يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

ميقاتي انتظر من ماكرون ترجمة "الضمانات" فذكّره بـ"الاصلاحات أولا".. حكومة ادارة ازمة بانتظار نتائج الانتخابات 

Monday, September 27, 2021 11:53:46 AM

 
 
خاص اللبنانية

تعتقد المنظومة السياسية التي اوصلت البلاد الى الخراب انها بتأليفها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على هذه الشاكلة من المحاصصات والمواصفات قد انقذت نفسها واعادت تفعيل حضورها في الواقع السياسي وصار في امكانها الذهاب الى استحقاق الانتخابات النيابية واثقة من فوزها الذي من شانه ان يضمن استمرارها في القبض على شؤون البلاد والعباد.   

لكن فات هذه المنظومة ان ليس لدى احد اي اوهام حول ان هذه الحكومة ستصنع المعجزات، لان فيها من عناصر التعطيل ما يكفي ليجعلها حكومة تصريف اعمال عاجزة عن تحقيق اي اصلاح فعلي، ولان من سيتحكم بعملها بالدرجة الاولى هو مصالح القوى السياسية في استحقاق الانتخابات النيابية في ربيع 2022 الذي تكمن فيه ايضاً المصالح المتعلقة باستحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، على قاعدة ان الفريق الذي يفوز بالاكثرية النيابية ستكون له اليد الطولى في اختيار رئيس الجمهورية عند انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الاول 2022.

الا ان التحدي الكبير الذي ستواجهه هذه الحكومة سيكون في مدى قدرتها على وقف الانهيار الاقتصادي والمالي والتأسيس لتنفيذ الاصلاحات المطروحة لهذه الغاية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي في شان هذه الاصلاحات ولا سيما منها المالية لأن عامل الوقت امامها قصير نسبة الى عمرها المرتبط باجراء الانتخابات النيابية اللهم الا اذا تم تأجيل هذه الانتخابات بفعل الخلاف القائم من الان حول قانون الانتخاب الجديد.وهو خلاف قد يكون مفتعلا على يد بعض القوى المتضررة من القانون النافذ الذي كان اوصلها الى مجلس النواب هزيلة التمثيل في انتخابات 2018.
 
على ان هذه الحكومة التي وجد رئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي انها "بالطريقة التي تشكلت بها من محاصصة اعادت الاشخاص انفسهم الذين رفضهم الشعب إلى الحكم", معتبراً ان بيانها الوزاري الذي لا يبشر بالخير خصوصا في ما يتعلق بالشق المصرفي"، هي خطوة ليست كافية بالنسبة الى المجتمع الدولي حتى يفرج عن المساعدات والقروض الميسرة وغير الميسرة للبنان لتمكينه من الخروج من انهياره المالي والاقتصادي. فالمطلوب منها تحقيق الاصلاحات اولا والا لن تكون هناك قروضا ولا مساعدات.
ولكن ميقاتي فوجئء بقول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على مسمعه في باحة قصر الاليزيه اثر انتهاء المحادثات بينهما ان لا مساعدات للبنان وحكومته من فرنسا ولا من الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية قبل تحقيق الاصلاحات التي وردت بنودها في المبادرة الفرنسية الشهيرة، الامر الذي احرج ميقاتي وهو الذي كان تحدث عن "ضمانات دولية" حصل عليها قبيل تكليفه تأليف الحكومة، موحيا ان هذه الضمانات مصدرها فرنسي واميركي، وهي ان كانت موجودة بالفعل فعلى الارجح انها تبددت بفعل ازمة صفقة الغواصات الناشئة منذ ايام بين باريس وواشنطن.

وواضح ان ميقاتي كان يعول على ماكرون ان يبادر بعد لقائه به الى الاعلان عن خطوات تنفيذية لقرارات مؤتمر "سيدر" للدول المانحة بتقديم مساعدات وقروض للبنان بقيمة 3 الى 4 مليارات من الدولارات، واذ به يُفاجأ بالرئيس الفرنسي يكرر على مسامعه وامام وسائل الاعلام الـ"لا" الدولية لمساعدة لبنان ما لم تنفذ الحكومة الاصلاحات المطلوبة ماليا  واقتصاديا واداريا ومكافحة الفساد، ما يعني ان المسألة "شرحٌ يطول". وهذه الـ"لا" الفرنسية ـ الدولية أُعلنت اثر انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 وعلى لسان ماكرون وغيره من المسؤولين الدوليين وانسحبت على دول الخليج العربي التي هي ضمن مجموعة الدول المانحة للبنان، حيث ان هذه الدول كانت احجمت منذ ما قبل ثورة 17 تشرين الاول 2019 عن تقديم اي مساعدة مالية للبنان حتى على مسنوى الافراد والجماعات السياسية الموالية لها، علما ان فرنسا وكل الدول التي خصصت مساعدات للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت رفضت تسليم هذه المساعدات للدولة بمختلف مؤسساتها وانما سلمتها لمنظمات المجتمع المدني وذلك لخوفها من صيرورة هذه المساعدات الى جيوب القوى السياسية المتهمة بانهيار البلد بعدما عاثت فيه فسادا ونهبا لموارده ومقدراته منذ عشرات السنين.

وكذلك فإن نقطة الضعف الكبيرة في هذه الحكومة تكمن في عدم الرضى الخليجي العربي عنها لأنها كسابقتها "حكومة حزب الله" في نظر هذه الدول التي كالولايات المتحدة الاميركية وبعض الدول الغربية تصنف "الحزب" منظمة ارهابية، وهي تتهمه بالسيطرة على القرار اللبناني، ولذلك قررت منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون تقريبا تقليص اهتمامها بلبنان وصولا الى ما يشبه القطيعة الآن، فهذه الدول تصف على لسان بعض سفرائها حكومة ميقاتي بانها "مخيبة للآمال"،  وانها "لا توحي بأنها قادرة على اكتساب  ثقة دول الخليج"، مشيرين الى  "ان كثيرين من الوزراء في الحكومة ليسوا أصحاب اختصاص ولا تنطبق عليهم قاعدة الشخص المناسب في المكان المناسب، بل ان اختصاصاتهم في واد وحقائبهم في واد آخر".

يستنتج من كل هذه المعطيات ان هذه الحكومة الميقاتية لن يكون في استطاعتها سوى ادارة الازمة لا حلها، في انتظار ما ستفرزه الانتخابات من قوى سياسية جديدة يأمل كل من المتعاطين الشأن اللبناني من دول ومحاور وغيرها ان تكون له الغلبة فيها اي الاكثرية لها لتمسك بقرار لبنان ما بعد الانتخابات سواء على مستوى التعاطي مع الانهيار القائم او على مستوى السلطة. ولذلك لا يتوقع تدفق مليارات من الدولارات على لبنان في خلال الاشهر المعدودة من عمر هذه الحكومة، فالمفاوضات المقررة مع صندوق النقد الدولي لن تثمر سريعا، وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة لن يتم سريعا، هذا ان سمحت المنظومة الفاسدة باجرائها وفق ما تشتهي سفن الناس والمجتمع الدولي, اما مكافحة الفساد واجراء التدقيق الجنائي فتلك مسائل قد لا تحصل في ايام هذا الجيل، لأن هذه المنظومة عرفت كيف تعطل محركات الثورة التي نشأت ضدها في 17 تشرين الاول حتى اجهضتهاـ ولكن كل التعويل هو على تبلور الارادة الدولية الفعلية لمكافحة الفساد والفاسدين والمفسدين وتدل الى هذه الارادة المواقف الفرنسية والاميركية والاوروبية التي تتحدث في هذه الايام عن معاقبة المعطلين للحلول في لبنان وكشف ملفات فسادهم واعتداءاتهم على اموال اللبنانيين.
فهل تفعل هذه الارادة الدولية فعلها الان وقبيل حلول موعد الانتخابات النيابية  في الربيع المقبل لتؤثر في مزاج الرأي العام اللبناني وتدفعه الى محاسبة من اساؤوا الوكالة التي اعطاهم اياها في انتخابات 2018 وفي ما قبلها من مواسم انتخابية واستحقاقات على مستوى ممارسة السلطة وبنتخب طبقة سياسية جديدة تقيم السلطة التي يتطلع اليها؟
البعض يجيب : "إن غداً لناظره قريب"....

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!

خاص - بسبب السرقة.. جريمة في العزونية قضت على أستاذ ثانويّ

خاص - المهندسون المستقلون ينحازون لجانب المعارضة؟!

خاص- الردّ الإيراني قد يأتي من جنوب لبنان