يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

محمود القيسي - المعنى في قلب "روح القوانين"!

Saturday, April 24, 2021 10:23:28 PM

بقلم محمود القيسي

ليس القانون هو الذي يملي ما هو عادل ، بل العداله هي التي تفرض ما هو قانوني، فحين يكون الصراع بين القانون والعداله ، فعلينا أن نختار العداله وأن نعصي الشرعيه , لأن ما يجب ما يلهم الإنسان في سلوكه ليس ما هو شرعي بل ما هو مشروع. - جان ماري مولر


من الممتع والموجع في نفس الوقت ان يمشي الانسان قي دروب الفكر والمعرفة حتى تدمى قدماه.. حتى ينضج عقله وينطق.. حتى يصبح مؤهل ويرتقي الى صفة انسان شكلاً ومضموناً، وليس بالادعاء والدعوة فقط.كان رهان مونتيسكيو الاساسي يتمحور حول ان الانسان وحده الذي يخرق القوانين كلّها، ويبدل عند الحاجة القوانين التي كان وضعها هو نفسه. وهكذا رفض هذا الفيلسوف الكبير جميع اشكال والوان "الفكر" القائم على خنق الحريات. ومن هنا كان موقفه الرافض للظلم والمظالم.. انه بفضل هذا الفيلسوف-فيلسوف الحرية، عرف العالم لاول مرة في تاريخه مبداء "فصل السلطات".. كمبداء اساسي وثابت لاقامة النظام الديمقراطي.

كتب هذا المواطن الانسان في احدى تاملاته الفكرية:"عندما اتصرف حيال امراً ما اكون مواطناً، ولكن عندما اكتب اكون انساناً"، ثم يضيف:"انا انسان قبل ان اكون فرنسيًا، ذلك لانني انسان بقوة الضرورة، ولست فرنسياً الا بحكم المصادفة". انه صاحب "روح القوانين"، وهو القائل:"اعتقد انني ساكون اسعد البشر لو استطعت شفاء الناس من احكامهم المسبقة"، انه مُنظر الحرية بالهامش الضيق.. الهامش الذي يسمح به التوازن بين القوانين السائدة، والواجبات والحقوق.. لكن المهم في جميع الحالات هو المحافظة على التوازن الفكري، وامكانية الانسان ان يسيطر على سلوكه وطرق تفكيره.. وخاصة على محاكمته العقلية التي تضمن له هامش الحرية المتاح.. وليس قطعاً اغتصاب حرية الاخرين والغائها. لقد بيَّن مونتسكيو في كتابه الشهير "روح القوانين" اختلاف انظمة الحكم والدساتير والقوانين باختلاف تجارب الأمم والشعوب وتفاوت مستويات نموها وتطورها. وخلص الى ان روح القوانين لدى كل شعب هو او هي روح الشعب ذاته وخلاصة تجربته التاريخية.

نحن بحاجة وطنية ملحة في لبنان هذه الايام "الجهنمية" الى مملكة الانسان ودولته-الدولة الضامن لجميع الناس.. وبان يتمتع كل مواطن بهامش حريته وممارستها، والتي يتقدم بها كل فرد.. وتلبيتها لارادته وتطلعاته على مبداء وقاعدة "الحقوق والواجبات" الذهبية، بشرط شرعيتها ومشروعيتها القانونية.. نحن بحاجة الى دولة فصل السلطات لتحقيق الحرية والعدالة ومنع الاستبداد.. ومنع اجتماع تلك السلطات بين يدي الزعيم الملهم، او الحزب الاوحد، او الطائفة الالهية، او القبيلة الابوية، او العشيرة القبلية، او العائلة الروحية.. نحن بحاجة الى دولة السلطة التشريعية.. في تشريع القوانين وتعديلها قانونياً.. دولة السلطة التنفيذية.. في تنفيذ وحماية حقوق الناس ومصالحهم ومتابعتها يومياً.. نحن بحاجة الى دولة السلطة القضائية في ممارسة القضاء العادل النزيه والشفاف. نحن بحاجة الى انتاج الدولة، بشرط ومشروعية ان يبقى الانتاج واعادة انتاج الدولة والقوانين فعل مستمر.. فعل مستمر في دولة القوانين الفاعلة، وليس المفعول بها. نحن بحاجة الى الدولة الوطنية الفاعلة، وليس دولة الغوغائية والاستعراضات السياسية والارهاصات الشعبوية الفارغة والملفات المتراكمة والمنسية في ادراج مكتب من يدعي او "تدعي" الدفاع عن المصلحة الوطنية. ناسية، او متناسية ان العدل اساس الملك وليس اساس مركز "ميرنا الشالوحي".. دون ان تدري، او تدري ان مركز الشالوحي ليس الجمهورية اللبنانية.

في كتابه "الحب والحرب والحضارة والموت" ناقش سيغموند فرويد تأثير فكرة الموت الجماعي على الإنسان ومحاولة التحرر المؤقت من الأوهام. كما ناقش فرويد التراكمات النفسية المستجدة من الشعور بالذنب تجاه الأخرين امام مشهدية الموت الجماعي.. موت الحروب السياسية، او موت حروب الأوبئة والفيروسات السياسية.كان الموت في مفهوم مؤسس علم التحليل النفسي الذي اشتهر بنظريات العقل واللاوعي اداة لإعادة التفكير في الصراع المتواصل بين غريزتي الموت والحياة.. كما اكتشف فرويد أن ما من شيء يسمى حادثة او صدفة، واكتشف كيف ان المشاعر والأفكار والدوافع والأمنيات والأحداث، التي قد تبدو عشوائية، تحمل معانٍ خفية.

يروي فرويد، قصةً يأبى كثير منا سماعها، وهي عجزنا عن معرفة أنفسنا بطريقة كاملة، وجهلنا بما يُحركنا او السبب الذي يجعلنا نفعل ما نفعله، ويقول ما مفاده ان أفكارنا الواعية ليست إلا خيطاً رفيعاً يحوم بين تلافيف عقولنا.
نعم، ان أفكارنا "الواعية" ليست إلا خيطاً "رفيعاً" يحوم حول وبين تلافيف عقولنا.. عقولنا الغائبة، او عقولنا المغيبة. بل، عقولنا الغائبة والمغيبة عن "فعل" انتزاع كل "الحقوق" الوطنية المشروعة، وفعل القيام في جميع "الواجبات".. الواجبات الوطنية المشروعة..!!!


يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟