يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

"الزومبي»:شبح سلبي يعبرعن واقع المصارف في لبنان

Thursday, March 28, 2024 7:50:56 PM

يعرّف «المصرف الزومبي» بأنه مصرف متعثّر تسجّل ميزانيته العامة كمّاً كبيراً من الأصول المتعثّرة، ما يتطلّب تصفيته وفقاً للمعايير القانونية التقليدية، لكنه يستمرّ في العمل بفضل التسامح التنظيمي لمنع الذعر من الانتشار إلى المصارف الأخرى التي تكون في وضع أفضل، أوّل من أطلق هذا المصطلح، إدوارد كين من كلية بوسطن في عام 1987، في إشارة إلى أزمة المدّخرات والقروض في بلاده، حيث هدّدت خسائر الرهن العقاري التجاري بمحو مؤسسات الادّخار والقروض وبدلاً من تركها تغرق.

هذا هو واقع المصارف في لبنان،حيث أشار رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين فؤاد زمكحل في حديث لـ»اللواء» إلى أن المصارف اللبنانية لقّبت ب «مصارف الزومبي» لسبب بسيط جداً هو أن دور المصارف هو دور مالي ونقدي وتمويهي وهو واضح في كل القطاع المصرفي العالمي و»الزومبي» كتعريف هو عبارة عن شبح سلبي خيالي وليس حقيقي تم إستعماله للتخويف خصوصاً في أفلام الرعب.

وشدد زمكحل على أن المصارف اللبنانية لا يستطيعون لعب دورهم المالي والنقدي لأنهم خسروا كل إمكاناتهم المالية والنقدية فلا يمكنهم لعب دور الإستدانة أو الإدانة أو حتى إستقطاب أي ودائع لأن قيمتهم اليوم هي ما دون الصفر أي في «موت سريري»معيين، لأن «البنك» يقييم أولاً بأوصوله وأكبر أصول المصارف هي ودائعهم الموجودة في المصرف المركزي.

ولفت إلى أنه بحسب الخطة المقترحة من قبل حكومة تصريف الأعمال مؤخراً،فمن المقرر أن يتم شطب هذه الودائع الموجودة في المصرف المركزي،فإذا شطبت ودائع المصارف في المصرف المركزي يبقى لهم المسؤولية المالية التي يتحملونها للمودعين أي ما فوق الـ 50 مليار دولار.

وأكد أنه إذا تم شطب جميع الأصول وبقيت المسؤوليات المالية فلم يتم خسارة تقييمهم الذي هو «تحت الصفر»،إنما أيضاً تكون المصارف قد خسرت أصولها من دون التمكن من إعادة أي هيكلية حتى لو إتكلنا على مستثمري الخارج،فلا يوجد أي مستثمر سيدخل لدفع «الديون القديمة» ،ممكن أن يدخل المستثمر لإعادة الدورة الإقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية،ولكن ليس تسكير الديون القديمة.

واعتبر زمكحل أن المصارف اللبنانية لقّبت بالـ»زومبي بنك» لأن هذه المصارف باتت قريبة جداً من أن تصبح «خيالاً أي أن المصارف باتت تشكل خوفاً أكثر من تمكنها من إعادة الثقة،والعامل الأساسي في أي مصرف أو في أي قطاع مصرفي ومالي ونقدي في العالم هو عامل «الثقة» سواء ثقة»المودعين» أو ثقة «المجتمع الدولي» ولسوء الحظ المصارف خسروا نهائياً هذه الثقة سواء من المواطنين أو المودعين أو الشركات سواء في المجتمع الداخلي أو الدولي لذلك لقب «الزومبي بنك» هو لقب محق لأن المصارف اللبنانية باتت في الخيال بسبب عدم قدرتهم على العمل ولا يستطيعون إعادة أي دورة مالية أو نقدية وهذا لأن الدولة اللبنانية أرادت أن تكون هذه المصارف «مصارف زومبي» لأنها لا تريد إفلاسهم وفي نفس الوقت لا تريد لهم أن يعملوا لتفعيل الدورة الإقتصادية. 

ومن جهته، لفت استاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية جاسم عجاقة في حديث لـ«اللواء» إلى أن الذين يتحدثون عن هذا الأمر إستندوا إلى تقرير لصندوق النقد الدولي الذي تحدث عن «المصارف الزومبي»، وهذه المصارف المقصود بها هي المصارف التي لا تمتلك الرأس المال الكافي للقيام بنشاطاتها وليس بالضرورة أن تكون مصارف ضمن أزمة نظامية أي تطال كل حالة القطاع المصرفي كحالة لبنان.

واعتبر عجاقة أن المقاربة الدقيقة لهذا الموضوع  تنطلق من الأولوية الأساسية وهي «أموال المودعين»،ولكن بحسب القانون اللبناني الذي يقول عندما يفلس أي مصرف تلقائياً الودائع تذهب وتعوض على المودعين هيئة ضمان الودائع ب75 مليون ليرة مهما كان يتضمن هذا الحساب فوق هذا المبلغ،لذلك إذا تم «تطيير» المصارف لا يمكن أن يتم إسترجاع أموال المودعين.

وأكد أن المصارف ليس لديها أموال لأن رأس مالها لا يكفيها ولا يكفي الدولة اللبنانية لتستطيع رد الودائع،ففي هذه الحال هل سيتم التطرق إلى دولة «زومبي» كما يتم التداول بشكل دائم عن «المصارف الزومبي»؟،فالدولة اللبنانية ليست قادرة هي أيضاً على دفع مستحقاتها،فالمقاربة في هذه الحال لها أبعاد أخرى مختلفة لأنه لا شك أن المصارف اللبنانية وحدها ليست قادرة على دفع الودائع،ولكن الدولة أيضاً ليست قادرة أيضاً لذلك في هذه الحال يجب أن نعتبرها «دولة زومبي» أيضاً.

وأشار إلى أنه عادة يتم خلط المؤسسة بالأشخاص القييمين عليها،فإذا أرادوا محاسبة القيميين على المصارف على أخطائهم فالقضاء موجود ولكن لا داعي للقيام ب»تدمير القطاع المصرفي» لتحقيق هذا الأمر فليتركوا للقضاء القيام بواجبه وإجراء اللازم،ولكن إذا أرادوا إزالة المصارف فالسؤال الذي يجب أن يتم الإجابة عنه «ما هو مصير أموال المودعين»؟،إذا كانت مثل الخطة التي وضعتها الحكومة فالودائع سيصبحوا «في مهب الريح».

وشدد على أن الحل الأساسي والجوهري يبدأ بفرض تطبيق التعميم  154 الذي يشكل بداية جيدة جداً ،والمصارف التي ليست قادرة على القيام بتطبيق هذا التعميم فليتم التعامل معها بالقانون مع الحفاظ الدائم على ودائع المودعين وهذا أمر أساسي لا أحد يمكن أن يتم تخطيه،فعندما يتم تآكل الودائع سيقول المودع مستقبلاً «لولد ولده» أن «ودائعي تآكلت في المصارف»،وتوزيع الخسائر من خلال الطريقة المتبعة الهدف منها بالدرجة الأولى هو «شطب الودائع» وهذا الأمر أصبح واضحاً وضوح الشمس لأن الدولة التي تأخذ أموال المودعين من المصارف وليست قادرة على ردهم هي أيضاً «دولة زومبي».

وذكّر أن التعميم 154  يفرض رفع رأس المال على المصارف وزيادة السيولة في الخارج ويفرض على المصارف حث المودعين على إعادة 15% من الأموال التي حولوها إلى الخارج وإذا كانوا سياسيين أو أشخاص في الشأن العام يقومون برد 30% من الأموال،هذه الطريقة تسمح بزيادة السيولة ورد أموال المودعين عدا عن ذلك فالودائع ستكون في خطر،لأن إستهداف القيميين على القطاع يجب أن لا يكون ذريعة لإستهداف المؤسسة المصرفية بحد ذاتها لأنه في القانون إذا تم «تطيير»المصارف فهذا سيؤدي حكماً إلى تطيير الودائع وهذا أمر لا يجوز.

وأعرب عن إعتقاده بأن الحل بسيط وسهل وهو إعطاء المودعين أموالهم وليفعلوا بعدها بالمصارف ما يشاؤون،فالأولوية الأولى و الأخيرة هي إسترداد أموال المودعين والباقي تفاصيل،لذلك وفي إطار الجمود السياسي والعجز عن قيام الدولة بالحلول والإصلاحات اللازمة التعميم 154 هو الوسيلة القانونية اللازمة الأسلم والأسهل لزيادة السيولة في القطاع المصرفي التي تعتبر هي اليوم المشكلة الأساسية.

وكشف عجاقة أن تقرير صندوق النقد الدولي حول «مصارف الزومبي» كان يتكلم حينها عن «المصارف الأفريقية» وليس «اللبنانية» لأن المصارف الأفريقية ليس الرأس المال الكافي فضلاً عن السرقات والفساد المتفشي فالمصارف لا يمكن التعاطي معها على أساس أنها ليس لديها قدرات فالمصارف اللبنانية على الرغم من مشكلتها بعدم قدرتها على رد أموال المودعين ،ولكن لحد هذه اللحظة لديها الثقة لدى المصارف المراسلة للقيام بالعمليات معها وهذا الأمر ليس موجوداً في أفريقيا فالمصارف في لبنان قادرة على فتح إعتماد أما في أفريقيا فيرفضون المصارف المراسلة أن يقوم المصرف الأفريقي بفتح الإعتماد لأنه ليس لديه مصداقية. 

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

الحدّ الأدنى للأجور: هل الراتب للمأكل والملبس فقط؟

بوشكيان: لا تهاون مع اليد العاملة الأجنبية غير الشرعية

فنادق في لبنان مهددة بالاقفال! والسبب؟

بعد ثلاث سنوات من الجنون: التضخّم اللبناني يتعقلن

580 دولارًا هو الحدّ الأدنى المطلوب للأجور

كيف أقفل دولار السوق السوداء مساء اليوم؟

فياض: وقف العمل بآلية إعطاء تراخيص حفر هذه الآبار

سوبرة يدعو لإعتماد بيروت مركزاً للتلاقي والحوار لصياغة الإستراتيجيات الإقتصادية والإجتماعية العربية