يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

يغطي "الضمانات الوهمية" بالاشتباك مع عون.. ميقاتي الى "الإعدام السياسي" سواء اعتذر أو شكّل

Monday, August 30, 2021 9:48:52 AM

                
 خاص اللبنانية

ثمة حقيقة يتجاهلها الرئيس نجيب ميقاتي وكل العاملين على تأليف الحكومة وهي ان اللبنانيين ما بعد الحراك الشعبي او الثورة التي انطلقت في 17 تشرين الاول 2019 بانوا غير ما كانوا عليه قبله، لان موقفهم ونظرتهم وتقييمهم للمنظومة السياسية التي تسود الحياة اللبنانية تغيرت تماما بحيث انهم باتوا يرفضون بل يمقتون هذه المنظومة ويريدون لها الانسحاب من حياتهم ومن السلطة بل من الدولة كليا التي انهارت بسبب ما ارتكبته من فساد وافساد في السياسة كما في المال والاقتصاد وكل نواحي حياة اللبنانيين ومعيشتهم.

ولا يريد ميقاتي ان يصدق ان اللبنانيين يصنفونه ضمن المنظومة الفاسدة، وهو بالفعل كذلك، ويمعن في تجاهل هذه الحقيقة معتبرا نفسه بريئا من دم هؤلاء "الصدّيقين اللبنانيين" الذين تغتال المنظومة الفاسدة حياتهم ومعاشهم ومالهم منذ عشرات السنين، فيمعن في تقديم نفسه لهم على انه "المنقذ" والآتي اليهم بـ"العز بعد فاقة" فيما هم يعرفون جيدا انه ليس "الامير عَلاّقة" الشهير مطلق هذا الشعار في ايامه. وهذا الامير يحدثنا التاريخ عنه انه كان من شخصيات التاريخ اللبناني، ويحكى أنه خلال الخلافة العباسية، خضع الساحل الفينيقي كله لسيطرة الفاطميين ومن ضمنه مدينة صور، واشتد الاضطهاد الفاطمي للصوريين، وساءت الحالة الاقتصادية في المدينة. في هذه الأثناء كان علاّقة مجرد بحار صوري يعمل على مركب لصيد السمك، وقد ساءه ان يرى صور المدينة العظيمة تعاني الفقر والاضطهاد والقهر، فراح يشد من عزيمة الصوريين على الثورة فإنتفضوا تحت قيادته فطرد الحامية الفاطمية منها واستقل بها وانشأ حكماً وطنياً كانت من سماته ان صكّ علاّقة النقود المعدنية التي نقشت عليها عبارة: "عزٌّ بعد فاقة..الأمير علاقة".
لكن الفاطميين لم يسكتوا على ثورة الامير علاّقة هذه فجردوا اسطولاً بحريا ً للقضاء عليه واستعادوا صور منه واسروه وسلخوا جلده وهو حي، ثم حشوه بالقش والتبن ومن ثم صلبوه حتى الموت على اسوار المدينة..

ولذلك يتوهم ميقاتي انه بتودده للثوار او للحراك الشعبي ان يكون كـ"علاقة الصوري" الذي جند الصوريين ضد الفاطميين، فهو لن يقدر، بل لن يجرؤ، على تجنيد ثورة ضد المنظومة السياسية المرذولة التي ينتمي اليها،  وهو ما كان ليكلف تأليف الحكومة لو لم يقطع لها تعهدات بحماية مصالحها وازلامها داخل السلطة وخارجها، ولكنه اذا تجرأ فإن هذه المنظومة هي التي ستسلخ جلده قبل الناس ثوارا كانوا او محتجين ولكن يكون له ان يصك نقودا معدنية كصكوك "الامير علاّقة".
ولقد قال ميقاتي انه ما كان ليقبل تكليفه لتأليف الحكومة على انقاض فشل زميله سعد الحريري في نادي "رؤساء الحكومة الفاشلين" كما يسميه البعض، بعد حصوله على ضمانات دولية لانجاح مهمته. ولكن اتضح حتى الآن ان هذه الضمانات لا تعدو كونها سوى بيانات وتصريحات صدرت عن مسؤولين اميركيين وفرنسيين وعن الاتحاد الاوروبي والامين العام للامم المتحدة غوتيريس تدعو الى الاسراع في تأليف الحكومة وغير مقرونة بأي خطوات عملية على الارض. علما انه لم يصدر حتى الآن بعد اي موقف سعودي او خليجي او عربي يؤيد تكليف ميقاتي الذي دخل شهره الثاني، بل لاحظ الجميع ان السفير السعودي وليد البخاري وهو سفير خادم الحرمين الشريفين، غادر لبنان في اجازة اثر تكليف ميقاتي الى ان عاد قبل ايام الى مركز عمله خالي الوفاض من اي موقف او توجيه سعودي ينم عن تأييد للرئيس الجديد المكلف، كما لم يسجل على جدول مواعيد بخاري  اي لقاء معه حتى يُبنى عليه ويقال ان الرياض تبارك هذا النكليف وتدعمه.

وربما يكون ميقاتي كالحريري اكتشف متأخرا ان الضمانات الدولية التي قال انه حظي بها هي ضمانات وهمية، ولذلك يحاول التغطية على هذه الحقيقة بالاشتباك مع رئيس الجمهورية ميشال عون على اسماء الوزراء والحقائب الوزارية والثلث المعطل وينبري الى اظهار ان مطالب رئيس الجمهورية وشروطه هي التي تعوق ولادة الحكومة فيما هو يغير ويبدل في التشكيلات الوزارية التي يعرضها عليه بدليل التشكيلة الاخيرة التي كان متفقا على 90 في المئة منها خلال اللقاءات المتلاحقة بينه وبين عون وشاعت في كل الاوساط  معلومات ان اللقاء 13 الاخير بينهما سينتهي باصدار مراسيم تأليف الحكومة، ولكن ميقاتي  فاجأ الجميع بخروجه من هذا اللقاء متجهماً ولم يستطع بإبتسامته الصفراء ان يخفي هذا التجهم الذي اراد منه الايجاء ان المشكلة كامنة في عون وليس فيه.

ويقول البعض ان رؤساء الحكومات الفاشلين الذي اغتصبوا صلاحية وحكرية فرض تسمية رئيس الحكومة المكلف بغير وجه حق وخلافا للنظام الديموقراطي وللتنوع السياسي في بيئتهم، يدركون جيدا وهمية الضمانات الدولية التي تحدث عنها ميقاتي، فآزروه في خطته للتعمية على وهميتها في ان اصدروا ذلك الموقف الذي يهاجم رئيس الجمهورية ويتهمه في ملف انفجار مرفأ بيروت ويدعو الى رفع الحصانة عنه وهو موقف وقعه ميقاتي في خلال اجتماعهم الشهير الذي سارعوا الى عقده قبل ساعات على اللقاء 13 بينه وبين وعون، فكأنهم فخخوا زميلهم قبل ان يرسلوه الى في القصر الجمهوري لينقلب على التشكيلة الوزارية التي كان متوقعا صدور مراسيمها بعد هذا اللقاء.

ويستدل من كل هذا ان ميقاتي جاء الى التكليف حاملا كل اسباب فشله معه، بعض هذه الاسباب يكمن في نادي رؤساء الحكومات السابقين الذين لا يجمع بينهم سوى الفشل وممارسة الافشال بعضهم لبعض، اما البعض الآخر فهو كامن قي نقمة الناس على المنظومة الفاسدة التي تحكم البلاد وتنهبها منذ عشرات السنين، وهي نقمة تنصت اليها على ما يبدو ارادات خارجية بعضها برىء يريد فعلا للبنان ان يتخلص من السياسيين الفاسدين الذين يحكمونه ليحل مكانهم سياسيون اكفياء ويشبهون اللبنانيين بتطلعاتهم واملها بدولة تحكمها الكفاءات النظيفة والمؤسسات، وبعضها الآخر يريد ان يحصل هذا الخلاص خدمة لمصالحه التي يمكن ان تؤمنها له منظومة سياسية جديدة تشبهه ولو الى حين..

في خلال شهر إنقضى على التكليف انعقد 13 لقاء بين عون وميقاتي ولم تولد الحكومة بعد، في حين انعقد 20 لقاء بين عون و الحريري على مدى سنة انتهت باعتذار الاخير عن التكليف ليحل بعده ميقاتي. الحريري سار وتدرج ببطء الى الاعتذار في حين ان ميقاتي يسير اليه مسرعا وقد لا يبلغ الرقم 20 الحريري.. فلينتظر الجميع الايام الآتيات.. فسواء اعتذر ميقاتي او لم يعتذر سيكون مصيره كمصير الامير علاقة الصوري بحيث سيسلخ مجلّده من الحياة السياسية، وسيعدم سياسياً وانتخابياً مثلما أُعدِمَ الحريري الذي لم يعترف بإعدامه بعد.. بل سيكون مصير نادي رؤساء الحكومات السابقين كمصير بعض وزراء حكومات عهد الرئيس امين الجميل الذين اعتزلوا السياسة ولم يعد احد يسمع عنهم شيئا...

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!

خاص - بسبب السرقة.. جريمة في العزونية قضت على أستاذ ثانويّ

خاص - المهندسون المستقلون ينحازون لجانب المعارضة؟!

خاص- الردّ الإيراني قد يأتي من جنوب لبنان

خاص- حزب الله يستعد للمعركة الكبرى