يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

المحامي ناضر كسبار-إلزام وزارة الصحة بإعطاء اللقاح للمستدعي

Monday, July 26, 2021 12:19:59 PM


بقلم المحامي ناضر كسبار
بحثت قاضي الامور المستعجلة في بيروت الرئيسة كارلا شواح مسألة مدى توفر صلاحية قاضي العجلة في البت باستدعاء المستدعي الرامي الى إلزام وزارة الصحة العامة بإعطائه لقاح كورونا المستورد.
وبعد التطرق الى عدة نقاط تتعلق بالمراحل التي حددتها الوزارة عبر المنصة، وبإعطاء عدد من النواب اللقاح، اعتبرت ان حالة التعدي الواضح من قبل الادارة المستدعى بوجهها على حقوق اساسية للمستدعي متوفرة ما يعقد اختصاص المحكمة.
كما اعتبرت الرئيسة شواح ان التعدي المذكور من شأنه ان ينتج عنه خطر داهم يهدد صحة المستدعي وحياته وهو المولود في العام 1940.
وقضت بالزام الوزارة بإعطاء اللقاح المضاد لفيروس كورونا للمستدعي خلال مهلة 48 ساعة تحت طائلة غرامة اكراهية.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 3/3/2020.
وحيث ان البت بطلب المستدعي في وجه الادارة المعنية يستدعي التحقق من مدى اختصاص قضاء العجلة لتقرير اتخاذ التدبير المنشود في وجه هذه الاخيرة من جهة، ومدى توفر شروط تقريره من جهة اخرى، ومن مدى إمكانية تدخل القضاء المستعجل لتقرير هذا التدبير بموجب امر على عريضة من جهة ثالثة، في ضوء سلوك المستدعي للاصول الاجرائية.
وحيث انه في المسائل المتعلقة بتعامل الادارة مع الافراد يثبت اختصاص القضاء العدلي عند تحقق حالة من التعديVoie de fait التي تخرج فيها الادارة عن نطاق السلطة المقررة لها بارتكابها عملاً ينطوي على عيب جسيم ناتج عن مخالفة خطيرة لاحكام القانون او الانظمة او المبادئ العامة ويشكل مساساً بحقوق اساسية للافراد، وذلك انطلاقاً من المبدأ الراسخ في هذا المجال والذي يقيم المحاكم العدلية حارسة للملكية الفردية وللحرية الشخصية والحريات العامة.
وحيث ان الاختصاص يعود في مثل هذه الحالة للمحاكم العدلية العادية، اي الغرف الابتدائية، على انه يجوز للقضاء المستعجل التدخل ضمن الشروط والحدود المقررة له، باعتباره فرعاً من هذا القضاء.
وحيث ان المادة 579 اصول محاكمات مدنية تجيز لقاضي الامور المستعجلة في فقرتها الثانية اتخاذ التدابير الآيلة الى ازالة التعدي الواضح على الحقوق او الاوضاع المشروعة.
وحيث بالعودة الى معطيات الاستدعاء الراهن يتبين انه بتاريخ 26 كانون الثاني 2021 اطلقت وزارة الصحة العامة منصة الكترونية لتسجيل الرغبة في تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد، وفق مراحل توزيع اربعة، تشمل كل مرحلة منها فئات مختلفة، وتشمل المرحلة الاولى التي انطلقت في 14 شباط 2021 العاملين في القطاع الصحي والفئة العمرية 75 وما فوق.
وحيث ان المستدعى هو من مواليد العام 1941 وقد سجل رغبته في تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا عبر المصة المذكورة وإنه لغاية تاريخه لم يتم توفير هذا اللقاح له.
وحيث بتاريخ 23 شباط 2021 نقلت الوسائل الاعلامية المحلية واخرى عالمية خبرا عن تلقي ستة عشر نائبا في البرلمان اللبناني اللقاح بحضور فرقة من وزارة الصحة، وتم نشر اسماء النواب المذكورين حيث تبين ان غالبيتهم لا تندرج ضمن المرحلة الاولى من المراحل الاربع المعتمدة في المنصة الالكترونية المذكورة كونهم ما دون الخامسة والسبعين من العمر وغير عاملين في القطاع الصحي، وهم السادة ايلي الفرزلي، غازي زعيتر، علي عسيران، سليم سعادة، انيس نصار، نقولا نحاس، ياسين جابر واسعد حردان، علما بأن هذا الامر ثابت من خلال الاطلاع على السيرة الذاتية لكل من المذكورين عبر موقع Google.
وحيث ان رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري دعا بعد تداول هذا الخبر الى مؤتمر صحفي ملوحا باستقالته من اللجنة بسبب مخالفات تحصل في تطبيق الخطة الوطنية للقاح، وفي مؤتمره، اكد البزري تلقي النواب المذكورين للقاح وتجاوز الخطة المذكورة واصفاً ما حصل بأنه "دق الاسفين في نعش خطة التلقيح" وبأنه "امر فظيع" و"خرق لا يمكن السكوت عنه" و"تمييز بين المسؤولين والمواطنين"، كما اكد ان الخروقات غير محصورة في المجلس النيابي بل انها تحصل يوميا في مراكز التلقيح مشيرا الى تلقي اشخاص اللقاح في مستشفى رياق لا تتجاوز اعمارهم خمسة وسبعين عاماً.
وحيث ان وزارة الصحة العامة رعت رسمياً عملية التلقيح التي حصلت في مجلس النواب وتبنتها اذ صرح وزير الصحة السيد حمد حسن في حديث تلفزيوني انه اتخذ قراراً سيادياً" وارتأى بأن تتوجه الفرق الطبية الى مجلس النواب من اجل اجراء عملية التلقيح للنواب "تقديراً لجهودهم لان المجلس النيابي اجتمع خلال سبعة ايام بشكل متتال واقر قانون الاستخدام الطارئ للقاح".
وحيث يتبين مما تقدم ان المستدعى بوجهها قررت إعطاء اللقاح لاشخاص اعمارهم دون خمسة وسبعين عاماً، سواء في مجلس النواب ام في مراكز التلقيح، وهذه معلومة بات الجميع يعرفها ويتداولها ولم تدحض الوازرة المذكورة صحتها، ما يدلل إما على انها قد باشرت عملياً بتنفيذ المرحلة الثانية من خطة اللقاح، الامر الذي يفترض بداهة ان تكون قد انهت بداية المرحلة الاولى منها واعطت اللقاح للمشمولين بها كافة، غير انها في الواقع استثنت المستدعي، او انها لم تنه بعد هذه المرحلة ووفرت رغم ذلك اللقاح لمن ليسوا من ضمن اولوياتها في حين لم تعطه للمستدعي الذي يدخل في تلك الاولويات.
وحيث في كلتا الحالتين يكون فعل الادارة لناحية تخلفها لغاية تاريخه عن تزويد المستدعي باللقاح على النحو المذكور مشوباً بعيب جسيم يتمثل بمخالفة مضمون الخطة الوطنية للقاح والمنصة الالكترونية التي اطلقتها في هذا المجال والمعايير والشروط التي وضعت على اساسها، مخالفة جسيمة وخطيرة دون اي مبرر شرعي.
وحيث يتمثل هذا العيب ايضاً بقيامها، اي الادارة، بإعطاء اللقاح لنواب غير مشمولين بالمرحلة الاولى، بناء على سند قانوني مشوب بعيب جسيم، فالقرار "السيادي" الذي استندت اليه الوزارة في اجراء هذا العمل غير مبرر بأي سند قانوني ولا يستوفي اي من شروط ومعايير خطة اللقاح والمنصة المشار اليها، لا بل يخالفها ويستند الى استنسابية مطلقة في توزيع اللقاح لاسيما وان تبريره بأنه تقديراً للجهود التي بذلها السادة النواب في اقرار قانون الاستخدام الطارئ للقاح لا يستقيم ولا يضفي عليه اية شرعية لا بل هو مستغرب ويجعله على درجة اعلى من الجسامة تظهر بجلاء الى حد يتعذر معه القول ان هذا القرار والعمل المبني عليه يعتبر تطبيقاً لقانون او نظام او لاختصاص تملكه الادارة، فقرار المجلس النيابي لقانون الاستخدام الطارىء للقاح وانكبابه على دراسته سبعة ايام متتالية، كما جاء في تصريح السيد حسن، يدخل في صميم عمل هذا المجلس ومن واجباته وليس منة ليكافأ عليه.
وحيث ان الادارة بعملها هذا الخاطئ وغير المبرر تكون قد ميزت فيما بين المستدعي وسواه ممن تلقوا اللقاح لغاية تاريخه دون اي مبرر مشروع مخالفة بصورة واضحة وفاضحة مبدأ المساواة Le principe de l’egalite الذي كرسته شرعة الامم المتحدة التي فرضت على الدول الاعضاء موجب احترام حقوق الانسان والحريات الاولى والثالثة من الشرعة كما كرسته المادة السادسة من اعلان حقوق الانسان والمواطن للعام 1789، وكرسه الدستور اللبناني في الفقرة (ج) من مقدمته والمادة 7 منه فساوى بين المواطنين امام القانون وفي الحقوق والواجبات دون تمايز او تفضيل. وتعدت بشكل واضح على حق المستدعي بالمساواة طالما ان اللقاح توفر لمن تشملهم الاولى وبوشر بإعطائه لفئات المرحلة الثانية، كما تكون قد تعدت على حقه في الصحة المكرس في دستور منظمة الصحة العالمية وفي الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وهو حق انساني اساسي، وحقه في الحياة المكرس كذلك في الاعلان المذكور وفي العديد من اعلانات واتفاقيات الامم المتحدة الاخرى، وحقه بالحصول على اللقاح وبالحفاظ على دوره وفقاً للخطة الوطنية المتفق عليها مع البنك الدولي.
وحيث إزاء ما تقدم يمسي ثابتاً تحقق حالة التعدي الواضح من قبل الادارة المستدعى بوجهها على حقوق اساسية للمستدعي ما يعقد اختصاص هذه المحكمة.
وحيث ان التعدي المذكور من شأنه ان ينتج عنه خطر داهم يهدد صحة المستدعي وحياته لا سيما في ضوء سرعة انتشار الوباء وبالنظر لسن المستدعي وهو في الثمانين من العمر وما يعانيه من مرض مزمن ما يجعله اكثر واسرع عرضة من غيره للاصابة بهذا الفيروس وربما لخطر على صحته او حياته.
وحيث ان الفقرة الاولى من المادة 579 اصول محاكمات مدنية تجيز لقاضي الامور المستعجلة اتخاذ التدابير المستعجلة في المواد المدنية والتجارية دون التعرض لاصل الحق.
وحيث ان معيار اتخاذ قرار على عريضة يكمن وفقاً للمادة 604 اصول محاكمات مدنية إما في وجود عجلة ماسة تبرر اتخاذ الامر على عريضة لدرء خطر حال او في فقدان التدبير المطلوب إقراره كل فعالية فيما لو تم التقيد بمبدأ الوجاهية.
وحيث في ضوء ما تقدم وبما ان المسألة تتعلق بصحة المستدعي وحياته وفي ضوء عدم إمكانية انتظار سلوك اجراءات التقاضي العادية لما تستغرقه من وقت فضلاً عن كونها معلقة حالياً، يكون طلبه الزام المستدعى بوجهه بإعطائه لقاح كورونا مستجمعاً حتماً في هذه الحالة ظروف العجلة القصوى الطارئة والخطورة الساطعة التي تبرر لا بل تستوجب التدخل السريع لهذه المحكمة لإزالة التعدي الواقع عليه ومنع الضرر ودرء الخطر المحدق به عبر إلزام المستدعى بوجهها بتوفير اللقاح له وذلك خلال مهلة ثماني واربعين ساعة من تاريخ تبلغها لهذا القرار وتحت طائلة غرامة اكراهية ترى المحكمة تقديرها بعشرة ملايين ليرة لبنانية عن كل يوم تأخير في التنفيذ.
وحيث بالوصول الى النتيجة اعلاه يمسي نافلاً بحث كل ما زاد او خالف مما يقضي برده، بما في ذلك الطلب الاستطرادي وطلب حفظ حق المستدعي بمطالبة المستدعى بوجهها بالتعويض امام محكمة الاساس لان الحقوق ان وجدت تحفظ بقوة القانون.
لذلك
وسنداً لاحكام المادة 579 اصول محاكمات مدنية معطوفة على المادتين 589 و604 من القانون عينه.
1- إلزام المستدعى بوجهها الدولة اللبنانية – وزارة الصحة العامة بإعطاء اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد الى المستدعي السيد ج. ا. وفق الآلية المعتمدة منها وذلك خلال مهلة ثماني واربعين ساعة من تاريخ تبلغها هذا القرار وتحت طائلة غرامة اكراهية قدرها عشرة ملايين ليرة لبنانية عن كل يوم تأخير في التنفيذ.
2- إبلاغ نسخة عن هذا القرار من رئيسة هيئة القضاياة في وزارة العدل.
3- رد كل ما زاد او خالف وإبقاء الرسوم والنفقات على عاتق من عجلها
قراراً نافذاً على اصله صدر في بيروت بتاريخ 3/3/2021

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟