يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

المحامي الياس سليم طعمه - الطفل... تعنيفه ، حقوقه  وضماناته القانونية

Monday, April 12, 2021 9:06:08 AM

بقلم المحامي الياس سليم طعمه

يتحرك الرأي العام اللبناني وتتوالى موجات السخط والغضب وردود الفعل المجتمعي عند كل حادثة يتناولها الأعلام اللبناني ومواقع التواصل الأجتماعي عن تعرض طفل للتعنيف الذي غالبا" ما يكون مصدره أحد الأقارب وكان آخر فصولها ما عرضه برنامج تلفزيزني لتعنيف والد لطفله القاصر تخلله مداخلات بعض الجيران وأبناء المحيط حول سوء المعاملة التي يتعرض لها وأجراءات الذل التي يمارسها والده بحقه ، وبناء"عليه نسلط في هذا المقال على حقوق الطفل والضمانات القانونية المتاحة له .

 

لكن من هو الطفل ومن يعتبر طفلا"؟ :

 

التعريف القانوني للطفل:
نصت المادة الأولى من الإتفاقية الدولية الخاصة بالطفل للعام 1989، على أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة (18)، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه في بلده الأم . فتحديد سن الـ18 مبني على افتراض أن يكون الطفل قد تطوّر جسدياً وعقلياً وعاطفياً، وبلغ درجة من الرشد والاكتمال. لكن هذا لا يمنع أية دولة من اعتماد سنٍ أصغر من السن المذكور يتناسب مع العوامل الطبيعية والعرقية والاجتماعية التي تساهم في نمو الطفل وبلوغه سن الرشد في تلك الدولة.

أما في القانون اللبناني لم يرد تعريف واضح للطفل، لكن قانون حماية الأحداث المخالفين للقانون والمعرضين للخطر (رقم 422/2004)، نص في مادته الأولى على أن الحدث هو الشخص الذي لم يتم الثامنة عشرة من عمره.

 

ما هي حقوق الطفل:
نصت الإتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل على العديد من هذه الحقوق، أهمها:

حق الطفل في الحياة وفي البقاء والنمو (مادة 6)،

حق الطفل منذ ولادته بإسم وكنية وهوية وجنسية (مادة 7 و 9)، حق الطفل في الحفاظ على صلاته العائلية (مادة 8 و11)،

حق الطفل في التعبير عن آرائه بحرية في المسائل التي تهمّه، وحقه في حرية الفكر والوجدان والدين والمجتمع (12و15)، حقه في الرفاهية واللهو وفي إعلام سليم (مادة 17)، وحقه في الحماية من أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو النفسية أو الإهمال أو الإستغلال كافة (مادة19 )،

وحقه بحياة كاملة وكريمة إذا كان معوّقاً جسدياً أو عقلياً (مادة 23)، وحقه بالتمتع بأعلى مستوى صحي (مادة 24 و25)، وحقه في الضمان الاجتماعي ومستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي (مادة 26 و 27)،

وحقه في التعليم (مادة 28  و 29)، وحقه في حمايته من الاستغلال الاقتصادي (مادة 32)، وحقه في الوقاية من الاستخدام غير المشروع للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية (مادة 33)، وحقه بالحماية من المنازعات المسلحة (38)، وحقه في محاكمة إنسانية عادلة أمام هيئة قضائية متخصصة (40).

كما نصت هذه الإتفاقية على إنشاء لجنة دولية معنية بحقوق الطفل، تتألف من 18 خبيراً من ذوي المكانة الخلقية الرفيعة والكفاءة (مادة 43)، ونصت على ضرورة تشجيع التعاون الدولي في حماية الطفولة والتعاون مع الوكالات المتخصصة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة وغيرها (مادة 44 و45).

 

 

أعمال العنف ضد الأطفال وسوء معاملتهم
على الرغم من وجود النصوص القانونية، على الصعد الدولية والمحلية، التي تنظم حقوق الطفل وتدعو الى حماية الطفولة وتحظّر سوء معاملة الأطفال أو تعنيفهم، تسجّل التقارير الرسمية وغير الرسمية تجاوزات بالغة القسوة ضد الطفولة من ناحية سوء معاملتهم وتعرّضهم لأبشع الجرائم المهينة بحق الإنسان والبشرية بشكل عام، ولعل أهمها ما يأتي:


• ترك الطفل وإهماله وعدم إعالته والإنفاق عليه:
فقد نصت المادة 501 من قانون العقوبات على أن الأب والأم اللذين يتركان في حالة احتياج ولدهما الشرعي أو غير الشرعي أو ولد تبنياه، سواء رفضا تنفيذ موجب الإعالة الذي يقع على عاتقهما أو أهملا الحصول على الوسائل التي تمكنهما من قضائه، يعاقبان بالحبس مع التشغيل ثلاثة أشهر على الأكثر وبغرامة لا تتجاوز المئتي ألف ليرة.
كما نصت المادة 502 من القانون ذاته على أن من قضي عليه بحكم اكتسب قوة القضية المحكمة بأن يؤدي الى زوجه أو زوجه السابق أو الى أصوله أو فروعه أو الى أي شخص يجب عليه إعالته أو تربيته، الأقساط المعينة، فبقي شهرين لا يؤديها، عوقب بالحبس مع التشغيل من شهر الى ستة أشهر وبغرامة توازي مقدار ما وجب عليه أداؤه.

أذ يعتبر حق الطفل في حياة كريمة والنمو والإنفاق عليه والحفاظ على صلاته العائلية، من أهم الحقوق التي ويقع تأمين هذه الحقوق بالدرجة الأولى على الأب والأم عند وجودهما، ثم ينتقل الى من يعينهم القانون بعد الأب والأم.


• ضرب الطفل أو جرحه أو إيذائه:
خلافا" لما يعتقده بعض الأهل والأقارب والمربّين أن تأديب الطفل يستوجب القسوة في التربية، ويتخذون العنف والضرب والتعنيف الجسدي واللفظي أسلوبا" في تعاطيهم مع الطفل ،
أولا" إن جميع الأديان وقوانين الأحوال الشخصية تحرّم القسوة في تربية الأولاد وتأديبهم، وثانيا" فقد شدّد القانون في المادة 559 معطوفة على المادتين 548/4 و549/3 من قانون العقوبات اللبناني العقوبة عند اقتراف أفعال الضرب والإيذاء بحق حدث دون الخامسة عشرة من عمره.

كما عاقبت المادة 554 من قانون العقوبات بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بالتوقيف التكديري وبالغرامة من 10 آلاف الى 50 ألف ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أقدم قصداً على ضرب شخص أو جرحه أو إيذائه إذا لم ينجم عن هذه الأفعال مرض أو تعطيل عن العمل لمدة تزيد عن عشرة أيام. وإذا نجم عن الأذى الحاصل مرض أو تعطيل عن العمل مدة تزيد عن عشرة أيام عوقب المجرم بالحبس مدة لا تتجاوز السنة وبغرامة مئة ألف ليرة على الأكثر أو بإحدى هاتين العقوبتين (مادة 555 عقوبات). وإذا جاوز المرض أو التعطيل عن العمل العشرين يوماً قضي بعقوبة الحبس من 3 أشهر الى 3 سنوات فضلاً عن الغرامة (مادة 556 عقوبات).

 

كما توجد أفعال جرمية تمارس بحق الطفل نص وعاقب عليها القانون تتسم بعضها بالخطورة الكبيرة لن نتسفيض في شرحها الآن بل سنكتفي بتعدادها لأنها تستأهل التعمق والبحث الجدي في مقالات أخرى تفيها حقها وهي :

- إغتصاب الطفل .

- بيع الطفل.

- خطف الطفل وحرمانه من حريته.

- حمل الطفل على الانتحار.

- تقديم المسكرات والمخدرات للأطفال.

- تشريد الطفل ودفعه للتسول.

- طرح الجنين والتخلي عنه.

-استغلال الطفل في جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية.

- حمل الطفل على ارتكاب الفحشاء أو الأفعال المنافية للحشمة، أو حضّه على الفجور والدعارة.

 

يبقى أن نشير أخيراً الى أن وجود النصوص القانونية لحماية الطفل غير كافية لهذه الحماية ، بل يجب أن تترافق بحملات توعية مجتمعية ومجهود جبار لتغيير سلوكيات المواطن اللبناني من الأباء والأمهات والأقرباء في تعاطيهم مع الأطفال ، وكشف تلك الجرائم وتظهيرها الى العلن التي غالبا" ما تبقى قيد الكتمان والتستر بحجج المحافظة على العائلة وروابط القربى ومفــــاهيم

" العيب " الخاطئة المتوارثة ، وأنزال أشد العقوبات بالفاعلين بحيث تصبح العقوبة الرادع الحقيقي لهكذا أفعال في ظل الوتيرة المتباطئة بتغيير سلوكيات المجتمع ، ويبقى التعويل الأول على القضاء اللبناني في القصاص وثانيا" على الأعلام في فضح تلك الممارسات والجمعيات الأهلية والمدنية في التوعية وتسليط الضوء على المخاطر التي تحيط بالطفولة ودورها الفعال في أحتضان الطفل ومتابعته ولا بد من التنويه ختاما" بالدور الكبير لها وفي طليعتها الأتحاد لحماية الأحداث في لبنان .

 


يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟