لم يجمع العكاريون يوماً على مطلب واحد كما يجمعون اليوم على مطلب معازدة تشغيل مطار الرئيس الشهيد رنيه معوض (قاعدة القليعات الجوية) في سهل عكار.

هذا المطلب الحيوي والمزمن ما كان ليتصدّر اليوم البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، باكورة عهد رئيس الجمهورية جوزف عون، لولا سيل المطالبات المتواصلة والمتكررة منذ ما يزيد عن 15 سنة، من مجموعات مدنية ونشطاء وفاعليات وقيادات سياسية وروحية على اختلاف أطيافها وتوجهاتها، تأكيداً على أهمية تشغيل هذا المطار الحيوي جداً ليس من منطلق مناطقي فحسب بل من منطلق وطني عام، نظراً الى الفاعلية الانمائية التي يشكلها على صعيد عكار والشمال وكل الوطن، إقتصادياً وسياحياً وزراعياً.


في هذا المطار، تكتمل كل المواصفات المطلوبة لإحداث هذا النهوض المرجو على مستويات كثيرة، والتي لحظتها خطة معاودة تشغيله الموضوعة منذ سنوات عدة، غير أن الخلافات والنكد والمكابرة السياسية حالت حتى الآن دون إتمام هذا المشروع الذي يحلم بتحقيقه العكاريون خصوصاً والشماليون عموماً، ليشكل إضافة الى سلسلة المشاريع الانمائية التطويرية المطروحة الى جانب مرفأ طرابلس الذي لا يبعد عنه سوى 25 كيلومتراً. فيما المسافة بينه وبين الحدود الشمالية مع سوريا دون الـ7 كيلومترات، وهو مجاور للساحل الشمالي وعلى تماس مع خط السكة الحديد التي كانت تربط لبنان بالعالم العربي عبر سوريا، وعلى مرمى حجر من خطوط النفط والغاز ومنشآت النفط في البداوي.


ماذا يقول الناشطون الذين طالما حملوا مطلي معاودة تشغيل مطار القليعات وكانت لهم مساهماتهم الخاصة، كل بطريقته، في إيصاله الى المعنيين:

حامد زكريا عضو "لجنة متابعة تشغيل مطار رنيه معوض" يرى "أن نسبة التفاؤل اليوم باتت مرتفعة بلبنان الجديد في عهد الرئيس جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، وكلنا أمل في أن تتعاطي الحكومة الجديدة إيجاباً مع ملف مطار رنيه معوض، فقد وعد الرئيس سلام بإدراج بند تأهيله وتشغيله في البيان الوزاري، كذلك وعد وزير الاشغال العامة والنقل فايز رسامني بتشكيل الهيئة الناظمة للطيران المدني وبأن تشغيل مطار القليعات من أولويات الحكومة".

ويشدد على "وجوب أن تترجم هذه الوعود سريعاً عبر تشكيل الهيئة الناظمة للطيران المدني وتعيين أعضائها الخمسة من خبراء الطيران المدني، تنفيذاً للقانون 481 /2002، لكي تباشر إدارة قطاع الطيران المدني وتطويره، لأن مديرية الطيران المدني بوضعها الحالي ليست لديها صلاحيات الهيئة الناظمة التي نص عليها القانون".

كذلك يشير الى وجوب "أن تقوم هيئة الطيران المدني الجديدة التي تملك الاستقلالية الادارية والمالية، بطرح مزايدة دولية لمن يرغب في بناء مطار رنيه معوض في القليعات بطريقة BOT في خلال أشهر قليلة، وتنشيء شركة لإدارة المطار وفق الأصول، توقع بدورها عقد بناء المطار مع الشركة التي تفوز بالمزايدة، ثم توقع عقداً آخر مع الشركة التي ستديره".
ويضيف: "قد يستغرق بناء المطار سنتين بعد إنجاز المزايدة، وعلى وزارة الاشغال في هذه المرحلة أن تبدأ ببناء الطرق الدولية وتأهيل جميع البنى التحتية التي تخدمه".


ويذكر بأن الدراسة التي وضعتها مؤسسة "إيدال" قبل سنوات "تظهر أن اعادة تشغيل المطار توفر نمواً في مجالات التجارة والزراعة والصناعة والسياحة في لبنان والشمال وعكار.
ففي مجال السياحة، سيشكل عاملاً جاذباً للسياح الراغبين في زيارة الطبيعة الخلابة والسياحة البيئية في جبال الأرز والضنية وعكار .فهو يوفر النقل والوقت وينشط قطاع الفنادق والمطاعم، فتزدهر الدورة الاقتصادية في الشمال التي تكتنز آثاراً وطبيعة ساحرة، كما يؤمن آلاف فرص العمل".

الناشط السياسي والاجتماعي جمال خضر، يعتبر "أن معاودة تشغيل مطار القليعات تشكل فرصة حقيقية لأبناء عكار والشمال خصوصاً والاقتصاد اللبناني والحكومة عموماً، إذ سوف يهيء الفرص لشركات محلية ويؤمن آلاف فرص العمل لأبناء المنطقة، ويشكل حافزاً كبيراً لحل معضلة الركود الاقتصادي. كذلك سيحرك قطاعات مهمة مثل تجارة الاسمنت والحديد والخشب والالمنيوم، مما يحرك عمل أصحاب المهن الصناعية والحرفية، ويستجلب قسماً كبيراً من أموال أبناء عكار والشمال وكل لبنان. وقد بدأت مؤشراته تظهر في طلب شراء العقارات القريبة من المطار وفي محيطه، والذي سجل ارتفاعاً بنسبة 20 في المئة حالما أدرج مشروع المطار في البيان الوزاري.
اما في المباشر وما يتعلق بقطاع النقل ومكاتب السفر وإيجاد اليد العاملة في الادارة والمراقبة، ونقل الحقائب وسائقي الحافلات والمعدات التى تشارك في خدمة قطاع الطيران، فسيجد أبناء عكار والشمال فرص عمل للطلاب الخريجين من شتى أنواع التخصصات".

ويرى "أن كل هذه الأمور ستنعكس تخفيفاً للضغط على الحكومة، وسيكون للمالية مصدر دخل جديداً عبرالـ TVA ورسوم الدخول والخروج والجمارك والشحن. كذلك ستفتح بوابة جديده للسياح في الشمال للتعرف على جمال الطبيعة فيه وفي عكار ويضع هذه المنطقة حقيقة وواقعاً في قلب لبنان ".
مطار القليعات
أنشأه الحلفاء عام 1941 على الشاطئ الشمالي للبنان إبان الحرب العالمية الثانية.
عام 1960، شغلته شركة IPC النفطية، وكانت تستخدمه لأغراض مدنية في حركة نقل المهندسين والموظفين والعمال، ما بين لبنان والدول العربية.
ومنذ عام 1966، وضع تحت إشراف الجيش اللبناني الذي قام بتوسعته وتطوير قدراته، ليصبح إحدى أبرز القواعد الجوية اللبنانية والأكثر حداثة .


مع بدء الحرب الاهلية العام 1975 – 1976 توقف العمل في هذه القاعدة وجمدت حركة الطيران فيها بالكامل.

عام شهد1989 انتخاب رنيه معوض أول رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الطائف. وأطلق اسمه على هذا المطار بعد اغتياله.
عام 2010، أعلن مدير هيئة الطيران المدني أن سلطات مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، قررت إنشاء مبانٍ خدماتية لها في مطار القلعيات في الشمال، بهدف تجهيزه لاستقبال البضائع وتصديرها، وكذلك بهدف تسهيل تنقل الأفراد من الشمال إلى بيروت.

عام 2012، قررت الحكومة اللبنانية توسيع المطار ليشمل منطقة حرة، إضافة إلى تجهيزه لاستقبال الأفراد والبضائع. وشملت القرارات ربطه بطرابلس والشمال بسكك حديد. ولكن كل هذه القرارات لم توضع موضع التنفيذ.

ميشال حلاق - النهار