يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

العالم يترقب مُفاجآت ترامب… مصالح «أميركا أولاً»

Tuesday, January 21, 2025 8:06:00 AM

دخل العالم منذ يوم امس عصر «ترامب الثاني» في البيت الابيض. الرئيس الـ47 الذي اقسم على جعل اميركا «عظيمة»، وتعهد بان تكون «اميركا اولا». ادخل حلفاء واشنطن في دائرة القلق الجدي اكثر من خصومها، وانقسمت ردود فعل العالم بين من يستعد للمواجهة بما تيسر من ادوات، تبدو عاجزة عن مقارعة قوة واشنطن الاقتصادية، ومنافق يسعى لتجنب نزق رئيس لا يجب استفزازه.



وبنحو مئة امر تنفيذي بدأ عهده بعاصفة داخلية، ستليها قرارت في السياسة الخارجية غير واضحة المعالم بشكل كامل، لرئيس يزعم انه يريد انهاء الحروب، لكنه يريد فرض «سلام» بالقوة على منطقة الشرق الاوسط، تكون فيها «اسرائيل» قاطرة نظام جديد، لا قيمة فيه لحقوق شعوب المنطقة وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني.

ولادة الحكومة نهاية الاسبوع؟



داخليا،اذا سارت الامور على الوتيرة الايجابية التي سادت في الساعات القليلة الماضية، فلا شيء يمنع ولادة الحكومة قبل نهاية الاسبوع الجاري، اذا صفت النوايا، كما قال الرئيس جوزاف عون، لاعطاء» إشارة إيجابية للخارج بأن لبنان بات على السكة الصحيحة».



وقد باتت المعالم الاولية للتشكيل شبه واضحة، بعد تجاوز عقبات اساسية ترتبط بتوزيع الحقائب الاساسية على الطوائف والقوى السياسية، ومنها حسم بقاء وزارة المال مع «الثنائي الشيعي»، ومنح الداخلية للسنة، واعطاء «القوات اللبنانية» وزارة الطاقة، ووزارة الدفاع للموارنة، والاشغال للدروز، وفق «ثلاثية» وضعها الرئيس المكلف نواف سلام، لا ترشيح لحزبيين، فصل النيابية عن الوزارة، ولا وزير مرشح للانتخابات المقبلة، ويبدو من بعض الاسماء المتداولة وغير النهائية، بانها ذات كفاءة عالية وتوحي بالثقة المطلوبة لانطلاقة واعدة للعهد.

العد العكسي للانسحاب «الاسرائيلي»



في هذا الوقت، بدأ العد العكسي لانتهاء مهلة الـ 60 يوما لانسحاب قوات الاحتلال «الاسرائيلي» من الشريط الحدودي، ووقف خروقاتها للسيادة اللبنانية. وقبل 6 ايام من الموعد المحدد ابلغ الجانب اللبناني لجنة الاشراف على اتفاق وقف النار، ان الجيش اللبناني جاهز للانتشار، ولا صحة للادعاءات «الاسرائيلية» بانه يعاني من مشكلة لوجستية، وقد تم ابلاغ الدول الراعية للاتفاق بان عدم استكمال الانسحاب في 26 الجاري ، يعرض وقف النار للخطر الجدي.

وعود اميركية.. وذرائع «اسرائيلية»



ووفق المعلومات جدد الجانب الاميركي وعوده بالزام قوات الاحتلال بالانسحاب في الموعد المحدد، لكن في كيان الاحتلال من يروج لضرورة البقاء في بعض المواقع الاستراتيجية، ويتم الآن دراسة الخيارات بذريعة ان الجيش اللبناني غير قادر على تنفيذ المهمة الموكلة، وجيش الاحتلال يحتاج الى تمديد المهلة، لما يسميها تطهير المنطقة الحدودية من اسلحة حزب الله. ومن المرتقب ان يصدر موقف عن الحكومة «الاسرائلية» قبل نهاية الاسبوع لتحديد الموقف النهائي من الانسحاب.



واذا كانت بعض الدوائر الغربية ترجح بان «اسرائيل» تناور ولن تستطيع خرق الاتفاق، وستلتزم بتنفيذه في موعده، الا ان حزب الله غير الواثق من هذه الوعود، رفع بالامس من سقف تحذيراته، واعتبر ان بقاء اي جندي «اسرائيلي» في اي شبر من الاراضي اللبنانية مرفوض، وهو بمثابة اعلان «اسرائيلي» بالخروج من الاتفاق، وسيتم التعامل معه على هذا الاساس.

حزب الله يرفع حدّة التصعيد



وفي هذا السياق، أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض أن حزب الله يترقب تاريخ السادس والعشرين من كانون الثاني الجاري، وفي حال عدم التزام العدو الإسرائيلي بهذا الانسحاب، فإن ذلك سيؤدي إلى انهيار آلية الإجراءات التنفيذية ، ونسف دور الأمم المتحدة في رعاية هذا الاتفاق، ما سيضع لبنان أمام مرحلة جديدة من الحسابات العسكرية والسياسية.



وأشار فياض إلى أن هذه المرحلة تتطلب من اللبنانيين جميعاً التكاتف لمواجهة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، مؤكداً أن مسؤولية إخراج الاحتلال عن الأراضي اللبنانية هي مسؤولية مشتركة بين الحكومة، الجيش، الشعب، والأحزاب، باستثناء من لا يهتم بأرض الجنوب اللبنانية. وأضاف فياض أن أي تعثر في مسار الانسحاب «الإسرائيلي»، وخصوصاً عدم عودة السكان إلى 52 بلدة لبنانية بأمان، سيهدد مسارات الاستقرار وإصلاح الدولة. كما أكد أن حزب الله سيتعامل مع أي بقاء «إسرائيلي» على الأراضي اللبنانية في حال خرق الاتفاق، مشدداً على ضرورة التزام المجتمع الدولي بوعوده تجاه لبنان.

تحرك اممي تجاه «اسرائيل»



وفي هذا السياق، بدأت المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان جينين هينيس- بلاسخارت، زيارة إلى كيان الاحتلال، حيث تلتقي بكبار المسؤولين «الإسرائيليين». وتركزت مناقشاتها على الخطوات التي يتم اتخاذها نحو تنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية، وكذلك على التحديات المتبقية. كما ان الحاجة إلى تحفيز تنفيذ القرار رقم 1701 شكلت موضوعًا رئيسيًا لمباحثاتها.



وقبل وصولها الى «تل ابيب»، رحبت المنسقة الخاصة بالتقدم المحرز من خلال انسحاب الجيش «الاسرائيلي» وإعادة نشر القوات المسلحة اللبنانية في مواقع في جنوب لبنان، فيما دعت الى استمرار الالتزام من قبل جميع الأطراف.

الخروقات مستمرة



ميدانيا، عادت الحياة الى مدينة بنت جبيل والقرى المحيطة، بعد انتشار الجيش اللبناني في احيائها ، اما الخروقات «الاسرائيلية» فاستمرت ، حيث قطعت دبابات وجرافات «إسرائيلية» طريق وادي السلوقي بين مفترق بني حيان ومفترق قبريخا بالسواتر الترابية ، وتمركزت إحدى الدبابات في بلدة طلوسة. اما في ميس الجبل، فانسحب جيش الاحتلال من منطقه الدبش غربي البلدة، بعد ان قامت جرافاته بهدم منشآت صناعية ورياضية كملعب الميني فوتبول القديم ومزارع، بالاضافة الى جرف الطريق وتكسير آليات نقل وشاحنة موجودة في المكان. كما أحرق جيش الاحتلال منزلا في حي الدبش.



وقام العدو بعملية تمشيط واسعة في محيط باب الثنية في الخيام، وأحرق ممتلكات في المنطقة حيث تصاعدت اعمدة الدخان. وجرفت قوات الاحتلال مقبرة البطيشية التابعة لبلدة الضهيرة في محيط تل اسماعيل. وتسللت قوة مشاة إلى محيط جبانة بلدة الضهيرة ترافقها جرافة تعمل على تجريف وقطع الأشجار بمحيطها.



وافرجت قوات الاحتلال في المساء عن ثلاثة مزارعين لبنانيين بين عين عرب والوزاني كانت اعتقلتهم صباح امس. واستهدف قصف مدفعي منطقة السدانة في مرتفعات شبعا واطراف كفرشوبا. وتقدمت عند ساعات الفجر الأولى، آليات القوات «الاسرائيلية» من بني حيان في اتجاه وادي السلوقي، وقامت بعملية تمشيط .الى ذلك، تمكن المسعفون من انتشال جثة شهيد في بلدة مارون الراس.

توزيع الحقائب واسماء وزارء؟



وسط هذه الاجواء، وفي وقت تستمر الاتصالات في الكواليس لانضاج الطبخة الحكومية مع ترجيح ولادتها قبل الاحد المقبل اذا ذللت بعض العقبات البسيطة، كما وصفتها مصادر مطلعة، والتي اشارت الى ان الرئيس المكلف نواف سلام عقد اجتماعات بعيدة عن الاضواء يوم امس، ابرزها مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وعلم ان الاجواء كانت ايجابية. ويفترض ان يعقد اجتماع ثالث مع «الثنائي الشيعي».



ويبدو انه تم حسم توزيع الحقائب الوزارية طائفيا، ولم تعد هناك الكثير من العقد المتبقية، ويمكن تجاوزها بالمزيد من الاتصالات، حيث لا تعترض الرئيس المكلف مطالب تعجيزية لا يمكن حلها.



وبحسب تلك الاوساط، فان وزارة المال حسمت من حصة الشيعة، والاتجاه هو لتولي النائب السابق عن كتلة التحرير والتنمية ياسين جابر، بعدما اعتذر نائب حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري عن تولي الوزارة.



اما وزارة الخارجية فتتأرجح بين بول سالم وغسان سلامة. ووزارة الداخلية فقد حسمت للطائفة السنية والمطروح المحامي محمد عالم ، الذي قد يمنح وزارة العدل اذا لم يحظ باجماع القوى السنية المؤثرة، بينما سيتولى وزارة الدفاع ضابط ماروني متقاعد، ويتم التداول باسم العميد جان نهرا لتولي المنصب.



ويطرح سلام لوزارة الاقتصاد والتجارة اسم عامر البساط. اما وزارة السياحة فمن المرتقب ان تمنح «للقوات اللبنانية»، والمرجح تولي نقيب اصحاب المطاعم طوني الرامي للمنصب. وفيما بات شبه محسوم ان يحصل الحزب «التقدمي الاشتراكي» على وزارة الاشغال، لا تزال وزارة الصحة مصدر تجاذب بين حزب الله و»القوات اللبنانية»، وقد تمنح لـ «الاشتراكي» اذا لم يحصل على «الاشغال».

عون والاشارات الايجابية



وفي هذا السياق، اكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ان علينا ان نكون يدا واحدة لاعادة بناء البلد، التي هي ليست بصعبة اذا ما صفت النوايا، مشددا على أهمية تشكيل حكومة تكون على قدر تطلعات الشعب اللبناني، وتمكن البلد من النهوض مجددا لا سيما اقتصاديا.



واعتبر ان تشكيل الحكومة في اسرع وقت يعطي إشارة إيجابية للخارج، بأن لبنان بات على السكة الصحيحة، معيدا التأكيد ان على الجميع ان يكونوا على قدر المسؤولية «ومن لا يستطيع تحمل المسؤولية يجب الا يكون في سدته».

ترقب لعهد ترامب



ومع اداء الرئيس الاميركي دونالد ترامب اليمين الدستورية امس، هنأه الرئيس عون واعتبر ان وجوده في البيت الأبيض سيعطي العلاقات الثنائية دفعاً اضافياً. واضاف» وقفتم الى جانب لبنان ومساعدته بعد الظروف الصعبة ، وكان لبلادكم الصديقة الدور البارز في الانتقال الى افق جديد من الأمان والطمأنينة».



وفيما تترقب المنطقة والعالم ما ستحمله ولاية الرئيس الاميركي من «مفاجآت» فان حلفاء الولايات المتحدة في الغرب يستعدون لهذه المرحلة بمزيج من التوقعات المتناقضة، ولا يزالون يأملون الأفضل، ولكنهم غير مستعدين إلى حد كبير لما قد يثبت أنه ألاسوأ. فقد أرسل ترامب سلسلة من الإشارات عن زيادة نسبة التعريفات الجمركية على كندا والصين والمكسيك، وتعهد باسترجاع قناة بنما.



كما واستخدم ترامب نفوذه للضغط على بنيامين نتنياهو، لقبول وقف إطلاق النار في غزة، الذي قاومه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» منذ أيار، لكنه يسعى الى فرض ما يسميه «السلام بالقوة» ، عبر توسيع اتفاق «ابراهام» بدءا بالتطبيع بين السعودية وكيان الاحتلال.

ارباك ديبلوماسي



ووفق الاعلام الغربي، فان البحث عن المؤشرات الحقيقية لاستراتيجيات ترامب وسط كل هذا الضجيج، وعدم التمييز بين التهديدات التي تنذر بالتحرك، إلى التهويل التفاوضي وتحديد الأساس المنطقي لقراراته، جعل الديبلوماسيين الأجانب المرتبكين في واشنطن يسهرون الليل بالفعل. وقد أصبح ترامب أكثر وضوحا في أن اسلوب عمله يعتمد على عدم القدرة على التنبؤ بما يفكر به.

الخوف من «المجنون»



فعلى سبيل المثال، قال ترامب لصحيفة «وول ستريت جورنال» الاميركية إنه مسرور لأن الرئيس الصيني شي جين بينغ «يحترمني لأنه يعرف أنني مجنون». وللأسف تقول الصحيفة، ان الخوف من المجنون يتلاشى إن لم يفعل أمرا جنونيا حقا. ولهذا السبب يتوقع الكثيرون أن يبدأ ترامب إدارته سريعا، ويحاول إرباك معارضيه وإثبات أن نهجه «أميركا أولا» سيكون له اوامر تنفيذية.

استرضاء ومرونة



وتقول رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم، التي اجتمعت مع وزراء خارجية أميركا اللاتينية يوم الجمعة، لوضع استراتيجية مشتركة لمواجهة ترامب، إن البلاد لديها خطط ديبلوماسية جاهزة إذا بدأت عمليات الترحيل الجماعي. وكانت الصين تستعد لعملياتها الانتقامية لمدة عام، وتبحث عن حلفاء.



ويتوقع تشتيغي باجباي، الباحث في شؤون جنوب آسيا بتشاتام هاوس في لندن، أن «يحاول الحلفاء مزيجا من سياسات الاسترضاء وتعزيز المرونة والانتقام، فضلا عن تعبئة جهود القوى المتوسطة لمحاولة الحفاظ على التجارة الحرة كما فعلت في ولاية ترامب الأولى».

تشاؤم اوروبي



اما في أوروبا، حيث العداء الشعبي لترامب أعظم من أي مكان آخر، فإن التشاؤم كبير. فوزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك متشائم، ويتوقع أن يتم تأطير الرسوم الجمركية الأميركية ضد الاتحاد الأوروبي ،لإلحاق الضرر بالصناعة الألمانية.



وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء الأوسترالي السابق مالكولم تيرنبل من أنه لن يكون الإدارة الأميركية الجديدة سوى صانع قرار واحد: دونالد ترامب. وينصح تيرنبل بأنه مع تدفق الأوامر التنفيذية من البيت الأبيض الأسبوع المقبل، وكثير منها معادية لحلفاء الولايات المتحدة، فإن الاختبار سيكون أولا الوقوف في وجه التنمر، ثم إقناعه بعد ذلك بوجود أرضية مشتركة، لأن هناك سؤالا واحدا فقط ــ تجاريا وسياسيا ــ يسأله ترامب على الإطلاق: ما الذي سيعود علي؟

الديار

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

من خطاب ترامب الى مستقبل ايران...شيعة لبنان يخلعون الرداء العتيق

الى الضفة درْ: "الجدار الحديدي"...إنطلاق عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في جنين

قرارات ترامب فى اليوم الأول.. بداية عنيفة تمحو إرث بايدن

بشأن إنسحاب إسرائيل من لبنان.. إليكم ما كشفه مصدر عسكريّ

قُبلة ميلانيا وأقلام تتطاير.. مواقف محرجة وغريبة خلال تنصيب ترامب (فيديو)

الإفراج عن عناصر من نظام الأسد.. بعد التحقيق معهم

بشأن اعتداءات إسرائيل.. هذا ما طالبت به سوريا

من حساب الرئاسة... ترامب يعد الأميركيين بـ"العصر الذهبي"