في 24 كانون الثاني 2022، أعلن الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي وعدم ترشحه للانتخابات النيابية، كما دعا تيار المستقبل الذي يرأسه إلى اتخاذ القرار نفسه بعدم تقديم مرشحين. آنذاك، برر الحريري الخطوة المفاجئة بعدم نجاحه في تحقيق أهدافه السياسية، التي تشمل منع الحرب الأهلية وتحقيق حياة أفضل للبنانيين، مع الإشارة إلى عوامل داخلية وخارجية أثرت على مسيرته السياسية.

منذ ذلك الحين، اقتصر حضور الحريري في لبنان على مناسبات محدودة، أبرزها المشاركة في ذكرى اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إضافة إلى الاطمئنان الى جمهوره واستقبال الوفود، مع تجنب التطرق إلى القضايا السياسية.

عامان بعد التعليق، انقلب المشهد اللبناني ودخل لبنان عصرا جديدا بعيدا من نفوذ ايران وسيطرتها على الحكم .تغييرات جوهرية تمتد من لبنان الى سوريا غداة إسقاط نظام بشار الأسد وتراجع قدرات حزب الله العسكرية نتيجة الضربات الإسرائيلية. علما أن الفريقين كانا متهمين بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فضلاً عن دورهما في عرقلة مسيرة سعد الحريري السياسية، خصوصًا إطاحة حكومته عام 2011 وإحكام قبضتهما على القرار السياسي. فهل يُعبد الانقلاب الجوهري درب عودة الرئيس الحريري الى بيروت وتاليا الى العمل السياسي واستعادة قمرة قيادة الساحة السنية؟ واستتباعا ما المتوقع منه في خطابه في الذكرى العشرين لـ 14 شباط؟

يقول النائب السابق الدكتور مصطفى علوش لـ "المركزية" إن من الطبيعي أن يأتي الرئيس سعد الحريري إلى لبنان للمشاركة في ذكرى 14 شباط، لأنه حتى في ظل الظروف الصعبة كان يحرص على الحضور. أما مضمون الخطاب، فمن المرجح أن يكون قراءة جديدة للمرحلة السابقة، وربما تأكيدًا على صوابية خياراته أو مراجعة لتلك الخيارات. ومع ذلك، لا أملك بعد فكرة واضحة عن تفاصيل ما سيقوله أو كيف سيواجه المرحلة المقبلة. إذ لا يزال غير مؤكد ما إذا كانت عودته ستكون سياسية أم أنها ستقتصر على المشاركة في المناسبة. لذلك، في هذه اللحظة، من الصعب التكهن بمضمون الخطاب الذي ."

ويضيف: "بالتأكيد، سيتطرق الحريري إلى المنظومة التي قتلت والده، حيث سيؤكد أنها نالت عقابها بطريقة أو بأخرى، وقد يتحدث عن سقوط نظام بشار الأسد. أما بالنسبة للمضمون السياسي، فهو مرتبط بقراره حول ما إذا كان ينوي بناء منظومة سياسية جديدة يعتمد عليها".

وعن قيادة الساحة السنية، يشير علوش إلى أن الطائفة السنية لم تكن يومًا بقيادة موحدة، إلا في فترات محدودة ومؤقتة. فعندما كان تيار المستقبل في أوج قوته السياسية، بقي حوالي الثلث أو 40% من السنة خارج إطار التيار. موضحا أن في ظل المرحلة التي نعيشها، وعلى الرغم من الكاريزما التي يتمتع بها الحريري، هو بحاجة إلى إعادة بناء كوادر جديدة تحظى بالثقة، وتقديم خطاب سياسي يتناسب مع متطلبات المرحلة الجديدة. مشددا على أن هذا الخطاب يجب أن يتجاوز المنطق الطائفي ويجمع الطائفة، ليكون مشابها للخطاب الوطني الذي اعتمده والده الشهيد رفيق الحريري.

عن التحالفات السياسية في المرحلة المقبلة ودور حزب الله في اغتيال والده، يقول علوش: "كان سعد الحريري يدرك مسبقًا أن حزب الله يقف وراء اغتيال والده. ومع ذلك، كان تقارب وتفاهم بينه وبين الحزب، تم عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري. وعندما صدرت اللوائح الاتهامية بحق الحزب، تحدث الحريري حينها عن "ربط النزاع".

ويضيف: "بالنسبة للتحالفات السياسية، ينبغي على الحريري أن يحدد ما إذا كان يريد العودة إلى الساحة السياسية. وإذا قرر ذلك، فستتحدد التحالفات بناءً على خطابه وتوجهاته السياسية. فالنهج الذي كانت تسير عليه الأحزاب السياسية الطائفية قبل العهد الجديد والتغييرات التي طرأت يجب أن يتغير، وأن تُبنى التحالفات على أسس سياسية جديدة."

ويختم علوش بالقول: "يجب الابتعاد عن منطق التحالفات التقليدية، كتحالف زعيم السنة مع زعيم الموارنة، وانتظار ما ستؤول إليه الأمور. ولكن بداية، يجب التأكد مما إذا كان الحريري عائدًا فعليًا واستئناف دوره كسياسي فاعل معتدل في لبنان ام انه تخلى عن هذا الدور."

المركزية- شربل مخلوف