة إعمار ما هدّمه العدوان الاسرائيلي الاخير.



ومن ناحية اخرى، قال سلام انّ «سلامة أمن المطار والمسافرين هو الاعتبار الأساسي الذي يرعى تسيير الرحلات من وإلى مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري في بيروت، وهو من مسؤولية الدولة اللبنانية».



وحول التحدّيات الإقليمية الناتجة من حرب غزة، رأى رئيس الحكومة «أن لا حل من دون تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره على ارضه وإقامة دولته المستقلة فيها وفق ما جاء في مبادرة السلام العربية التي أُقرّت في قمة بيروت عام 2002، والتي تبنّتها بالإجماع إلى جانب الدول العربية، دول منظمة التعاون الإسلامي ايضاً».



من جهة أخرى، أفادت وكالة «فارس» الإيرانية، أنّ الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان كان قد أبدى رغبة في المشاركة في مراسم تشييع نصرالله، لكنه امتنَع عن الزيارة بسبب عدم تلقّيه دعوة رسمية من السلطات اللبنانية.

الجمهورية

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

كرم: اذا لم يسلم حزب الله سلاحه فعليه أن ينسى موضوع إعادة الاعمار

إلى الحكومة.. نداء من إتحاد نقابات موظفي المصارف

البيان الوزاري ومطار القليعات بين سلام و"الاعتدال الوطني"

رئيس الجمهورية يستقبل سفيرة لبنان في قبرص.. ويزور السعودية الأحد

الحزب يعلن موعد تقبل التعازي بنصرالله وصفي الدين

أزمة مالية تكبّل الحزب.. تجميد تعويضات عناصره!

كركي: تعليق المهل القانونيّة والقضائيّة والعقديّة في الضّمان حتّى هذا التاريخ

تصعيد إسرائيلي ورسائل سياسية في وداع نصر الله وصفي الدين