في الرابع عشر من أغسطس آب الماضي، أعلنت روسيا تعزيز قدراتها الجوية لمواجهة القوات الأوكرانية باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.


وفي ذلك الوقت نجحت للمرة الأولى في تطوير قدرات مُسيرات FPV المعروفة بـ"الذباب المدمر"، والتي أصبحت معضلة حقيقية لقوات كييف.

وتتمتع مُسيرات FPV بالقدرة على العمل بصورة مستقلة وتنفيذ مهام مختلفة في وقت واحد بفاعلية ودقة، من خلال التحليق على ارتفاعات عالية، إلى جانب تكلفتها المنخفضة مقارنة بالأسلحة التقليدية.


ولجأت موسكو في الأيام الأخيرة من العام الماضي، إلى تكثيف استخدام مُسيرات FPV التي أثبتت فاعليتها في ساحات المعارك.

وأكد الخبراء الروس أن الفترة المقبلة قد تشهد تسارعاً غربياً أوكرانياً في تطوير تقنيات مضادة لهذه المسيرات، وزيادة الاستثمار في رفع مستوى استقلالية المسيَّرات الهجومية.

وفي خضم تكثيف الهجمات الروسية على الأراضي الأوكرانية باستخدام مُسيرات "الذباب المدمر" التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، اعترف جهاز الاستخبارات العسكرية الأوكرانية بفشل أنظمة الدفاع الجوي لبلاده في التصدي لهذا النوع من المُسيرات الروسية.

مشكلة كبيرة
وقال كيريل بودانوف، رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، إن الطائرات الروسية المسيرة من طراز إف بي في التي تعمل بالألياف الضوئية أصبحت مشكلة كبيرة بالنسبة لأنظمة الدفاع الجوية لكييف، ولا يمكن إيقافها باستخدام وسائل الحرب الإلكترونية المتطورة، بحسب وكالة "أر بي كا" الأوكرانية.

وفي وقتٍ سابق، كشفت ماريا برلينسكايا، رئيسة مركز دعم الاستطلاع الجوي الأوكراني، عن مخاوف الشركات الغربية من تقديم المساعدة التكنولوجية للقوات الأوكرانية وأنها لا تنقل تقنيات باهظة الثمن إلى الجانب الأوكراني، وذلك خوفاً من استغلالها.


وتعليقاً على ذلك، قال الدكتور آصف ملحم، مدير مركز JSM للأبحاث والدراسات، إن رئيس المخابرات الأوكرانية كيريل بودانوف تحدث عن الدرون FPV التي يتم التحكم بها عن طريق الألياف البصرية والكابل الضوئي.


وأوضح أن هذه المسيرات تكون مربوطة بكابل ضوئي، وهذا الكابل الضوئي مرتبط مع من يقوم بالتحكم في هذه الدرون.

وأكد ملحم لـ"إرم نيوز" أن من أبرز مميزات الكابل الضوئي تأمين الاشارة التي تذهب من القاعدة باتجاه المسيرات عبر الألياف الضوئية والكابل البصري والموجة الضوئية، فلا تخرج خارج هذه الألياف الضوئية وبالتالي لا يمكن التقاطها بأي شكل خلال الحرب الإلكترونية.

وتابع: "عملية اكتشاف هذا النوع من المسيرات تكون صعبة للغاية بسبب عدم وجود إشارة، والطريقة الوحيدة التي يمكن اكتشافها بها هي عن طريق الرادارات وباعتبار أن الدرون حجمها صغير للغاية ومن ثم فإن التقاطها عن طريق الرادارات صعب وقد يكون معجزة".


وأشار ملحم إلى أن جودة الإشارة والمعلومات التي تجمعها الدرون عبر الألياف البصرية تكون كبيرة جدا؛ لأن سرعة نقلها تتم بسرعة الضوء، فتكون الإشارة سريعة وذات جودة عالية وتصلح بشكل كبير لمراقبة مسرح العمليات وإرسال المعطيات في الزمن الحقيقي، وتحديد أماكن وجود القناصين والمدرعات وتجمعات الجنود.

ولفت إلى أنها تطير في المناطق الصعبة بين الأشجار والمنازل ويمكنها تنفيذ عمليات اغتيال ببراعة.

وأوضح أن هناك معضلة تتعلق بمدى قدرة الدرون على الطيران لمسافات بعيدة، فإذا استطاعت الطيران لمسافه 50 كيلومتراً فهذه المسافة تعتبر كافية جداً عند الجبهة التي تعمل فيها منظومات الحرب الإلكترونية بشكل كثيف جداً في الطرفين الروسي والأوكراني.


وقال ملحم إن هناك معلومات تشير إلى أن هذا النوع من المسيرات FPV قادر على التحليق لمسافة 20 كلم فقط، ومن ثم فإن ذلك يعد معضلة إلى جانب معضلة طريقة تغذية الدرون.

وبين أنه يمكن تغذية الدرون بالألياف البصرية، وأن طريقة التغذية تكون من خلال كابلات تتسبب في نشر إشارات حولها وبالتالي يسهل ذلك في كشفها إلا أنه يمكن استخدامها في منظومات الدفاع الجوي، أو توجيه قذائف المدفعية، وغيرها، ورصد أماكن القناصة وتجمعات الجنود.

واشار ملحم إلى أن أوكرانيا بدأت بالعمل على هذه الأنواع من الدرون منذ العام الماضي كما تعمل عليها روسيا أيضاً، بالإضافة إلى إسرائيل، التي تخوض حرب عصابات ومدن وتعتمد على هذا النوع من الدرون.


ومن جانبه، قال العميد نضال زهوي، الخبير العسكري رئيس قسم الاستراتيجيا في مركز الدراسات الانثروستراتيجية، إنه بعد اغتيال الجنرال الروسي إيغور كيريلوف سوف تلجأ روسيا بشكل كبير خلال الفترة المقبلة لاستخدام مسيرات "إف بي في" القادرة على تنفيذ عمليات اغتيالية ضد شخصيات أوكرانية.

وأضاف زهوي لـ"إرم نيوز" أن الاستخبارات الروسية يمكنها تنفيذ مهام كبيرة داخل أوكرانيا ولديها قدرات كبيرة، وأنها قادرة على اغتيال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي نفسه إلا أنها لن تفعل ذلك حتى لا تصنع منه رمزاً ثورياً لشرق أوروبا، وفق قوله.


وتابع الخبير العسكري: "المسيرات الروسية FPV يمكنها حسم المعركة الأوكرانية بشكل سريع وإلحاق هزيمة كبيرة بالقوات الأوكرانية، ولكن هذا لن يتم إلا في حالة واحدة وهي استخدامها بشكل أكثر كفاءة، ورفع كفاءة الجنود في استخدامها من خلال التدريب عليها بشكل عملي، وهو ما تعمل عليه موسكو حالياً".