يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

حكومة ارضاءات لتلافي العقوبات ليس إلاّ....

Friday, October 8, 2021 2:16:05 PM


 
خاص اللبنانية
تيما فخَيْر
                           
هي ليست حكومة مستقلين ولا حتى حكومة اختصاصيين، فعلى مستوى الاستقلالية ليست مستقلة لأن القوى السياسية هي من سمت وزراءها الذين سيأتمرون حتما بأمرة من سماهم وليس بأمرة رئيسها او اي مرجعية أخرى. وعلى مستوى توزيع الوزراء كل حسب اختصاصه شابتها شوائب كثيرة بدليل ان سبعة منهم على الاقل عُيّنوا في وزارات ليست من اختصاصهم، والاعلامي عباس الحاج حسن وزيرا للزراعة مثالا...
اما على مستوى ماهية الوزراء وكيف تم اختيارهم؟ ولماذا اختير هذا الاسم ولم يقع الاختيار على ذاك وفق ما شاءت القوى التي سمتهم، فذلك يتصل بما حول الحكومة وحسابات هذه القوى للمستقبل وازاء ما يدور في لبنان وحوله والقلق الوجودي والمصيري الذي تعيشه خصوصا في "عصر" العقوبات الدولية التي تلوح بها العواصم الكبرى او المؤثرة اقليميا وعالميا، وهو عصر كانت فتحته الامم المتحدة والولايات المتحدة باكرا ومنذ سنيين طويلة مستهدفة انظمة وكيانات ومجموعات وافراد في لبنان والمنطقة من كابول افغانستان الى دارفور السودان وما بينهما وصولا الى كثير من الدول والبؤر حول العالم تحت عنوان الارهاب وغير الارهاب وسلاح الدمار الشامل وحتى غير الشامل.

فالقوى السياسية اللبنانية المنتمية الى المنظومة الفاسدة التي دمرت لبنان بكل الدرجات والمقاييس والمعايير، تعتقد انها وجدت ضالتها في حكومة نجيب ميقاتي وانها بتركيبها هذه "الشلة الوزارية" من "الاختصاصيين" قد فرّت من سيف العقوبات المسلّط على رقابها بمجرد انها استجابت لإرادة بعض العواصم الاقليمية والدولية الفاعلة بوجوب ان يكون للبنان حكومة تلجم الانهيار مرحلياً لا ان تنهيه عمليا ونهائيا، مقدمة "التسهيلات" في هذا المجال، بل قدمت ما تعتقد انه جوائز ترضية، لا جوائز كبرى، عبر تسمية بعض الوزراء المحسوبين على هذه العاصمة او تلك الخليجية منها اوالاوروبية أوالاميركية ممنّنة النفس بأن هذه العواصم سترفع عنها سيف العقوبات الذي يؤرقها بل الذي تخشى فعليا انه سيطاولها، حتى ان بعض الرؤوس الكبيرة من زعامات هذه القوى قد بلغها تهديد بهذه العقوبات يرقى الى مستوى القرار الوشيك الصدور بفرضها عليها بحيث تعيدها الى يوم كانت لا شيء سواء في المال اوالممتلكات كما في السياسة.  

ولذلك احتوت الحكومة الميقاتية على مجموعة من "الوزراء الارضاءات" او الذين سميوا ارضاء لدول خليجية (وهذه الدول لم تعلق او لم تعترف حتى اللحظة  بمن سميوا على اساس انهم محسوبين عليها) وكذلك ارضاء لعواصم عربية وغربية هي الاخرى لم تحتفل ولم تصدر اي اشارة ترحيب او فرح في ان لها في الحكومة حصة ترضيها او تجعلها تغض الطرف عما تحضره من عقوبات ضد هذه الجهة اللبنانية او تلك تحت عنوان الفساد او عرقلة تنفيذ "الاصلاحات الانقاذية" المنشودة.

فمن هو معاقب يريد من تقديم "الارضاءات" التي قدمها في الحكومة رفع العقوبات عنه، ومن يتوقع العقوبات يريد بـ"ارضاءاته" قطع الطرق عليها او الالتفاف عليها، لانها ستكبله وتدمر مصالحه في لبنان وحول العالم، ومن يريد ان يستمر يعززاو يضمن مشتقبله في الحياة السياسية يريد بـ"إرضاءاته" ان يعزز علاقاته ويتمنها مع العواصم الفاعلة.

ولذلك فإن حكومة ميقاتي هي عمليا "حكومة ارضاءات لتلافي العقوبات" في رأي الراسخين في العلم السياسي، بمعنى ان قادة المنظومة الفاسدة دسوا فيها مجموعة من الوزراء الذين يدينون بالولاء لهذه العاصمة العربية او الاقليمية والدولية بغية اصطياد "عصفورين بحجر واحد": أولا، خطب ود هذه العواصم لكي تصرف النظر عن فرض عقوبات عليها، أو اقله، ان لا تسفهها امام جماهيرها والرأي العام اللبناني على ابواب الانتخابات النيابية التي قررت ان تخوضها طامحة الى الابقاء على وجودها في الحياة السياسية وفي جادة تسلطها على مقدرات البلاد والعباد. وثانياً، إظهار هذه العواصم انها على تفاهم معها (اي مع المنظومة)، وان ما تلوح به من عقوبات لا يعدو كونه محاولة من هذه العواصم لاجتذابها الى صفها بغية توسيع رقعة نفوذها ومصالحها في رقعة الشطرنج اللبنانية الحيوية في منطقة الشرق الاوسط.

لكن محاولة التذاكي التي قامت وتقوم بها المنظومة التي هندست التركيبة الحكومية الميقاتية لا يبدو انها انطلت الآن او ستنطلي لاحقا على تلك العواصم العربية والاجنبية الفاعلة، فهذه العواصم تدرك قبل غيرها كيف سطت هذه المنظومة باركانها و"دكاكينها" وزبانيتها في مختلف الادارات اللبنانية العامة والمؤسسات على القروض والمساعدات وكل اشكال الدعم التي قدمتها للبنان على مدى عشرات السنين، وتحديدا منذ اقرار "اتفاق الطائف" عام 1989 وحتى اليوم، وها هي تشهد اليوم بأم العين على الانهيار الذي حل بلبنان وشعبه على يد هذه الطغمة من الفاسدين والمفسدين.
هي حكومة انتخابات بإمتياز ليس إلأ... والمعركة الكبرى التي يستعد لها الجميع هي معركة الانتخابات ومن يخرج منها قابضا على الاكثرية النيابية التي قد يتغير معها وجه لبنان مساراً ومصيراً، أيقبض عليها المحور السوري ـ الايراني ام المحور العربي ـ الغربي؟ تلك هي المسألة. وليس هناك من عاقل يمكن ان يتوقع ان تنجز الحكومة اي خطوة اصلاحية عملية من شأنها ان تضع البلاد على سكة التعافي قبل تبلور نتائج الانتخابات النيابية. واذا بدأت المفاوضات غدا مع صندوق النقد الدولي فإنها تحتاج الى زمن طويل لكي تتوصل الى نتائج، هذا إذا توصلت، ما يعني ان مليارات مؤتمر "سيدر" الدولارية الموعودة لن تسيّل قبل الاصلاحات المرهون تنفيذها بنجاح المفاوضات مع صندوق النقد... علما انه في حال فوز المحور السوري ـ الايراني بالاكثرية قد يبقي واقع الحال اللبناني على حاله، وخصوصا في حال لم يفز المحور الآخر اقله بثلث المقاعد النيابية معطوفا عليه ما يمكن "القوات اللبنانية" وتيار "المستقبل" ان يفوزا به من مقاعد نيابية. فالمحور العربي الخليجي ـ الاميركي يخطط للفوز بثلاثين نائبا على الاقل لحساب منظمات المجتمع المدني التي ستحصل، أو بدأت تحصل، على التمويل اللازم لحملاتها الانتخابية. علما ان هناك مخاوف جدية من امكان سعي اي من المحورين الى خلق ظروف معينة لفرض تأجيل الانتخابات اذا شعر انه لن يحقق فيها النتائج التي يطمح اليها.
                         

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!

خاص - بسبب السرقة.. جريمة في العزونية قضت على أستاذ ثانويّ

خاص - المهندسون المستقلون ينحازون لجانب المعارضة؟!

خاص- الردّ الإيراني قد يأتي من جنوب لبنان