يومية سياسية مستقلة
بيروت / °31

فرصة تاريخية لن تتكرر

Sunday, December 29, 2024 2:46:52 PM

المحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي


لم يعد جائزاً التطاول على الدول الصديقة والشقيقة أبرزها دول اللجنة الخماسية وفي نطاق أوسع دول الخليج والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية، وهي التي بذلت الغالي والنفيس لمساعدة لبنان على تجاوز الحرب المدمرة الأخيرة ،وتخطي الفراغ الرئاسي،فكانت راعية للابن الضال الذي لم يعرف مصلحته، والتهى بالقشور على عادته، فكان همه جنس الملائكة، وكانت تلك النرجسية وحب الذات أسمى لديه من حب الوطن، تلك الرئاسة “الحلم” والهاجس المدمر بحد ذاته الذي كان في كل استحقاق يستحضر الفراغ لاشهر وسنوات ليضيع الوطن باقتصاده ونموه ومصالحه، كل ذلك لأن هذا وذاك من الموارنة يجسد بعضهم نيرون في تفكيره وأنانيته، فتتحول المأساة لتولد النكايات والحرتقات : إما أنا أو سيجارتي وإما احراق روما…..

فكان الحريق يلتهم الوطن بأسره ويدرك الجميع بشهادته أن بعض زعماء الموارنة ورؤساء الكتل ان كانوا يعرقلون انتخاب رئيس للجمهورية ،لم يسهلوا هذا الانتخاب.
اليوم نقف امام فرصة تاريخية قد لا تتكرر، بعد حرب مدمرة، لالف سبب وسبب تتمثل بتحديد جلسة لمجلس النواب في ٩ كانون الثاني وعد رئيس المجلس نبيه بري بانه سيؤمن انعقادها لتشمل جلسات متكررة خلالها بهدف انتخاب رئيس للجمهورية ،جاء الاعلان نتيجة ضغط دولي كبير لكسر جليد فراغ قاتل قصم ظهر لبنان واعاده سنوات طويلة الى الوراء.
وفيما الانظار شاخصة تترقب ما سينتجه هذا اليوم المحدد عادت حليمة الى عادتها القديمة…. قصدت به مواقف كلاً من القوات والتيار، وهما يتحملان المسؤولية الكبرى أمام الله والتاريخ ان اقدم احدهما على عرقلة وصول رئيس للجمهورية الى بعبدا.
نثير هذه الهواجس لان تاريخ العلاقات بين هاتين القوتين السياسيتين لم يكن مشجعاً لمصلحة المسيحيين بمعزل عمن كان على خطأ ومن كان على صواب، لكنهما يوم اتفقا، أصيب المسيحيون بالبلاء والخراب والدمار، ويوم اختلفا وتحاربا حصل الأمر نفسه.
اليوم لا نعرف ماذا تخبىء الكتلتان العائدتان الى هاتين القوتين، هل ستتفقان على تسمية موحدة لمرشح ماروني فتقترعان له أم ستفترقان ويسمي كل منهما مرشح مختلف، اذ ذاك ستؤدي الجلسات المتكررة الى فشل ذريع، ليكون الخاسر الاكبر المسيحيون ولبنان، اما الرابحون فبدون شك الرئيس بري الذي سوف يحصل على براءة ذمة مما يتهم به طوال عامين ونيف من عرقلة لانتخاب الرئيس ،اما الرابح الاكبر فاسرائيل التي لم تنتزع اتفاق وقف اطلاق النار (وهو بمثابة اعلان هزيمة المحور والممانعة بشهادة اهلها ) عدم وجود رئيس للجمهورية يقول كلمته ويفاوض سنداً للدستور، كما انها لم تنتصر وتتغلغل في العمق السوري حتى تخوم العاصمة السورية الا عند حصول الفراغ الرئاسي الاسدي فكان اجتياحها (الحلم القديم لديها) بدون ضربة كف.
هل يسفيق المسيحيون من ثباتهم العميق في ٩ كانون الثاني ويتوافقون على مرشح يتوفر فيه الحد الادنى من مسلمات الرئيس “القوي” الفعلي القادر على الحكم في المرحلة المقبلة ويستعيدوا دور المسيحيين الريادي وان في ظل دستور الطائف الذي انتقص من صلاحيات الرئيس فقلصها، ام يعودون بالصراع الى نقطة الصفر عام ١٩٨٩ في حرب عبثية على النفوذ والسيطرة على الحكم والارض ، وقد أضحى نصف لبنان أنقاضاً وركاماً في غياب ثقة دولية بهم بعد عشرات التجارب المريرة في جمعهم لعقود؟!
في ٩ كانون الثاني الامر يتوقف على جمع شمل الكتلتين المسيحيتين الكبريين في مجلس النواب، فيرثي خيارهما على اسم واحد، ليحول رهان الممانعين الى صفعة كبرى ويهددان تعويلهما على فراغ يدوم ويدوم فيما اسرائيل تطبق سياسة القضم، من غزة الى جنوب لبنان الى جنوب سوريا،
وحدة الموقف المسيحي هي التي قادرة على كسر التعطيل والخربطة، واسم المرشح المشترك بين القوتين السياسيتين هو القادر على نكء الجراح، وإلا فان المسيحيين يتحملون امام الله والوطن والضمير والشعب مسؤولية تعطيل عملية انتخاب الرئيس سواء بالاعتكاف عن المشاركة في التصويت أم بتوزيع وتشتيت الاصوات خدمة لهذا الفراغ القاتل والذي بات سبباً مباشراً للتنازلات والتدمير والقتل والتشريد

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

طقس مستقرّ في أوّل أيّام السنة… وهذه التفاصيل!

جعجع لنعيم قاسم: الدولة هي أنتم الآن.. فإتخذوا الموقف المناسب

الجيش ينتشر في شمع.. والعدو يتراجع باتجاه رأس الناقورة

لقاء سعودي - شيعي يحدِّد مصير قائد الجيش

لليوم التاسع على التوالي... دخان من بين أنقاض مبنى الزيلع المنهار في طرابلس

لبنان يترقّب زيارة الوفد السعودي... وحراكٌ داخلي يسبق جلسة الانتخاب

سوريا ولبنان: الإقامة بين الأقليّات والأكثريّات

جوزف عون: الاستثناء يصنع القاعدة