يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

خاص - اقترب الحل... وينتظر اختيار رئيس الحكومة

Monday, March 4, 2024 11:10:35 AM

بقلم زهير بوفاضل خاص اللبنانية

خلف دخان الحرب الدائرة في جنوب لبنان وبغض النظر عن الظروف والمبرارت التي أدت إليها، بدأت ترتسم معالم حل للأزمة اللبنانية بشقيها الحدودي والرئاسي، وستكون الكلمة الفصل فيه أولًا وأخيرًا للولايات المتحدة الأميركية الداعمة لإسرائيل، وللمملكة العربية السعودية المتفاهمة مع إيران. فواشنطن والرياض على تواصل وتفاوض مع طهران في شؤون لبنان والمنطقة، وهناك اتفاق بكين المعلن والمبرم بين الرياض وطهران منذ آذار 2023، واتفاق غير معلن بين واشنطن وطهران تم التوصل إليه قبل اسابيع من حصول عملية "طوفان الاقصى" يعكسه تلاقي البلدين على منع توسع حرب غزة الى المنطقة.
كما ان واشنطن والرياض ضمن المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية المهتمة بالشأن اللبناني والساعية إلى تمكين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين من الاتفاق على رئيس جديد للبلاد. فيما طهران تبدو عضوا غير معلن في هذه المجموعة حتى ولو اعتبرها البعض "عضوا مراقبا"، وهذا الامر كرسه اللقاء الذي انعقد قبل اسابيع بين السفير السعودي وليد البخاري والسفير الايراني مجتبى أماني والذي سبق الاجتماع الاول لسفراء المجموعة الخماسية عند البخاري، حيث ان السفير الايراني ابلغ نظيره السعودي ومن خلاله هذه المجموعة موقف بلاده من الاستحقاق الرئاسي من انه شأن داخلي لبناني وانها تشجع على انجازه في اسرع وقت، وان موقفها من الترشيحات الرئاسية هو خلف خيارات حلفائها ازاء هذه الخيارات ولا يمكنها التدخل لديهم لتغيير مواقفهم. وقد بدا هذا الموقف منسجما مع موقف الخماسية.

الا ان مهمة الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين وزياراته للبنان السابقة واللاحقة، وما اعلن من نتائجها وما لم يعلن، دلت الى انها توسعت في اتجاه صفقة حل حدودي ـ سياسي يبدأ بالحدود وينتهي بانتخاب رئيس او العكس الذي هو اكثر ترجيحا لان الحل للحدود يفرض وجود سلطة دستورية برئاسة رئيس جمهورية هو صاحب الصلاحية في التفاوض لعقد المعاهدات الدولية، تماما كما كان الحال عندما تم الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.
ويقول مطلعون على مهمة هوكشتاين انه بعد نجاحه في وساطته في ترسيم الحدود البحرية ومن ثم انطلاقه في وساطة جديدة لترسيم الحدود البرية أو تثبيتها، جاءت عملية "طوفان الأقصى" لتزيد على هذه الوساطة بنودا اضافية تتصل بطبيعة النزاع بين حزب الله واسرائيل التي ما زالت تحتل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتعتدي على الحدود البرية المرسمة منذ العام 1923 في 13 نقطة، وهي كانت قد احتلت في العام الماضي الجزء الشمالي من بلدة الغجر والذي يسمى خراج بلدة الماري اللبنانية.
على ان ما فرض التوسع في مهمة هوكشتاين كان "حرب الاسناد" التي شنها حزب الله على اسرائيل في اليوم التالي لعملية "طوفان الاقصى" ولا يزال تخفيفا للضغط العسكري الاسرائيلي عن حركة "حماس" واخواتها في قطاع غزة. ورفعت الإدارة الأميركية مهمة هوكشتاين إلى مرتبة موفد رئاسي وليس مستشارا للرئيس الاميركي لشؤون الطاقة العالمية فقط، وكلفته التوسط لايجاد حل نهائي حدودي وسياسي للنزاع العسكري القائم بين لبنان وإسرائيل على الحدود الجنوبية، على أن يكون المدخل إلى ذلك تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي 1701 لعام 2006، خصوصا وان "حرب الاسناد" تسببت بنزوح اكثر من 150000 إسرائيلي من المستوطنات الشمالية مقابل نزوح عشرات الالوف من اللبنانيين سكان البلدات والقرى الحدودية في شريط يمتد نحو 120 كيلومترا من الناقورة غربا الى مزارع شبعا شرقاً. ما ولد استنزافا للطرفين وبدت اسرائيل اكثر تأثرا فيه ولذلك صعدت الموقف عسكريا في اعمال القصف مهددة كل يوم بحرب مدمرة ضد لبنان على غرار الحرب التدميرية التي تخوضها في غزة. وهي تطالب بـ"عودة آمنة" لمستوطنيها يكون اساسها انسحاب "قوة الرضوان" التابعة لحزب الله الى شمال نهر الليطاني اي بمسافة تبعد اكثر من عشرين كيلومتر عن الحدود لان القرار 1701 ينص على انسحاب المقاتلين من هذه المنطقة على ان يتولى الامن فيها الجيش اللبنانين بالتعاون مع قوات "اليونيفيل" التي تنتشر فيها.

ومن هذه النقطة بدأ هوكشتاين مهمته الحدودية ـ السياسية، ليلقى تجاوبا من لبنان وحزب الله بحيث يتم تنفيذ القرار على جانبي الحدود، بشرط ان يسبق ذلك قيام سلطة لبنانية جديدة برئاسة رئيس الجمهورية الجديد، وان تساعد الولايات المتحدة بما تملك من تأثير في لبنان على انجاز هذه العملية الدستورية إذ كان عليها ان تقدم هذه المساعدة التي وعدت شفهيا لبنان بها غداة توقيع الاتفاق على ترسيم الحود البحرية خريف العام 2022.
وتفيد المعلومات ان مهمة هوكشتاين حققت تقدما ملموسا اثناء زيارته الاخيرة وما تلاها من اتصالات بينه وبين المسؤولين اللبنانيين ولا سيما منهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي التقاه اخيرا مرتين في منتدى "دافوس"، ثم في مؤتمر ميونخ للامن العالمي. وسيعود هوكشتاين الى لبنان قريبا حسبما اعلن ميقاتي قبل يومين، وكذلك استنادا الى اتفاق بينه وبين الرئيس بري في لقائهما الاخير على ان يزور لبنان فورالتوصل إلى هدنة او وقف اطلاق نار في غزة سيشمل جنوب لبنان حتما، ما يتيح الشروع في ترتيب الحل الحدودي السياسي بدءا بإنتخاب رئيس للجمهورية، وقد أعلن حزب الله مرارا انه سيوقف اطلاق النار بمجرد توقفه في غزة.
وفي المعلومات المتداولة في الغرف الضيقة أن الحل المنتظر يركز على حل للحدود البرية عبر تنفيذ القرار 1701 بحيث تتم معالجة النقاط الثلاثة عشر التي تعتدي فيها إسرائيل على حدود لبنان وذلك من النقطة B1 في الناقورة الى مزارع شبعا في القطاع الشرقي من الحدود، وفي الموازاة التوسط والمساعدة العملية على إيجاد حل للأزمة السياسية الداخلية اللبنانية عبر إقامة سلطة جديدة أساسها انتخاب رئيس جمهورية. وتؤكد المعلومات ان هوكشتاين يقترب من النجاح في مهمته بحيث أنه اقتنع بضرورة الإتيان برئيس الجمهورية لا يعترض عليه "الثنائي الشيعي" وحلفائه في مقابل انخراطهم في تنفيذ عملي للقرار 1701 على جانبي الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية ولكنهم يشترطون ان يسبقه انتخاب رئيس للجمهورية صاحب الصلاحية في التفاوض على تنفيذ هذا القرار بوجود حكومة مكتملة الاوصاف الدستورية. كذلك اقتنع هوكشتاين وقبله المجموعة الخماسية انه لا يمكن انتخاب رئيس لا يحظى بمقبولية لدى "الثنائي" وحلفائه الداخليين والاقليميين والدوليين، وفي الوقت نفسه لا يمكن الإتيان برئيس حكومة لا يحظى بمقبولية لدى الفريق السياسي اللبناني الآخر وحلفائه الداخليين والإقليميين والدوليين. وتؤكد المعلومات أن حسم موضوع رئيس الجمهورية ينتظر حسم موضوع اختيار رئيس الحكومة والحكومة الجديدة وبالتالي تسويق الحل برمته لدى الأفرقاء المعنيين، وهذا ما يفسر حتى الآن الجمود حينا والاضطراب احيانا في تحرك المجموعة الخماسية سواء على مستوى هيئتها العليا أو على مستوى سفرائها من دون اغفال اهمية وحيوية الموقفين الاميركي والسعودي فيها واللذين سيكونا في النهاية حاسمين على مستوى الخيارات النهائية المتعلقة بالحلول.

ويبدو أن الولايات المتحدة بدأت على طريقتها تعمل على ملاقاة مهمة هوكشتاين إلى منتصف الطريق عبر البحث عن رئيس حكومة يليق بالمرحلة بحيث يكون صاحب خبرة واختصاص في المجالات الاقتصادية والمالية إلى جانب خبرته السياسية. وفي هذا المجال لفتت زيارة السفيرة الأميركية ليزا جونسون المفاجأة أخيرا لرئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي الذي طرح خلال اللقاء معها ما يشبه العناوين الكبرى لحل الأزمة اللبنانية بكل شقوقها من الجنوب حيث المطلوب تنفيذ القرار 1701 إلى الداخل حيث الأزمة الرئاسية التي تستوجب انتخاب رئيس جمهورية جديد ومعها معالجة الأزمة والاقتصادية والمالية.
وكان اللافت أيضا ان زيارة جونسون لمخزومي جاءت بعد ما كانت زارت الرئيس السابق الحكومة سعد الحريري الذي أمضى أياما في بيروت لمناسبة ذكرى استشهاد والده رفيق الحريري قبل أن يعود إلى مقر إقامته في دولة الإمارات العربية المتحدة ويتبين أن كل ما أشيع حول إمكان عودته إلى العمل السياسي وزوال الظروف التي منعته أو دفعته إلى تعليقه لم تستند إلى أي أساس متين، بدليل أن الحريري نفسه قال أن أوان عودته إلى العمل السياسي لم يحن بعد.
وفي اي حال، إلى أن يأتي هوكشتاين فإن العيون ستبقى شاخصة على تحرك السفيرة الأميركية ولقاءاتها سواء في إطار مجموعة سفراء الخماسية أو خارجها التي تتصل بنحو او آخر بمهمة هوكشتاين او تكملها. وفي النهاية فإن رئيس الحكومة العتيد سيكون "حجر الرحى" او المكمل لصفقة الحل.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - ظاهرة خطيرة تضرب المجتمع.. جاد غاريوس يحاضر بالعفة

خاص- 1701 واقع لا مفرّ منه

خاص - مراقبو وزارة الاقتصاد بلا آليات نقل ومؤازرة أمنية

خاص - مجزرة في تاشع العكاريّة.. والوزير ياسين لموقعنا: سيتم تحويل الملف إلى القضاء

خاص- زيارة جزينية ممهورة بختم الثنائي

خاص- الضربة الإسرائيلية أربكت إيران

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!