يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

لبنان بين مطرقة صندوق النقد وسندان سلامة والفاسدين في الحكم

Saturday, October 9, 2021 10:41:31 PM


بقلم د. ماري ناصيف – الدبس - اللبنانية


بالأمس، تصدر حدثان وسائل الاعلام في لبنان والخارج الأوروبي.
الحدث الأول يتعلّق بما كشفته صحيفة « Le Temps » السويسرية حول تقرير لصندوق النقد الدولي أرسل إلى مصرف لبنان عام 2016 ليحذّره من كارثة ممكن أن تحل بوطننا مع نهاية العام 2019، نتيجة بلوغ العجز الصافي للمصرف 4.7 مليار دولار وعدم وجود السيولة اللازمة في مصارف لبنان لمواجهة الأزمات... وتضيف الصحيفة أن رياض سلامة تعمّد شطب 14 صفحة من التقرير المذكور قبل نشره، بهدف إخفاء هذه المعطيات عن اللبنانيين، وأن صندوق النقد الدولي لم يعمد إلى تحذير اللبنانيين بأن التقرير المنشور باسمه غير كامل، بل إنه يخفي حقيقية مرّة...
أما الحدث الثاني فيتعلق بريبورتاج بثته القناة الفرنسية الثانية عن أحد الرؤساء السابقين لصندوق النقد الدولي، دومينيك ستروس - كان (Dominique Strauss-Kahn)، وكيف عمد (بالسر) إلى إلغاء مليارات من ديون بعض الدول الأفريقية لصالح بعض المسؤولين فيها ولقاء رشوات قبضها هو، عدا عن الهدايا الفخمة الي حصل عليها من هؤلاء...
وإذا ما ربطنا بين الحدثين، يمكن أن نفهم لماذا لم يتسنّ للبنانيين معرفة ما تضمنه التقرير المرسل عام 2016 إلى حاكم مصرف مصرف لبنان، بل لماذا لم يلجأ صندوق النقد الدولي إلى الاعلان عنه مباشرة. فالحقيقة تكمن في أن الفساد معشش هنا وهناك، وأن موظفين كبارا في صندوق النقد الدولي (وأسمح لنفسي بإضافة البنك الدولي، بل وكل المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية)، بمن فيهم رؤساء، لا يتورعون عن قبض الرشاوى لقاء إخفاء معلومات عما يجري في بلدان كلبنان من فساد ونهب للمال العام والخاص معا. وبعد هذا كله، يتحدث صندوق النقد الدولي، ومعه الحكومات عموما، عن أهمية الشفافية وكيفية تطبيقها عبر عصر النفقات في القطاع العام، وبالتحديد من خلال تقليص الرواتب والمعاشات والتأمينات التي يقدمها، بالتزامن مع خصخصة القطاعات المنتجة التي يديرها، وبالتحديد الكهرباء والهاتف والمياه؛ وكأنما الرواتب والتأمينات هي السبب الأساسي في ما وصلنا إليه من دين عام ومن تضخّم حاد بلغ حد الكساد، وليس الأتاوات والسرقات والهدر...
نقول ذلك، لأن قسما كبيرا من المسؤولين عما نحن فيه، من مسؤولين في السلطتين التنفيذية والتشريعية، إضافة إلى من يسمون أنفسهم "كبار" الموظفين والمستشارين، وفي طليعتهم رياض سلامة، ومعهم الاعلام التابع، يهللون اليوم للمحادثات مع صندوق النقد الدولي، كما يهلل الجائع لرغيف الخبز... بل إنهم يحاولون دفعنا للتصديق أن صندوق النقد الدولي يعمل لصالح شعب لبنان وضد المسؤولين فيه، وأن كل المشرفين على الصندوق – باسم الولايات المتحدة الأميركية والدول الرأسمالية العظمى والدول الاقليمية، البترولية خاصة – غير مهتمين بوضع اليد على وطننا وثرواتنا المخبأة في مياه البحر المتوسط. ونحن نقول لشعبنا: لا تصدقّوا أقوال هؤلاء المستغلين ومعهم بعض المهللين التافهين الذين كانوا، منذ أيام غير بعيدة، يهللون للانتفاضة ويحاولون قطف ثمارها. لا تصدقوا جماعة صندوق النقد الدولي، فهم أدانوا أنفسهم بأنفسهم، يوم انكشف تغاضيهم عن اجتزاء تقريرهم من قبل رياض سلامة. ولا تصدقوا أن من ورث المليارات التي نهبت من جيوبكم خلال ثلاثين عاما، ومن تواطأ على نهب أموالكم لبناء العمارات الشاهقة، ومن ساهم في "الهندسات المالية" يوم كان موظفا في المصرف المركزي، ومن خزّن نيترات الأمونيوم الذي أودى بمرفأ بيروت وقتل من قتل، ومن يتلاعب بقوتكم اليومي إن عبلر الدولار أم الطحين والخبز والدواء والمحروقات، أن هؤلاء تحولوا بسحر ساحر إلى ملائكة لا همّ لهم سوى القضاء على "الأشرار"، أي أنفسهم، من أجل أن نعيش بكرامة مع أبنائنا.
تذكروا دومينيك ستروس – كان وتقرير العام 2016، وتحركوا؛ فتحرككم هو الضمانة لعدم سقوط الوطن في نار جهنم... وإلا فأنتم أيضا مسؤولون.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟