يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

الحكومة بدأت تترنح بين "الثنائي" والبيطار.. الخلاف السياسي ـ القضائي يصيب ميقاتي بالانفصام

Monday, October 18, 2021 11:05:47 AM


خاص اللبنانية
تيما فخير

على وقع حكومة تعيش خبط عشواء بدأت المنظومة السياسية المسؤولة عن انهيار البلاد الاقتصادي والمالي والمعيشي تنقلب على نفسها بل تتنازع في ما بينها مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المنتظر أن يكون بين 21 آذار و21 أيار 2022 ان لم تتم عرقلتها، إذ أن الدستور يقضي بأجراء هذه الانتخابات خلال مهلة 60 يوما من موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي.
وبدا من المواقف والتصرفات ازاء ملف انفجار مرفأ بيروت، ان بعض اطراف هذه المنظومة المتضررين من قانون الانتخاب الذي سعوا الى تغييره ولم يفلحوا بعدما كان سبب فوزهم الضعيف اوالهزيل في انتخابات 2018، يصعدون في هذا الملف ضد المحقق العدلي طارق بيطار مطالبين بتنحيته متجاوزين مواقف آخرين لا يريدون لبيطار التنحية وانما ان يعيد ترتيب اولويات التحقيق بالبدء بمعرفة من ادخل نيترات الامونيوم الى المرفأ ومن فجّرها ومن ثم البدء بمحاكمة المقصرين في تحمل المسؤوليات. فيما البيطار مصر على اولوياته وخياراته غير آبه بمواقف القوى السياسية الساعية الى تنحيته...

ولكن بعض المرجعيات والقوى السياسية يدفع في اتجاه جعل قضية المرفأ مورداً لفتنة طائفية وسياسية يراد النفاذ منها الى تطيير الانتخابات التي يخشون هذه المرة خوضها لأنهم سيحققون فيها فوزا هزيلاً. ويبدو ان الحادثة التي وقعت في الطيونة اريد لها أن تكون احد موارد هذه الفتنة لأنها شكلت في خلفياتها ومطاويها تعبيراً عن تبدل حصل في خيارات وحسابات بعض القوى السياسية ازاء استحقاق الانتخابات النيابية الذي بات على الابواب. فهذه الحادثة اذا لم تعالج اسبابها وخلفياتها وذيولها قد تدفع في اتجاه الغاء الانتخابات النيابية والذهاب الى تمديد ولاية مجلس النواب الحالي الى اجل غير معلوم وهو ما تطمح اليه بعض القوى الخائفة في المنظومة الفاسدة من خوض هذا الاستحقاق وفق القانون الانتخابي النافذ والذي قد لا تحقق فيه النتائج المرجوة.

فقبل حادثة الطيونة وبعدها بدا ان المواجهة باتت بين المنظومة السياسية والقضاء ما وضع مصير الرئيس نجيب ميقاتي وحكومته المهتزة في مهب ما يمكن ان يحصل من احداث وتطورات جديدة، حيث ان ميقاتي بدأ حائرا في الموقف ويتخبط في ظل ما يجري، فتارة اتهم القضاء والمحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار بالشعبوية ودعاه الى تلافي الاستنسابية في التحقيقات والاستدعاءات، وعندما تهجم الوزير محمد مرتضى على القضاء وتحدى رئيس الجمهورية والجميع في انه سيخرج الى شارع الحمرا برفقة النائب علي حسن خليل و"القبضاي يقرب منه" لم ينبث ميقاتي ببنت شفة، فيما راح لاحقا يؤكد ان امر القاضي بيطار متروك لمجلس القضاء الاعلى ولا صلاحية للحكومة في تنحيته من عدمها، ما دل على ان الرجل يناقض نفسه، او كأنه يعيش حالة انفصام في الشخصية السياسية وفي تعاطيه مع الاحداث. ولكن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تصدى وحده لكلام مرتضى ورفع الجلسة على تنعقد مجددا في اليوم التالي لمعالجة الامر بعد تكليف وزير العدل ببلورة حل قضائي ـ حكومي مشترك، ولكن هذه الجلسة لم تنعقد حتى اليوم في ظل تلويح الثنائي الشيعي بتعليق مشاركة وزرائه في مجلس الوزراء ما لم يبطل وزيرا العدل والداخلية مذكرات التوقيف الغيابية التي اصدرها القاضي بيطار في حق خليل وقبله الوزير السابق يوسف فنيانوس وتنحية بيطار عن قضية المرفأ.

ويقول البعض ان الحكومة باتت على شفير التحول حكومة تصريف اعمال سواء استقال رئيسها ميقاتي او لم يستقل وذلك في ضوء الخلاف القضائي الحكومي والاشتباك حول القاضي بيطار وضغط "الثاني الشيعي" في اتجاه تنحيته تحت طائلة تعليق المشاركة الشيعية في مجلس الوزراء، وكذلك في ضوءعدم قدرتها على وقف تدهور سعر العملة الوطنية وعودة الدولار الى ارتفاعه الجنوني، وتعثر الاتفاق بينها وبين المعنيين في مصرف لبنان وجمعية مصارف لبنان والدولة والمودعين على توزيعة الخسائر تمهيدا للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. ويضيف هؤلاء السياسيون ان استمرار البعض في عرقلة الوصول الى الحقيقة في قضية تفجير مرفأ بيروت سيكون وحده كفيلاً بسقوط الحكومة او اسقاطها، تماما مثلما اسقط الانفجار حكومة الرئيس حسان دياب لان اخفاء الحقيقة عن استشهاد اكثر من 200 مواطن وجرح ستة آلاف آخرين في هذه الجريمة هو اخطر على أمن البلد ومستقبله من الجريمة نفسها .

والى ذلك، يبدو ان ميقاتي ما زال عاجزا عن اقناع الاطراف المعنيين بالتوصل الى الاتفاق المطلوب على توزيعة الخسائر، الى درجة ان رئيس جمعية المصارف سليم صفير ابلغ اليه صراحة وبإصرار خلال لقائهما الاسبوع الماضي رفض المصارف تحمل اي خسائر وان على الدولة ومصرف لبنان ان يتحملا كل الخسائر كونهما استدانا اموال المودعين من المصارف ولم يعيدا هذه الديون الى اصحابها بعد. وهذا الامر ان دل على شيء انما يدل على ان موضوع تحديد ارقام الخسائر وتوزيعها التي ينتظرها صندوق النقد الدولي شرط للتفاوض معه والشروع في تطبيق الاصلاحات والحلول ما تزال "طبخة بحص" ليس إلا..
ويقول فريق من المتابعي للعمل الحكومي من قرب ان حكومة ميقاتي التي اذا لم تفلح في تحقيق اي خطوة اصلاحية من الان وحتى نهاية السنة ستكون في مطلع السنة الجديدة 2022 حكومة تصريف اعمال بإمتياز همها الاساس اجراء الانتخابات النيابية التي يسود اتجاه الى اجرائها في 27 آذار المقبل حسبما اوصت اللجان النيابية المشتركة في جلستها الاخيرة (وهو ما ستبت به الجلسة العامة مجلس النواب في 19 تشرين الاول الجاري)، وذلك في حال لم تقع حادثة طيونة جديدة هنا او هناك على مساحة البلد تخلق ظروفا اضافية من شأنها ان تدفع الى تأجيل هذه الانتخابات او الغائها وتمديد مجلس النواب ولايته الحالية خلافا لارادة الناس الناقمين على المنظومة السياسية الفاسدة التي خربت البلاد وكذلك خلافا لارادة المجتمع الدولي الذي لا يزال حتى اشعار آخر يتمسك بهذا الموقف.

ويضيف اصحاب هذا الفريق السياسي ان عدم اجراء الانتخابات اذا حصل سيطيل اقامة المنظومة السياسية الفاسدة واكثريتها في السلطة ما يعني ان عمر الانهيار الذي تعيشه البلاد سيتمدد ويطول خصوصا وان الامال التي عقدها البعض على حكومة ميقاتي بدأت تتلاشى، فـ"الصدمة الايجابية" التي تحققت عند تأليفها بتراجع سعر الدولار الاميركي من نحو 25 الف ليرة الى 13 الف ليرة تلاشت بعودة هذا الدولار الى الارتفاع الى اكثر من عشرين الف ليرة في غياب اي سقف سياسي او مالي قادر على لجمه.
ولكن بعض المتفائلين يقولون ان عملية انقاذ لبنان من الانهيار لم تعد وقفاً على حكومة انتجتها المنظومة الفاسدة نفسها لتحمي نفسها من السقوط، وانما باتت وقفا على تطورات دراماتكية داخلية وخارجية تنال من بعض القوى الفاسدة يتوقع حصولها من الان وحتى موعد الانتخابات النيابية لتأتي هذه الاخيرة مسك الختام على خروج هذه القوى من الحياة السياسية اللبنانية لمصلحة سلطة جديدة نظيفة تنتجها الانتخابات ويطمح اليها اللبنانيون الذي يعيشون الان شتى صنوف الجوع والحرمان على كل المستويات.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!

خاص - بسبب السرقة.. جريمة في العزونية قضت على أستاذ ثانويّ

خاص - المهندسون المستقلون ينحازون لجانب المعارضة؟!

خاص- الردّ الإيراني قد يأتي من جنوب لبنان