يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

الحكومة تجتمع وتتصوّر وتشكّل لجنة البيان… صندوق النقد: اتصالات لمساعدة لبنان

Tuesday, February 11, 2025 7:05:09 AM

تأليف الحكومة كان استثنائياً هذه المرّة من حيث الفترة الزمنية التي استغرقها ولم تتجاوز الشهر بعد تكليف الرئيس نواف سلام تشكيل الحكومة، حيث تُعتبر هذه الفترة هي الأقصر في تاريخ تأليف الحكومات خلال السنوات الأخيرة. وأمّا من حيث تركيبتها فجاءت معبّرة شاملة معظم القوى السياسية، فجمعت الأضداد تحت سقف حكومي واحد، متجاوزة تمثيل «التيار الوطني الحر» وقوى سياسية أخرى، التي انتقلت إلى ضفة المعارضة.

التحدّيات





المناخ العام الذي ساد بعد إعلان ولادة الحكومة السبت الماضي، عكس ارتياحاً بالغاً على مستوى الرئاسات الثلاث لإتمام هذا الاستحقاق بما يستجيب لحاجة البلد الملحّة إلى حكومة تُعيد التقاط زمام الأمور من جديد، ويعوّل الداخل والخارج على انتهاجها إدارة سليمة للأولويات، تمكّنها من وضع لبنان على سكّة الإزدهار والإنتعاش المالي والإقتصادي والإستقرار الإجتماعي والمعيشي.



الآن، وبعدما ذاب ثلج التكليف وبان مرج التأليف، انبلج في البلد عهد حكومي جديد، يأمل رئيس الجمهورية جوزاف عون أن يكون متميّزاً بعمل دؤوب، يخطو خطوات سريعة ناجحة في اتجاه استعادة البلد عافيته وموقعه، وما يتوق إليه اللبناني من أمان واستقرار على كلّ المستويات، وهو ما أكّد عليه رئيس الحكومة نواف سلام والتزم به بعد إعلان حكومته.



يتقاطع ذلك مع ما أكّده مرجع كبير لـ«الجمهورية» لجهة أنّ حجم المسؤوليات والتحدّيات الملقاة على الحكومة كبير جداً، ما يجعل الحكومة أمام مهمّة لا يستهان بها، وبالتالي فإنّ الشرط الأساس لنجاح الحكومة في هذه المهمّة وتخطّي مصاعبها، لا تلبيه الرغبة في العمل المسؤول والإنتاج السليم فحسب، بل أن تُرفد الحكومة بواقع سياسي سليم يشكّل رافعة للحكومة ويعزّز التفاهم والإنسجام والعمل المشترك بين مكوّناتها خارج دائرة المناكفات والحساسيات والإصطفافات والحسابات السياسية الضيّقة التي اثبتت عقمها وترتبت عليها نتائج تعطيلية على كل المستويات، رتبت بدورها خسائر وأثماناً باهظة دفعها اللبنانيون طيلة السنوات الماضية».





وإذ لفت المرجع عينه إلى أنّه يثق بقول رئيس الحكومة بأنّه سيعمل على تجاوز العقد مهما كان نوعها. كما يثق بالدفع الكبير الذي يُبديه رئيس الجمهورية لتتحمّل كل الأطراف مسؤولياتها والشراكة من خلال الحكومة في ما يحقق مصلحة لبنان واللبنانيِّين وفق خريطة الطريق التي حدّدها خطاب القَسَم، إلّا أنّه قال: «إنّ المهم هو أن تُترك الحكومة تعمل، ولا يُصار إلى تقييدها باعتبارات ومداخلات وحسابات سياسية معطّلة عند كل محطة أو مفترق، على جاري ما كان يحصل في حكومات سابقة».



على أنّ اللافت للانتباه في موازاة المناخ الإيجابي الذي أشاعه التعجيل في تأليف الحكومة، كان الحَثّ الدولي المتعدد الجنسيات العربية والدولية على عمل حكومي حثيث، لترسيخ الانتظام الفعلي في عمل المؤسسات الدستورية، وللتشارك في أولوية إخراج لبنان من أزماته الصعبة ووضعه على سكّة الإزدهار.



ويبرز في هذا السياق، ما نُقِل عن مسؤول أممي كبير أمل أن يستفيد اللبنانيّون من فرصة تشكيل الحكومة وعدم التلكّؤ في تقديم ما قد يؤمّن مصلحة لبنان واللبنانيِّين. محذّراً ممّا سماه ارتكاب خطأ مكلف، عبر تكرار التعقيدات والخلافات بين الأطراف السياسية في لبنان وتغليب حساباتهم، ذلك أنّ هذا الأمر من شأنه أن يُلحق الضرر الفادح بالمسار الحكومي الجديد، ويؤدّي إلى خلق بنيان حكومي غير متماسك وغير مستقر، يُحبط الآمال المعقودة عليه، وأقصى ما يمكنه فعله هو تصريف الأعمال لا أكثر».



الاستحقاق الأقرب





ويُنتظر أن تنعقد الحكومة اليوم في أول جلسة لمجلس الوزراء في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة الرئيس عون وحضور الرئيس المكلّف والوزراء، على أن يُصار خلال هذه الجلسة تعيين لجنة لصياغة البيان الوزاري. وكذلك التقاط الصورة التذكارية للحكومة مع الرئيسَين عون وسلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري.



وكشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، أنّ موضوع البيان الوزاري شبه منجز، حيث جرى التداوَل في عناوينه العريضة في بدايات حركة اتصالات التأليف التي أجراها الرئيس سلام. مشيرةً إلى ألّا يكون بياناً فضفاضاً، وبنصّ سيكون مكمّلاً لخطاب القَسَم، ومتضمّناً مجموعة البنود الملحّة الواردة أساساً في البيانات الوزارية السابقة، ولاسيما لجهة تفعيل الإدارة وتنشيطها، أو لجهة ما يتصل بالشأن الإقتصادي والمالي والوضع المصرفي وما يتصل بأموال المودعين، وكيفية الاستفادة من الثروات اللبنانية في البر والبحر.



والأساس في البيان، تُضيف المصادر، هو تأكيد التزام الحكومة بالدستور، ومتابعة تنفيذ اتفاق الطائف تنفيذاً كاملاً، وتحقيق العدالة الإجتماعية والإنماء المتوازن وتعزيز السلم الأهلي ومنع أي عبث فيه. والتأكيد على استقلالية القضاء، وإعادة بناء قدرات الدولة ومؤسساتها، وتوجّهها لإجراء إصلاحات بُنيَوية وأساسية وتصحيح الاختلالات في مختلف القطاعات.



وبحسب المصادر، فإنّ ملف النازحين السوريِّين سيُلحظ في البيان من زاوية التأكيد على إنهاء هذا الملف وعودة النازحين السوريِّين إلى بلدهم بعد انتفاء أسباب النزوح، كذلك ملف توطين الفلسطينيِّين الذي سيتمّ إدراجه على قاعدة رفض لبنان القاطع لهذا التوطين ومواجهته بشتى الوسائل، والتأكيد على عودة الفلسطينيِّين إلى ديارهم. وتُضاف إلى ذلك، مسألة تأكيد حضور لبنان على المستويَين العربي والدولي، بالتشديد على تَوق لبنان لأفضل العلاقات وتعزيزها مع المجتمع الدولي، ولاسيما مع الدول العربية الشقيقة، مع التأكيد على حاجة لبنان إلى دعم الاشقاء والأصدقاء ولاسيما في مجال إعادة الإعمار وإزالة آثار العدوان الإسرائيلي الأخير.





أمّا في ما يخصّ الإحتلال الإسرائيلي، تقول المصادر، إنّ التوجّه هو إلى تضمين البيان الوزاري نصاً توافقياً يؤكّد التزام الحكومة الكامل بكل مندرجات القرار 1701 والتمسك بقوات «اليونيفيل» بالتنسيق والتعاون الكاملَين بينها وبين الجيش اللبناني، ومطالبة المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل تطبيق هذا القرار، كما يؤكّد تمسك الحكومة بالعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لما تبقّى من الأراضي اللبنانية المحتلة، وخصوصاً تلك التي توغل إليها في العدوان الأخير. ووقف الممارسات العدوانية والانتهاكات الإسرائيلية لسيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه.



وفي ما يتعلق بمقاومة الاحتلال، تشير المصادر، لن تكون هناك مشكلة أو التباسات حول هذا الأمر، حيث أنّ ثمة نصاً مقترحاً يُفيد بـ»التمسك بحق لبنان، واللبنانيِّين في تحرير واسترجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة الغجر، والدفاع عن لبنان ضدّ أي اعتداء يتعرّض له وذلك بكل الوسائل المشروعة والمتاحة».



الحدود الشرقية والجنوبية



وإذا كان المُسلَّم به أنّ أمام الحكومة تحدّيات كبرى، ولاسيما في مجال التعيينات لملء الشواغر الواسعة في الإدارة اللبنانية، وتحديداً في المراكز العسكرية والإدارية، فإنّ أخطر هذه التحدّيات هو مواجهة العواصف التي تتكوّن على الحدود الشرقية والجنوبية، وهو الأمر الذي يفرض نفسه البند الأقرب والأكثر إلحاحاً في أجندة العمل الحكومي، ولاسيما لجهة وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية منذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للمناطق التي توغل إليها خلال العدوان الأخير على لبنان، ولاسيما مع اقتراب موعد 18 شباط كفترة محدّدة لانسحاب جيش الاحتلال، حيث استكمل الجيش اللبناني انتشاره في عدد من البلدات الجنوبية التي أخلاها جنود الاحتلال.



وفي سياق متصل، أكّدت «اليونيفيل» في بيان أمس، «على دعمها الثابت للقوات المسلحة اللبنانية في إعادة انتشارها في جنوب لبنان، كما دعم المؤسسات الحكومية في سعيها لإرساء سلطة الدولة ومساعدة المواطنين على العودة إلى قراهم وبدء إعادة الإعمار. كما أكّدت أنّها ستظل ملتزمة بدعم استقرار المنطقة من أجل عودة الحياة الطبيعية للسكان على جانبَي الخط الأزرق».



وأمّا الأمر الثاني الذي لا يقلّ خطورةً عمّا يجري في منطقة الحدود الجنوبية، فيتعلّق بمعالجة التوترات المتلاحقة شرقاً، ولاسيما على الحدود السورية، حيث الوضع يبعث على القلق الكبير، وهذا الأمر كان مدار بحث بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب خلال حضورهما قداس مار مارون. وأكّد رئيس الجمهورية إيلاءه ما يحصل القدر الأعلى من الاهتمام والمتابعة. مع الإشارة هنا ألى أنّ حالة من الهدوء سادت المنطقة أمس، فيما استكمل الجيش اللبناني انتشاره في المنطقة الحدودية الشمالية لمدينة الهرمل مع سوريا بعد انسحاب مقاتلي أبناء العشائر خلف الحدود التي ينتشر فيها الجيش.





بري: غير مطمئن



إلى ذلك، تتزاحم المعلومات حول عدم تنفيذ إسرائيل التزامها بالانسحاب من الأراضي اللبنانية وفق ما نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتشير هذه المعلومات إلى عزم الجيش الإسرائيلي الإبقاء على احتلاله لخمس نقاط في الجانب اللبناني بالقرب من الحدود اللبنانية- الفلسطينية. وعلى رغم من التأكيدات التي تتوالى من جانب رعاة لجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار بأنّ إسرائيل ستنسحب في 18 شباط، فإنّ الرئيس نبيه بري، يؤكّد أنّه غير مطمئن على هذا الصعيد، وتعتريه خشية كبرى من ألّا يلتزم العدو بالانسحاب في التاريخ المحدّد، وقال: «إذا بقيَ العدو محتلاً لبعض التلال الحاكمة، فمعنى ذلك أنّ الاحتلال مستمر ولم يتغيّر شيء، الأمر الذي لا يمكن أن نقبل به».



وأشار بري إلى أنّه أكّد لنائب المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس ضرورة أن تؤدّي واشنطن دورها كضامن لاتفاق وقف إطلاق النار، مشدّداً على وجوب اكتمال الانسحاب الإسرائيلي الشامل من الأراضي اللبنانية في 18 شباط.



وكان بري قد أبلغ المسؤولة الأميركية خلال اللقاء معها أنّ إسرائيل شرّ مطلق، واستمرار احتلالها للأراضي اللبنانية يستوجب مقاومته.





على الصعيد الحكومي، أعرب بري عن ارتياحه لتشكيل الحكومة، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر أشاع مناخاً مريحاً في البلد. ولفت أمام زوّاره إلى أنّ محاولات جرت في الفترة الأخيرة للتفريق بين اللبنانيِّين، ودورنا نحن هو أن نجمعهم، وتشكيل الحكومة يندرج في سياق الجمع والردّ على أي مسعى للتفرقة. أمّا في ما يتعلّق بالأحداث التي تحصل على الحدود اللبنانية- السورية، فأكّد بري ضرورة توجيه كل الجهود لمعالجة الأمر في السرعة الكلية، وتلافي ما قد يترتب عليه من مخاطر على أمن البلد واستقراره.



«التيار» إلى المعارضة



يلقي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل كلمة مباشرة اليوم الساعة الخامسة والنصف في «ميرنا الشالوحي»، يعلن فيها موقف «التيار» من التعاطي مع الحكومة الجديدة. وفيما تأخذ الحكومة صورتها التذكارية، أفادت مصادر التيار لـ»الجمهورية»، بأنّ باسيل سيُعلن انتقال التيار إلى المعارضة، وصيغتها وآفاق هذه المرحلة بالنسبة إلى التيار، والذي يُحضّر لورشة عمل واسعة لاستنهاض قاعدته التي شعرت بالإستنفار بعد قراره عدم المشاركة، وما رافق ذلك من إفصاح عن النوايا في المعايير المزدوجة، على أن تتوّج ورشة العمل بالمؤتمر السنوي في 14 آذار وورقته السياسية والصورة العامة التي ستتبلور.





ارتفاع السندات



إلى ذلك، وفي إشارة إيجابية، ذكرت وكالة «رويترز» أنّ «سندات لبنان الدولية ارتفعت بأكثر من سنت، ليجري تداولها عند أكثر من 18 سنتاً للدولار بعد تشكيل الحكومة الجديدة». فيما نقلت «سكاي نيوز عربية» عن صندوق النقد الدولي تأكيده أنّ «لبنان بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية والوضع الآن يدعم القيام بذلك». مشيراً إلى أنّ هناك «مشاورات مكثّفة مع أصدقاء لبنان لتقديم المساعدة ومستعدون للتحرّك بشكل سريع».



وفي هذا الإطار، عُقِد لقاء بين حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري ورئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، على هامش أعمال القمة العربية للحكومات المنعقد في دبي. ورحّبت جورجيفا باكتمال عقد المؤسسات الدستورية اللبنانية، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية، وصولاً إلى «تشكيل حكومة كفاءات وطنية ملتزمة الإنقاذ والإصلاح». وأكّدت على دعم الصندوق للبنان وحكومته، وأعربت عن رغبتها في زيارة لبنان في وقت قريب».



رفض التوطين





على صعيد آخر، أعربت وزارة الخارجية والمغتربين عن إدانتها ورفضها الشديدَين لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الداعية إلى إقامة دولة فلسطينية على الأراضي السعودية، مؤكّدةً وقوفها إلى جانب المملكة العربية السعودية الشقيقة في مواجهة كل ما يُهدِّد أمنها، استقرارها، سيادتها، ووحدة أراضيها. كما شدّدت الوزارة في بيان، على رفضها أي محاولات لتهجير الفلسطينيِّين أو توطينهم، لاسيما في لبنان. كما تحثّ للدفع باتجاه حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حلّ الدولتَين، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية الصادرة عن قمّة بيروت (2002) ممّا يُعزّز السلم والأمن الإقليمي والدولي.
الجمهورية

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

هذا ما طلبه سلام من الوزراء في أول جسلة حكومية

مجددًا.. نتنياهو يطلب تأجيل الانسحاب من لبنان

وزراء عقب انتهاء جلسة الحكومة: انطلاقة ممتازة!

إليكم اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري

الصورة التذكارية للحكومة الجديدة

العثور على جثة رجل داخل معرض للسيّارات

رجي: السياسة الخارجية للبنان ستكون مستقلة وسيادية

الرئيس عون يتلقى دعوة رسمية لزيارة بيلاروسيا