يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

قضية المرفأ: السلطة وأحجار الدومينو.. فنيانوس إلى الاستجواب

Friday, July 30, 2021 9:12:24 PM

التحقت نقابة المحامين في طرابلس بنظيرتها البيروتية، وقرّر مجلس النقابة في الشمال، برئاسة النقيب محمد المراد، منح الإذن بملاحقة المحامي والوزير السابق يوسف فنيانوس في قضية انفجار مرفأ بيروت.
فالادعاء القائم ضد فينانوس غير ناشئ عن ممارسة المهنة ولا يأتي في معرضها. كما أنّ اسم المحامي فنيانيوس كان معلّقاً عن جدول النقابة بسبب توليه منصبه الوزاري. وعكس حالة المحامين الآخرين المدعى عليهم في الملف، الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر، بات بإمكان المحقق العدلي في الملف، القاضي طارق البيطار، أن يحدّد موعداً لاستجواب فنيانوس. إذ أنه ليس للأخير أي حصانة نيابية تحميه من المثول أمام البيطار كما هي حال خليل وزعيتر. وبالتالي، من المفترض أن يقوم البيطار خلال الأسبوع المقبل بتحديد موعد لاستجواب فنيانوس، مع العلم أنّ الأخير سبق وحضر إلى مكتب المحقق العدلي السابق في الملف، القاضي فادي صوّان، من دون أن يستجوبه الأخير. وفنيانوس لا يجيب على هاتفه، ولم يتضّح بعد إن كان سيحضر إلى الاستجواب بعد تحديد موعد له، أو إن كان محاموه سيتعمّدون التغيّب، متذرّعين بإضراب المحامين، الذي سبق وأكد نقيب المحامين استثناء ملف المرفأ منه.

ملاحقة اللواء صليبا
وفي السياق نفسه، أعاد القاضي طارق البيطار توجيه طلب للحصول على إذن بملاحقة مدير عام أمن الدولة، اللواء طوني صليبا، إلى المجلس الأعلى للدفاع. فالطلب السابق الموجّه من قبله إلى رئاسة الحكومة، أحاله الرئيس حسان دياب إلى هيئة التشريع والاستشارات التي ردّت بأنّ صلاحية إعطاء هذا الإذن مناطة بالمجلس الأعلى. وعليه، يصبح الطلب وقرار البتّ به بين يدي رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يرأس جلسات واجتماعات المجلس الأعلى للدفاع. وفي هذا الإطار، لا بد من التذكير بأنّ أجواء قصر بعبدا سبق وأكدّت على أنّ إعطاء الإذن بملاحقة صليبا لن يحصل فردياً، فإما يتم إعطاء الأذونات لاستجواب جميع المدّعى عليهم أو لا يعطى أي إذن بذلك. ففي ذلك ترجمة للمثل المصري القائل "يا نعيش زيّ الفلّ، يا نموت إحنا الكلّ".

أحجار الدومينو
وإنّ كان واقع "الفلّ" بعيداً تحقيقه، يصبح حال السلطة السياسية وفق المثل القائل "يا نعيش كلّنا، يا نموت كلّنا". ففي ملف انفجار المرفأ، كما في سائر الملفات الأخرى، تسعى السلطة إلى توحيد جهودها لعدم سقوط أي من أركانها. فهذه المكوّنات، الأشبه بأحجار الدومينو، سقوط حجر منها كفيل بإسقاط الأحجار الأخرى. لذا، يتم منع التضحية بأي من هذه الأحجار، خوفاً من السقوط الكامل للمنظومة، لأنّ أي قدم تزل تلحق بها أخرى. فتتكافل أركان المنظومة وتتضامن منعاً لأي محاسبة ستصبح بحكم الوقت محاسبة كاملة وشاملة. هذا ما يمكن استخلاصه من خلال تمسّك الكتل النيابة للمنظومة بحصانات النواب المدّعى عليهم في ملف المرفأ، وفي محاولات تمييع التحقيقات وسحبها من يدي المحقق العدلي إلى أيدي النواب. وهو ما يمكن ترجمته أيضاً من خلال منع استجواب اللوائين عباس إبراهيم وطوني صليبا. وتطبيقاً للمثل المصري أيضاً، تأتي حملة الدفاع عن مدير عام الجمارك بدري ضاهر.

بدري ضاهر
دأب عدد من المسوؤلين والمحسوبين على التيار الوطنيّ الحرّ، خلال الأسابيع الماضية، على شنّ حملات لتبرئة بدري ضاهر من مسؤوليته في ملف نيترات الأمونيوم. كما تضمّنت هذه الحملات هجوماً على مسؤولين آخرين يتم اتّهامهم بالملف. إذ لا يراد من كل ذلك، سوى وضع الجميع أمام هذه المسؤوليات بهدف تبرئتهم جميعاً. و"تخريجة" القضاء والقدر سبق وصدرت عن أكثر من مسؤول في الدولة اللبنانية. إلا أنّ ذلك، عكس ما هو المطلوب منه، يعيد ليؤكد على أنّ نظرية أحجار الدومينو من جهة، وعلى أنّ جميع الأطراف كانت على علم بخطورة شحنة نيترات الأمونيوم التي تمّ تفريغها في العنبر رقم 12 من دون أي تدابير أو إحاطة خاصة بها، من جهة أخرى.

Explosives pyrotechnic
المستند، الذي يراد منه تبرئة بدري ضاهر، والذي عرضه أحد المحسوبين على التيار الوطني الحرّ، يعطى مفعولاً عكسياً. إذ يثبّت الشبهة على ضاهر. فوثيقة تفريغ شحنة النيترات في تشرين الأول 2014 تشير بشكل لا لبس فيه على أنّ نوعية هذه المادة "Explosives pyrotechnic". أي مواد مشتعلة وخطرة. وهو ما لم يأت على ذكره ضاهر، حين كان مدير دائرة المانيفست لدى دخول الباخرة "روسوس" إلى مرفأ بيروت. حتى أنّ الإقرار بخطورة هذه الشحنة لم يحصل سوى بعد التقرير الصادر في 21 شباط 2014، عن رئيس شعبة مكافحة المخدرات وتبييض الأموال العقيد جوزف سكاف (الذي سقط وقتل عام 2017)، والذي أشار فيه إلى أنّ مادة نيترات الأمونيوم تستعمل للتفجير وتشكّل خطراً على السلامة العامة. وهوالأمر الذي يطرح علامات استفهام حول اللائحة الموحدة التي دخلت على أساسها السفينة إلى المرفأ من دون ذكر نوع البضائع التي تحملها وعدم تدقيق المعنيين بها.

مواد خطرة
وجاء في تقرير العقيد سكاف، طلب إبعاد الباخرة عن الرصيف إلى كاسر الموج، طالباً "إمكانية وضعها تحت الرقابة من قبل الأجهزة الأمنية المتواجدة في المرفأ". فهل تم فرض الرقابة الأمنية على "روسوس"؟ هل تمّ إعلام الأجهزة الأمنية الموجودة بالمرفأ بهذه الخلاصات وبخطورة المواد؟ كيف؟ بأي مراسلات؟ هل تمّ ذلك وفق اتصالات شخصية؟ كيف تبلّغت قيادات هذه الأجهزة الأمنية بالأمر؟ وما يزيد الطين بلّة، أنّ إغفال خطورة نيترات الأمونيوم بلغ ذروته. إذ أنّ قرار مديرية النقل بنقل السفينة لم يحصل بناءً على البضائع الخطرة بل بسبب عدم التزام صاحب السفينة. وفي ملاحظة أخرى بالغة الأهمية، أنّ رئيس دائرة المانيفست نعمة البراكس الذي خلف ضاهر، أكد في نهاية عام 2014 على خطورة المواد، واعتبر أنّ العنبر رقم 12 ليس المكان المناسب لتخزينها. وطلب تسليمها للجيش اللبناني أو إعادة ترحيلها.

يوضح كل ذلك أنّ نيترات الأمونيوم بقيت لأكثر من 3 أشهر على متن الباخرة "روسوس" وعلى متنها مادة نيترات الأمونيوم، من دون تدقيق بدري ضاهر بخطورتها، وإن دقّق بها فلم يصدر عنه أي إشارة بهذا الخصوص إلا بعد تقرير العقيد سكاف. وحتى بعد صدور هذا التقرير، والمراجعة التي قام بها جهاز الجمارك، ليس معلوماً أو موثقاً إن كان قد تم إبلاغ الأجهزة الأمنية بخطورة هذه المواد. وحتى حجّة عدم معرفة نسبة الأزوت في نيترات الأمونيوم لا تلغي المسؤولية، إذ أنّ الوثائق تعود لتؤكد خطورة هذه المواد.

كل هذا جزء صغير من تحقيقات وتوثيق لمراسلات تم جمّعها بين مختلف هذه الأطراف المعنية بين أعوام 2013 و2015. وكل هذا يثبت أنّ ثمة مسؤوليات واضحة في انفجار 4 آب.

المدن

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي"

إطلاق نار على صالون في طرابلس

بوتين يحذّر نتنياهو: إيّاك ولبنان!

ساعة الصفر الرئاسية متأخرة.. وتحرُّك لجنة السفراء مستمر

باريس تدفع أوروبا إلى دعم الجيش والتصدي لملف النازحين في لبنان

القلق اللبناني من توسيع إسرائيل للحرب يتصدر لقاء ماكرون وميقاتي

إجراءات متلاحقة لضبط الانفلاش النقدي في لبنان

تحذيرات دبلوماسية للبنان: هذا ما تنوي إسرائيل فعله!