يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

من بكركي إلى الشارع: معادلات القوة وحدها تحمي المسيحيين

Friday, October 22, 2021 10:13:54 PM

سجال العالي السقف تلا خطاب الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، حول ما قاله، سيما فيما يتعلق بمعادلة المقاتلين. أي أن الحزب يمتلك مئة ألف مقاتل مقابل عشرة آلاف للقوات اللبنانية. لم يمر هذا الكلام مرور الكلام في المزاج المسيحي. فالمسيحيون أولاً لا يحبذون الوصايات في الحماية من أحد. وهذا ما استمر نصرالله بالتذكير به في خطابه، ولو أنه قال مراراً: "مش تربيح جميلة". فتكرارها يمحو كلمة "مش" من الجملة. ثانياً، إن معادلات القوة والمقارنة في حجم المقاتلين لم تنزل برداً وسلاماً في المزاج المسيحي.

موقف البطريرك
مصادر مقربة من بكركي أكدت أن مضمون الخطاب لم يكن موفقاً. وبدا من خلاله نصرالله جاهلاً لتاريخ المسيحيين. ذكرت المصادر بالكلام السابق إبان الحرب اللبنانية "يوم اعتبر الفلسطينيون والحركات اليسارية أن المسيحيين "مغنجين ما بقاتلوا". وإذ اندلعت الحرب، وارتكبت فيها المجازر من كل الجهات". وبالتالي، إن معادلات القوة لصالح حزب الله ساقطة "فهو من يفترض به أن يدرك ذلك جيداً". تضيف المصادر نفسها، مستذكرة المعادلة التي كانت تحكم الصراع بين اسرائيل وحزب الله، يوم لم يكن حزب الله يملك هذه القدرة العسكرية، وعلى الرغم من ذلك، استطاع هزمها أو بالحد الأدنى التأسيس لتوازن القوة معها.

مصادر مقربة من بكركي تقول لـ"المدن" إن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لن يرد بشكل مباشر على كلام نصرالله، لأنه لا يريد الدخول في هذا السجال حول معادلات القوة ومدى قدرة المسيحيين على القتال متى دعت الحاجة إلى ذلك. غير أن العظة التي سيلقيها الراعي مساء الجمعة، في قداس احتفالي في بكركي، سيتحدث فيها عن القيم العامة وعن مبادئ العامة وعن المشهد العام، من دون الدخول في سجال مباشر مع نصرالله.
وصباح اليوم الجمعة، نقلت البطريركية المارونية عن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي رفضه أن "نعودَ إلى الاتّهاماتِ الاعتباطيّة، والتجييشِ الطائفيّ، والإعلامِ الفتنويِّ". وقال بيان نُشر على صفحة البطريركية عبر فيسبوك: "نرفض أن نعودَ إلى الشعاراتِ الجاهزة، ومحاولاتِ العزل، وتسوياتِ الترضية. نرفض أن نعودَ إلى اختلاقِ الملفّات ضِدَّ هذا الفريق أو ذاك، واختيارِ أناسٍ أكباشَ محرَقة، وإحلالِ الانتقامِ مكانَ العدالة".

انقسام العونيين
من جهة أخرى، تبدو الساحة المسيحية مستفزة من مشهد الطيونة. هذه الساحة بما فيها جمهور التيار الوطني الحر، الذي عبر عن ارتياحه لهجوم رئيس التيار جبران باسيل على الحزب، من بوابة التمسك بالقاضي طارق البيطار محققاً عدلياً في جريمة المرفأ، ومن بوابة رفض أي هجوم تتعرض له المناطق المسيحية، تحديداً عين الرمانة، التي دخلت عليها مجموعات تطلق شعارات مذهبية. وفي الوقت الذي عاد باسيل وحاول تهدئة شارعه، عبر وضع المسيحيين أمام خيار "إما ورقة التفاهم، وإما عين الرمانة طيونة"، يبدو الشارع العوني منقسماً على هذه المعادلة "المرفوضة" برأيهم، لأن ورقة التفاهم سبق أن أثبتت فشلها في بناء الدولة التي كان يعتقد جمهور التيار الوطني الحر أن الحزب سيشارك تيارهم ببنائها. لا، بل زاد فائض قوة الحزب على حساب الدولة أولاً، وعلى حساب القوى السياسية والتيار ثانياً، من حجم الاستياء العام. لدرجة أن هناك قناعة سبق أن ترسخت لدى جزء من جمهور التيار بأن الحزب ابتلع التيار "ويا ليت عون بقي في الرابية ولم يصل إلى ما وصل إليه اليوم".

معادلة عين الرمانة
هذا الانقسام في الشارع العوني لا ينسحب على الشارع المسيحي الذي يجمع أولاً على رفض حادثة الطيونة-عين الرمانة، ويعتبرون أن رد الفعل هو أمر واجب ومبرر القيام به. ويجمع ثانياً على ضرورة فرض معادلة مختلفة عن المعادلة التي فرضتها ورقة التفاهم، وهي معادلة قوة-ضعف، مقابل نجاح معادلة أخرى فرضتها أحداث الطيونة-عين الرمانة وهي معادلة القوة-القوة. صحيح أن المسيحيين يفضلون إرساء مفهوم الدولة على كل شيء، لكنهم في المقابل لا يفضلون أن يكونوا ضعفاء بين الأقوياء. وعليه، يتحولون تلقائياً من محبي سهر ورقص وغناء إلى مقاتلين، يستذكرون أيام الحرب بحنين بالغ، وكأنهم جاهزون للعودة إليها عند الضرورة.

هناك قناعة راسخة أن المسيحيين يفضلون الهجرة على البقاء في لبنان وسط ضيق الخيارات أمامهم. صحيح. غير أن الصحيح أيضاً أن من يقرر البقاء في لبنان يصبح مقاتلاً لو بمعول، متى عاد الانقسام الطائفي إلى حدته. وهو ما يبدو أنه يعود على خلفية قضية التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، وعلى مسافة أشهر من الانتخابات النيابية.

المدن

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

بوتين يحذّر نتنياهو: إيّاك ولبنان!

ساعة الصفر الرئاسية متأخرة.. وتحرُّك لجنة السفراء مستمر

باريس تدفع أوروبا إلى دعم الجيش والتصدي لملف النازحين في لبنان

القلق اللبناني من توسيع إسرائيل للحرب يتصدر لقاء ماكرون وميقاتي

إجراءات متلاحقة لضبط الانفلاش النقدي في لبنان

تحذيرات دبلوماسية للبنان: هذا ما تنوي إسرائيل فعله!

باسيل أبلغ اللجنة الخماسية طلبه الحصول على تعهد خطي بأن يفضي الحوار الى انتخاب رئيس

نديم الجميّل: بحثنا مع الإدارة الأميركية في ضرورة تطبيق الـ1701 والـ 1559