يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

"أسطورة" كهرباء زحلة انتهت.. والمدينة المعتمة خالية من المولّدات

Thursday, July 29, 2021 9:55:23 PM

يرسخ انقطاع الكهرباء في زحلة وقرى قضائها، لأول مرة منذ "احتكرت" شركة كهرباء زحلة تأمين التغذية في أوقات التقنين الرسمي، نوعاً من الطبقية الاجتماعية التي بدأت تظهر بين أهالي المنطقة، بسبب تفاوت إمكانيات الناس ومقدراتها.

فالبديل الآني والسريع غير متوفر، وهو إن توفّر كلفته مرتفعة جداً، مما يهدد بتحويل الكهرباء خدمة لن يحصل عليها سوى الأغنياء، الذين تحولوا أقلية في معظم المجتمعات اللبنانية.

الأرباح والخسائر
عملياً، لم يحسب معظم أبناء المنطقة حساباً لأي "انتكاسة" يمكن أن تتعرض لها الشركة. فمديرها العام الذي تحول إلى "أيقونة إعلامية" يضرب بها المثل في تأمين الإنارة، لم ينفك يوماً عن تشجيع تعميم تجربته في زحلة على مستوى لبنان عموماً. ولكن حتى هو لم يحسب حساباً لهذا التدهور الدراماتيكي التي تشهده العملة الوطنية، والذي حوّل المؤشر الإيجابي في أرباح الشركة إلى سلبي، خلال أشهر فقط من امتداد الأزمة الاقتصادية.

لا تصارح الشركة مكلّفيها بالدافع الفعلي للتقنين، وهو وإن كان مرتبطاً في جزء منه بمادة المازوت والقدرة على تأمينها بالسعر المحدد رسمياً، إلا أن المعلومات تؤكد أنه حتى لو توفرت مادة المازوت، فإن الشركة لن تتمكن من تأمين توازنها المالي ما لم يتراجع الدولار إلى مستويات تعيد قيمة رسم 15 ألف ليرة الذي تتقاضاه الشركة كإشتراك بمولداتها الخاصة، وكان قسم منه يغطي قيمة استئجار المولدات التي تؤمن الكهرباء في أوقات تقنينها "الرسمي"، ويفوقها بمبلغ 400 ألف دولار شهرياً، تعد من ضمن أرباح الشركة بعد تسديد نفقاتها الأخرى.. قبل أن يصبح مجموع قيمة هذا المبلغ حالياً لا يوازي 60 ألف دولار، مع الارتفاع الجنوني في سعره بالسوق الموازية.

هذه الحقيقة، بددت اعتزاز الزحليين بكهربائهم المتواصلة لسنوات، ليحل مكانه القلق على المستقبل. وقد ترجم هذا القلق، بعودة الحديث عن الحاجة لتأمين مولّدات تسد عجز الشركة عن تأمين الكهرباء. وسط نقمة عارمة يعيشها أبناء المنطقة عموماً، وخصوصاً أصحاب المؤسسات المتضررة من الساعات المحددة للتقنين في ذروة أوقات الإنتاج بالنسبة لها.

تجّار الأزمات
إلا أن البديل لا يبدو سهلاً لا في زحلة ولا في قرى قضائها. خصوصاً أن معظم مولدات الأحياء بيعت بعد احتكار شركة كهرباء زحلة خدمتها، حتى صارت زحلة وقرى قضائها مضرب مثل بإنعدام صوتها ورائحتها من وسط الأحياء. وعليه، فإن أي استعادة لهذه الوسيلة في تأمين الكهرباء سيعني استقدام مولدات جديدة. الأمر الذي يبدو ضرباً من المقامرة في ظل ارتفاع أسعارها المحددة بالدولار.

أضف إلى ذلك أنه مع تقاعد مولدات الأحياء، فرضت بعض البلديات ومن ضمنها زحلة نزع الشبكة "العشوائية" التي كانت تستخدمها لإيصال الخدمة للمشتركين، فصارت كل المنازل موصولة فقط بشبكة كهرباء زحلة. وبالتالي فإن أي عودة للمولدات سيعني تكلفة إضافية تفرض على المشتركين، وهي وفقاً لأصحاب الاختصاص قد تصل إلى عشرة ملايين ليرة كحد أدنى للبيت الواحد.

بعض المعلومات تتحدث عن استعداد تجار الأزمات لاستحضار المولدات إلى المنطقة. وهم يدرسون واقع السوق وقدرته على تسديد الفاتورة المرتفعة التي ستفرض، والتي تبدأ من 700 ألف ليرة لتغطية ست ساعات تغذية فقط، وتكون الكلفة متصاعدة كلما زادت ساعات التقنين وشحّت مادة المازوت من الأسواق.

وهذه العروض بدأت تقدم حالياً لأصحاب المؤسسات المتضررة من انقطاع الكهرباء، ومن بينها المعامل على أنواعها، وخصوصاً الصغيرة منها، التي كانت تعتمد بشكل أساسي على تغذية الشركة، والمهن الحرة الصغيرة، الحلاقين والمقاهي والمتاجر، باعة الحلويات، والسوبرماركت، وحتى الصيدليات التي تعتمد على النظام الممكنن في بيع الأدوية، والتي لجأ بعضها إلى الإغلاق في ساعات التقنين.

الفاتورة الخيالية
هذا الواقع، يضع زحلة وقرى القضاء التي تستفيد من تغذية شركة كهرباء زحلة، أمام خيار واحد، يعتبر البعض أن الشركة تضغط للوصول إليه، وهو تحرير فواتيرها من التسعيرة الرسمية التي تحددها وزارة الطاقة لسعر الكيلوواط، بما يسمح للشركة بأن تعوض خسارتها التي يتسبب بها استئجار المولدات التي تؤمن التغذية بأوقات التقنين.

وهذا سيعني رفعاً تلقائياً للفواتير التي تجبيها الشركة بما يوازي قيمة العشرة دولارات التي كانت تتقاضاها سابقاً، مع إضافات أخرى سيفرضها أيضا ارتفاع سعر برميل المازوت، والمعدات وصيانتها وحتى تسيير آليات الشركة وورشها الفنية.

هذا الحل في المقابل سيجعل الكهرباء إمتيازاً للأغنياء فقط، خصوصا أن قيمة الفاتورة قد تصل إلى 500 ألف ليرة كحد أدنى، وهي وإن بقيت أدنى من التسعيرة التي بدأت تعرض من قبل من يحاولون الدخول على خط الأزمة لتأمين التغذية البديلة، ولكنها تبقى دون قدرة الكثير من أبناء البقاع، غير القادرين على تأمين سعر شمعة تنير منازلهم في أوقات التقنين.

شائعات واستياء
في الأثناء، بدأت التداعيات التي يخلفها انقطاع الكهرباء من دون توفر البدائل في منطقة زحلة وقضائها، تترجم غضباً في معظم نواحي البقاع، ولتفجر انتقادات شبيهة لما حصل يوم الأحد الماضي، عندما امتنعت الشركة عن قطع الكهرباء في الساعات المحددة للتقنين صباحاً، وأمنتها لمصلحة دور العبادة كما ذكر، بمقابل قطعها عن المؤسسات التي يعتاش منها أبناء هذه الدور في جميع أيام الأسبوع الأخرى.

كما أن ارتفاع منسوب الضغط لدى المواطنين، وضع ساعات التقنين التي فرضتها الشركة تحت المراقبة. وكشف مواطنون لـ"المدن" أنهم لاحظوا عبر التطبيق الإلكتروني الذي تعتمده الشركة للفصل بين فاتورتها وفاتورة مؤسسة كهرباء لبنان، أن الشركة تقوم بقطع الكهرباء في ساعات تتوفر فيها أحيانا التغذية من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، ما يطرح السؤال عن كيفية استخدام ساعات التغذية "الرسمية"، ويطالب إدارة الشركة بإجابات واضحة وشفافة عن كثير من الشكوك التي بدأت تراود الموطنين حول مستقبل كهربائهم، بعيداً عن استخدام الإعلام لتسويق صورتها فقط، مثلما كان النمط الذي اعتمدته طيلة السنوات الماضية.

المدن

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

كيف أقفل دولار السوق السوداء مساء اليوم؟

فياض: وقف العمل بآلية إعطاء تراخيص حفر هذه الآبار

سوبرة يدعو لإعتماد بيروت مركزاً للتلاقي والحوار لصياغة الإستراتيجيات الإقتصادية والإجتماعية العربية

منصوري خلال لقائه "الإعلاميين الاقتصاديين": لا يمكن النهوض بالاقتصاد من دون قطاع مصرفي سليم

أسعار جديدة للمحروقات

رفع الحد الأدنى للأجور: المرسوم وُقٍّع لكن الخلاف ما زال قائما!

عطل الانظمة الالكترونية في وزارة المال قد يؤخر صرف رواتب القطاع العام!

تعميم من الخليل إلى الوزارات