يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

القصة كاملة لتحدّي "One Bite"... لعبة الموت على "تيك توك" أنهت حياة الطفل جو

Tuesday, January 21, 2025 9:05:00 AM

على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تتحول الشاشة إلى مرآة تعكس صورتنا كما نرغب أن نراها، أصبح التمييز بين الواقع والخيال، وبين ما هو مفيد وما هو مضر، امراً في غاية الصعوبة. بين الوجوه المتألقة بالابتسامات والأضواء الباهرة، تختبئ تحديات قد تبدو كأنها العاب مسلية، لكنها فعليا تتسلل بخطر خفي إلى عقول الأطفال والمراهقين.

تحدي "One Bite"، الذي انتشر سريعاً عبر منصات مثل "تيك توك"، يعد من هذه المواجهات المُهلكة، حيث تسبب بكارثة حقيقية بعد أن توفي طفل يبلغ من العمر 12 عاماً، حاول تنفيذ هذا التحدي الذي يتطلب إدخال كمية كبيرة من الطعام دفعة واحدة في وقت قصير. لكن الواقع الذي يجب أن ندركه هو أن هذا الاختبار ليس مجرد فعل عابر، بل هو مؤشر خطر يدل على المشكلات النفسية والاجتماعية، التي يعاني منها العديد من الشباب في عصرنا.


ومع تزايد انتشار هذه الظواهر، يصبح من الضروري أن نتساءل عن العوامل النفسية التي تدفع الأطفال والمراهقين الى المشاركة في هذه التحديات المدمرة. هل هي مجرد رغبة في الشهرة عبر "الإنترنت"؟ أم أن هناك عوامل أعمق تؤثر في سلوكهم؟ وتتكشف هذه التساؤلات أمام حقيقة قاسية، وهي أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تعد مجرد مكان للتفاعل الاجتماعي أو الترفيه، بل أصبحت ساحة للبحث عن الإثارة والقبول الاجتماعي، حتى وإن كان الثمن هو الحياة نفسها.

في هذا السياق، يصبح للأهل دور بالغ الأهمية في مراقبة أطفالهم، لا سيما في ما يتعلق باستخدامهم للتكنولوجيا ووسائل التواصل. بينما يتحمل المجتمع والجهات الرسمية مسؤولية توعية الأفراد حول المخاطر التي يواجهها الشباب على "الإنترنت".

ويبدو أن هناك فجوة كبيرة بين ما يفعله الأطفال على هذه المنصات، وما يمكن أن يعرفه الأهل عنها. وفي الوقت ذاته، هناك حاجة ماسة الى تغيير كيفية تعاملنا مع منصات التواصل الاجتماعي، كيلا تصبح تلك الفضاءات ساحة تهدد حياة الأفراد.

كارثة تهزّ الشارع المحلي!

اما في تفاصيل القضية التي هزت كسروان، فقد لقي الطفل جو ايلي سكاف الذي يبلغ من العمر 12 عاماً مصرعه داخل مدرسته، إثر مشاركته في تحدٍّ شهير على منصة "تيك توك" يُعرف بـ "one bite"، ويقوم على محاولة ابتلاع قطعة كاملة من الطعام، حيث اختنق أثناء محاولته بلع قطعة كرواسون دفعة واحدة. وأعلنت إدارة مدرسة "جنة الأطفال" في بيان رسمي وفاة الطفل، الذي كان في الصف السادس.

ويوضح مصدر تربوي لـ "الديار" ان "الحادثة المأسوية وقعت خلال الاستراحة الأولى يوم الجمعة 17 كانون الثاني، إثر تعرّض جو لضيق تنفس مفاجئ أثناء تناوله الطعام، على الرغم من التدخل السريع من قبل المعلّمين، والممرضة الموجودة في المدرسة، وعناصر الدفاع المدني الذين عالجوه ونقلوه إلى المستشفى. لكن للأسف، لم تُكلَّل جميع الجهود المبذولة لإنقاذ حياته بالنجاح".


في المقابل، عبّرت المدرسة عن حزنها العميق في بيان رسمي قائلة: "إن هذا الفقدان الموجع لا يمكن تصوّره أو تعويضه. لقد كان جو طفلاً مميزاً بشخصيته النابضة بالحياة وطيبته اللافتة، وكان محبوباً من زملائه وأفراد المدرسة كافة". وأعلنت المدرسة إغلاق أبوابها يومي الاثنين والثلاثاء، في 20 و21 كانون الثاني، حداداً عليه.

المخاطر الخفية

في ضوء ما تقدم، قد يبدو تحدي "One Bite" في البداية ساذجا وبسيطاً، ولكنه يمثل تهديدا واقعيا لحياة الإنسان. الفكرة التي يقوم عليها، هي أن الشخص يملأ فمه بكمية كبيرة من الطعام في وقت قليل، لكن في ظل التحدي، ينسى الفرد أن الكثير من الطعام قد يسبب انسدادا في مجرى الهواء، وبالتالي يؤدي إلى الاختناق أو مشكلات صحية جسيمة. وعلى الرغم من أن هذه الحوادث قد تكون نادرة، إلا أن فداحتها تتضاعف عندما يتعلق الأمر بحياة طفل صغير، يبحث عن مكان له بين أقرانه على "الإنترنت".

العوامل النفسية وراء التحديات

ما الذي يدفع الأطفال والمراهقين إلى المشاركة في تحديات مميتة مثل "One Bite"؟ يجبب مصدر في نقابة الاختصاصيين النفسانيين والاجتماعيين موضحا لـ "الديار"، "الإجابة تكمن في فهم العوامل النفسية التي تؤثر في سلوك الأطفال في هذه المرحلة العمرية، خاصة في ظل الطفرة الرقمية التي يعيشونها، حيث يواجهون ضغوطا اجتماعية هائلة".

ويشير المصدر ان سعي الاطفال والمراهقين للحصول على القبول الاجتماعي، والتأكيد على قدرتهم على الظهور بمظهر الشجعان والمثيرين، يجعلهم أكثر عرضة للمشاركة في مثل هذه الافعال. إضافة إلى ذلك، يتمتع هذا الجيل بقدر كبير من التفاعل على منصات مثل "تيك توك"، حيث يُقيّم كل فيديو بناءً على عدد المشاهدات والإعجابات".

المراقبة "اجبارية"

ويضيف المصدر "تعد مسؤولية الأهل في مراقبة استخدام أطفالهم لوسائل التواصل الاجتماعي أمراً أساسياً. في هذا العصر الرقمي، لم يعد من الكافي مجرد توفير الأجهزة الإلكترونية للأطفال، بل أصبح لزاماً على أولياء الامور أن يكونوا أكثر انتباها لما يشاهدونه. كما يجب عليهم الالمام بالتحديات التي قد يواجهونها على هذه الشبكات، مع القدرة على تحذيرهم من العواقب الوخيمة المحتملة".

ويقول المصدر: "يجب على المحيط ان يكون أكثر وعياً بالمفعول السلبي لهذه المنصات، ومن الضروري أن يتخذ المجتمع دورا نشطا في نشر التوعية حول المخاطر أثناء تصفح "الإنترنت". ويمكن للمؤسسات المجتمعية أن تقدم حملات ارشاد وتنظيم ورش عمل، تتعلق باستخدام "الإنترنت" بشكل آمن". ويلفت الى ان "هذه المساعي يجب أن تركز على مخاطبة الشباب بلغتهم، وتقديم رسائل توعوية تحمل مضامين تحذر من التحديات المدمرة على الإنترنت".

التصدي هو الحل!

ويؤكد المصدر في الختام، "ان الجهات الرسمية تتحمل مسؤولية كبيرة في مواجهة هذه الظواهر. لذا يجب على الحكومة أن تطبق قوانين أكثر صرامة في مراقبة وتحديد المحتوى المسموح بتداوله على منصات مثل "تيك توك"، وتطوير آليات فعالة لمراقبة الأنشطة الرقمية، والتأكد من أن الأطفال لا يتعرضون للمحتويات التي قد تكون ضارة". ويطالب المصدر وزارة التربية والتعليم "ان تعمل بشكل وثيق مع المدارس، لتأمين انشطة ارشادية للتلاميذ حول المخاطر الرقمية، وكيفية حماية أنفسهم من الوقوع في فخ التحديات المؤذية".

حماية الطلاب: واجب جماعي

وفي هذا السياق يؤكد مصدر رفيع في وزارة التربية لـ "الديار" ان "المدارس تعد جزءاً أساسياً من النظام الوقائي ضد تأثيرات الإنترنت السلبية. من هنا يجب أن تقوم المؤسسات التربوية بدور حيوي في التوعية من خلال تدريس الطلاب عن الأضرار المحتملة للاستخدام المفرط للإنترنت، وحثهم على التفكير النقدي في اختيار ما يشاهدونه. ويجب أن يكون هناك برامج توعية ضمن المناهج الدراسية تركز على تعليم الطلاب كيفية استخدام الإنترنت بطريقة آمنة، والتمييز بين المحتوى الجيد وغير الجيد".

ويشدد المصدر على انه "بدلا من اغلاق المدرسة حيث وقعت الحادثة، كان من الاجدى تثقيف الطلاب. لذلك، يمكن ان تأسيس بيئة تعليمية آمنة من خلال التعاون بين المعنيين تحمي هؤلاء من الوقوع في فخ هذه التحديات الشرسة".


ويشير المصدر في الختام الى ان "التحدي الذي أدى إلى وفاة طفل يبلغ من العمر 12 عاماً، هو مجرد مثال واحد من العديد من الحوادث، التي تسلط الضوء على المخاطر الكامنة وراء الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير مراقب. الجميع، من الأهل إلى المجتمع إلى الجهات الرسمية، يتحملون مسؤولية جماعية لضمان سلامة الأطفال وحمايتهم من التهديدات الرقمية. من هنا، يساعد توفير بيئة تعليمية آمنة وتوعية شاملة في تقليل هذه المجازفات، وبالتالي تجنب وقوع المزيد من الحوادث المؤلمة".

في الخلاصة، تبذل "الديار" قصارى جهدها في توجيه رسائل تحذيرية إلى المجتمع اللبناني، وتحقيق التكامل بين الأهل والمدارس والجهات الرسمية، لان حماية الأجيال القادمة من المخاطر الرقمية، تتطلب التعاون المشترك على جميع الأصعدة، من خلال رفع مستوى الوعي والتثقيف، والمراقبة المستمرة لتأثيرات "الإنترنت" في الشباب.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

بشأن إنسحاب إسرائيل من لبنان.. إليكم ما كشفه مصدر عسكريّ

نقابة المالكين: لن نرضى بتمديد الواقع القديم تحت أي ظرف كان

“اللبنانية”: الإعلانات حول تأمين وظائف زائفة ولا صحة لها

بعد أربعة أيام على فقدانه قرب مرفأ صور...الكشف عن مصيره الأسود

سرقوا مجسّمات من شدرا ظنًا منهم أنها ذات قيمة مادية كبيرة...

يوم طبي مجاني في حاصبيا ومنطقتها

بعد طول انتظار.. الطقس غدا يتحول تدريجيا الى ماطر مع انخفاض في الحرارة

نزاع بين المهربين اللبنانيين والسوريين.. لائحة من 27 نقطة خلافية على الحدود