يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

بورصة الربح والخسارة في ميزان حماس وإسرائيل غير متكافئة ...هدنة المحارب حتى آخر الأسرى

Saturday, January 18, 2025 2:58:53 PM

قبل إبرام اتفاقية الهدنة بين حماس وإسرائيل كان مشهد الدمار الكامل في غزة وعدد القتلى الذي قارب ال50 ألفا والنازحون بالآلاف والأسرى بعشرات الآلاف كافٍ لتحديد مفهوم الربح والخسارة في الحرب التي أعلنتها حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023. وفي خلالها، كما في كل الحروب الحديثة لم تعد القوة العسكرية تُحَدد مفهوم المنتصر والمنهزم بل العامل الأساسي هو الصمود والإرادة.
بعد موافقة إسرائيل على صفقة الهدنة بات السؤال: من هم المرشحون لرفع شارة النصر بعد مرور 460 يوما على هذه الحرب المدمرة التي كانت نقطة انطلاق لتغيير الخارطة الجيوسياسية في المنطقة بدءا من لبنان مرورا بسوريا وصولا إلى غزة ومن سيكتب عنهم التاريخ يوما أنهم رفعوا الراية البيضاء؟

الأكيد أن طرفي النزاع أي إسرائيل وحماس سيعلنا النصر ويغدقا ما أمكن من روايات وتحليلات لإقناع الرأي العام بوجهة نظر كل منهما. وبطبيعة الحال سيصدق الجمهور ويقيم الاحتفالات بانتصار "فريقه". ‏لكن في الحقيقة الإجابة على سؤال من انتصر تبدو صعبة. فهذه الحرب دون سواها من الحروب، لا يوجد فيها معيار للانتصار، ولا تكافؤ بين المتحاربين، ولم يحقق أحد أهدافه التي أعلنها، وبالتالي لا يوجد فيها أي طرف منتصر. فالجميع خرجوا منتصرين في مفهوم البقاء والصمود، وخاسرين في معادلة الخسائر البشرية والعسكرية لكن ليس متكافئين في الخسارة.

حماس والغزاويون تكبدوا خسائر فادحة لكنهم لم يهزموا أمام آلة الدمار والحرب الوحشية ولم يرفعوا الراية البيضاء . والإسرائيليون من جهتهم فرحوا، لكن في جزء منهم، باعتبار أن النتائج ستسفر بالإفراج عن الرهائن وعملية التبادل التي ستبدأ غدا الأحد وستكون على 3 دفعات باتت محسومة . إلا أن الشارع الإسرائيلي لن يهدأ ولن يجاهر بالإنتصار إلا بعد الإفراج عن كل الرهائن. وحتى اللحظة هناك تحفظ وغضب في الشارع الإسرائيلي حول مسألة تقسيم المراحل لأن ذكرى الصفقة الماضية التي وُقعت قبل عام وكان يفترض أن يكون لها استمرارية توقفت ولا شيء يحول دون ذلك اليوم في حال انهيار المحادثات.

العميد المتقاعد جورج نادر ينطلق من الأسباب التي أدت إلى فرض صفقة الهدنة ويقول ل"المركزية" "لا شك أن حماس والإسرائيليين كانوا بحاجة إلى هذه الهدنة. فرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يرزح تحت ضغط كبير من قبل أهالي الرهائن الذين بدأوا يتحركون في الشارع ويهددون حكومته وأمن الداخل الذي يستفيد منه أعداء إسرائيل ويفتح أمام الدول الكبرى الحليفة، ولا سيما منها الولايات المتحدة الأميركية، الباب لتطويق نتانياهو. لكن السبب الأبرز هو وضع الجيش الإسرائيلي الذي خاض حربا شرسة في غزة وتزامن ذلك مع الحرب على حزب الله في الجنوب والتي تحولت إلى شمولية، وعليه بات يحتاج إلى هدنة للتعويض عن الخسائر التي تكبدها في الحرب على غزة سواء في العديد والعتاد واستنهاض المعنويات وإعادة تنظيم صفوفه وهذا ما يعرف في لغة الحروب باستراحة المحارب.

في ما يخص حماس يشير نادر إلى أنها أكثر ما يكون بحاجة إلى الهدنة بعدما سُحقت بالعديد والعتاد لا سيما بعد اغتيال كبار قادتها وتدمير بناها العسكرية. لكن يبقى السؤال هل تكون هدنة مؤقتة أو دائمة؟ هذا الأمر متروك لمسار الأمور في الأيام الآتية. أما وقد وافق الطرفان على اتفاق الهدنة فالكلام اليوم عن معيار الربح والخسارة ومدى تحقيق الأهداف لدى الطرفين.

ويوضح" عندما أعلنت حركة حماس الحرب على غزة في 7 تشرين الأول 2023 كان الهدف "تبييض" السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين وهذا لن يتحقق حتى بعد توقيع اتفاق الهدنة لأن عملية التبادل ستتم على قاعدة مقابل كل أسير إسرائيلي 33 أسيرا قلسطينيا وعدد السجناء الذي كان يقارب الـ7000 قبل الحرب وصل إلى 30 ألفا من غزة والضفة الغربية.وهذه المعادلة كافية للتأكيد على الفشل في تنفيذ الهدف أضف إلى ذلك الخسائر الكبيرة في العتاد والعديد والدمار وتتطلب عملية الإعمار حوالى 7 عقود".

يتابع نادر"إسرائيليا لم تنجح الحكومة العسكرية في تحقيق كل الأهداف. عملية القضاء على حماس بشكل نهائي لم تتحقق وكذلك الأمر بالنسبة إلى مسألة تحرير الأسرى. لكن بورصة الربح في الميزان الإسرائيلي تبقى الأعلى مقارنة مع الخسائر التي منيت بها حركة حماس والغزاويون".

حين تضع الحرب أوزارها ‏يصبح تجاوز الكلام عن "وَهْم" الانتصار صعبا، ويتصدر الخلاف على توزيع أسهم الخسارة المشهدية العامة. لكن ثمة حقيقة واحدة غير قابلة للجدل وهي أن الحرب أطلقت مارد الجنون من قمقمه، وكان لا بد وبأي شكل أن تتوقف الحرب. لكن ما يخشاه البعض أن لا تتوقف وأن تكون مجرد هدنة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب البيوتات العسكرية حتى وان تم الاتفاق بين طرفي القتال على الهدنة ، لأن كل طرف فيها لا يعترف بالخسارة، أو بنصيبه منها، وما زال يصر على الانتصار الكامل .

لعله من المبكر الرهان على استمرارية اتفاق الهدنة ، لكن استعادة ما ورد في صفحات كتاب لرئيسة وزراء إسرائيل جولدامائير التي قالت "إنني أعيش في خوف دائم عندما أستيقظ كل صباح وأسمع خبر ولادة طفل فلسطيني جديد"يثبت أن إسرائيل لن تطبق الإتفاق ومجرد أن تستعيد أسراها ستعود إلى دفاتر الحرب لأنهاء "حماس" و"حزب الله" من الوجود" يختم نادر.

المركزية

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

حماس تنقل أسماء الأسيرات الإسرائيليات المفرج عنهن إلى قطر قريبا!

عشية سريان الاتفاق.. إسرائيل تنشر خريطة تحذيرية لسكان غزة

عشية سريان الاتفاق.. إسرائيل تنشر خريطة تحذيرية لسكان غزة

حيتان المال في عهد الأسد.. من هم وما مصير ممتلكاتهم؟

بعد حرائق لوس أنجلوس… جدار من الغبار والرمال يضرب تكساس

"تحذير".. هذا ما قاله مبعوث ترامب لنتنياهو لإتمام اتفاق غزة

بورصة الربح والخسارة في ميزان حماس وإسرائيل غير متكافئة ...هدنة المحارب حتى آخر الأسرى

بشأن الإيرانيين والإسرائيليين... قرارٌ مفاجئ في سوريا