يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

محمود القيسي - الادارة الاميركية الجديدة.. القديمة!

Sunday, April 4, 2021 4:40:20 PM

بقلم محمود القيسي


"آباء الغرب المحترمين سلاماً
نحن النجس الشرقي جئنا لنقدم هذا الشكر لكم
أحباب سفينتنا همس القبطان بدون عويل
وبدون صراخ شرقي
صفاً صفاً فالغرب يحب التنظيم
ولا يهتم بعاطفة متأخرة يذرفها الشرق البائس"
مظفر النواب

الشرق الأوسط، والإدارة الأميركية الجديدة القديمة..أصابع قديمة جديدة إلى منطقة الزلازل السياسية تاريخيا، لإعادة "النظر" في أصعب الاختيارات والاختبارات والأسئلة العالقة والعمليات الدائرة في بطن "أخدود" الخرائط والقضايا القديمة الجديدة. في مناطق باتت أسوأ بكثير مما سبق، لكن يحاول بعض هذه الأصابع القديمة الجديدة والأيادي القادمة بتوجهات جديدة قديمة، لإعادة النظر في "الفوضى" الدموية "الخلاقة" والمنظمة. ورسم "التسويات" القادمة وإصدار "الهويات" القاتلة.. لوصف وتوصيف العدسات السياسية الجديدة اللاصقة، في ولادة "قيصرية" لشرق أوسطي "كبير" و "جديد" على شواية "لعبة الأمم"، أو "مسلخ" الرأسمالية الجديدة المتوحشة.. أو مختبر خبراء النيوليبرالية النخبوية في أجراء التجارب على الشعوب، الشعوب المغلوبة على أمرها.

نعم، شواية (لعبة الأمم) التي يمكن الرجوع لكتاب (مايلز كوبلاند) المسمى: لعبة الأمم، وهو كتاب شهير في السياسة والاستخبارات، ربما ينافس في قوته وشهرته وانتشاره كُتباً كلاسيكية صدرت قبله منذ قرون.. ككتاب السياسة للفيلسوف أرسطوطاليس، والجمهورية لأفلاطون والأمير لميكيافلي ومن الحديثة أحجار على رقعة الشطرنج لوليم غاي كار.. وغيرها. وإذا كان (مكيافيللي) قد أتى بنظرية: الغاية تبرر الوسيلة، فإن (مايلز) قد جاء بنظرية: أخلاقيات سياسة القوة، وفضح مجموعة من الأنظمة والزعماء والقادة حول العالم.
إن كتاب (لعبة الأمم) من أهم الكتب التي تتحدث عن نشاط المخابرات العالمية في المنطقة العربية، والهند الصينية، واميركا اللاتينية وإلى آخره.. في النصف الثاني من القرن العشرين، وأخطر وأشهر عملية فضْح لـ(لعبة السياسة) والدمى السياسـية التي تتحرك على المسرح السياسي في العالم بأيدي أجهزة ودوائر مخابراتية ودائماً على حساب الشعوب ومستقبلها.

نعوم تشومسكي في الواحد والتسعين من عمره.. كتب عن "الطاعون الفاشي" اولى مقالاته وهو في العاشرة عام ١٩٣٨ وتوقع في ذلك الوقت ان تنتهي الحرب بانقسام العالم بين اميركا والمانيا ، وتبين ان مخاوف طفولته كانت في محلها..
بعض هذه الذكريات تعود اليه الان. خطابات هتلر في الراديو، لم يستطع فهم الكلمات حينها لكن كان من السهولة ان يفهم المزاج العام ويشعر بالتهديد الذي تحمله صدى الكلمات. تشومسكي يشعر بالشيء ذاته عندما يستمع الى خطابات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الكلمات التي يتردد صداها في نفس وعقل وقلب الفيلسوف. ويقول في الاطلالة الاستثنائية ضمن حلقة خاصة في DiEM25 TV اقتربنا من الرعب الاعظم وترامب رغم خروجه من البيت الابيض ما زال ومن يمثل في صدارة السباق الى حافة الكارثة.
يقول ايضا: حين سلمنا مصيرنا للاستبداد الراسمالي الخاص ولمصلحة النيوليبرالية المتوحشة التي تتحكم باقتصاد السوق وفلسفة العرض والطلب على مستوى العالم، حيث الطاعون الجديد المتمثل في النيوليبرالية يقودنا في ظل، او تحت جناح الفيروس التاجي الى الهلاك. لقد تمت خيانتنا من النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. التي تتحكم بها النيوليبرالية وتديرها البرجوازية الفيروسية الجديدة او المستجدة ولا خيار لهذا العالم "البنفسجي" سوى الخروج من طاعون النيوليبرالية ومشتقاتهم .. من تحت يد "الاخ" الاكبر.. طاعون ما بعد الحداثة.. او طاعون ما بعد بعد الحداثة.. طاعون الراسمالية التاجية.. الراسمالية المتوحشة.

الليبرالية والنيوليبرالية والليبرالية الديمقراطية الغربية وإلى آخر "طبقات" سمفونية (رب) رؤوس الأموال لا تتوقف عند الاقتصاد ونهب الشعوب فقط؛ بل أن سطوة الدولة والنخب تذهب إلى أبعد من ذلك. كما تؤثر كذلك على المجتمع، وعلى الأفراد، فالمسـألة هنا تدخلية أكثر دهاء ومراوغة للدولة، سمّاها ميشال فوكو "حاكمية". ويرى أنها تعمل، في بعض جوانبها غير المرئية، على إرساء "معرفة سلطوية جديدة"، تشمل زجّ الثقافي في السياسي، بالكامل التنفيذي، وجعله، أي الثقافي، من البطانة العاملة بقوة ترويج مضاعفة على أرض الاقتصاد الجديد، وبسياسات هذا الاقتصاد الملغّمة، والمنطلقة دوماً من رصد وتقويم واقعي للوقائع، وجعلها مذنّباً تابعاً لها بكل شروط التبعية الصاغرة.
ويبيّن جيمس غالبريث، العالم الاقتصادي الأميركي المعروف كيف تمدّدت في بلاده، وسائر بلاد الغرب والعالم الغني، سياسة نهب حقيقية يُعرّفهـا بـ"الاستغلال الممنهج للمؤسسات العمومية من أجل المربح الخاص" على حساب المجتمعات والدول والشعوب.

لم يبقى من “اكتمال" صورة الشرق الأوسط "الكبير" و "الجديد" سوى "تقشيش" سلال التوزيع ومحاصصة تحديد التحولات الديمغرافية على المقاييس الاثنية والدينية والعرقية والطائفية والمذهبية وإلى آخر معزوفة "الدم".. والثروات النفطية والغازية والمائية والزراعية.. ذلك ناهيكِ عن القنوات والسدود والمضائق والنقاط الحدودية والاستراتيجية في "بلاد العرب اوطاني" إلى آخر نقطة دم، ونقطة ماء وآخر نقطة نفط..
البلاد التي تتراوح، او تترنح بين "ملحمة" جلجامش وانكيدو، او ملحمة بلاد ما بين النهرين في تنكيل مقصود للحضارة السومرية "المعاصرة".. بين بوابة العرب الشمالية عاصمة الأمويين واقدم عاصمة في التاريخ، رهينة "البعث" الجذموري.. بين شط العرب وخليجه.. باب المندب وعشاقه، ومضيق هرمز شريان العالم الأبهر ونقل النفط المحمل بالأكسجين من قلب الخليج إلى باقي جسد العالم.. بين النيل الأزرق والنيل الأبيض ووادي الحضارة واهرامها، وسلة العالم الخضراء وعمقها الأفريقي. بين مؤامرات السدود العالية والنهضوية تاريخياً نهر النيل العظيم رهين المحبسين، رهين التجويع والغرق ورهين التعطيش والموت البطيئ.. بين أرض بنت الصبح التي نساها العرب الرحل عند المتوسط تجمع ازهار "الشوك" وساروا باديتين ولما انتبهوا وجدوا كل سقوط العالم فيها قالوا مرثية.. بين الأحواز المنسية منذ مئة عام، مئة عام من العزلة وجدران العزل والحجر عن العالم الخارجي وإيرنة اللغة والثقافة الوطنية..
بين الموت في عصر الأوبئة السياسية والأيديولوجية والتكنولوجية الذكية، أو الموت في زمن الفيروس المستجد، أو الفيروس المتحور.. بين اكثر من الف حضارة وحضارة تدخلت وتداخلت في عمق هذه الجغرافيا المشرقية وتاريخها.. الجغرافيا "القاتلة".. جغرافية تاريخ، او تاريخ جغرافية كل الأديان.. ارض الله وبيوته.. جغرافية العالم ونقطة ارتكازه.. بين فلسطين المحتلة أو مملكة السماء المحتلة بقعة كبيرة من الدم. بقعة كبيرة من الدم الكثيف تلطخ وجه التاريخ، والجغرافيا كذلك..!!!

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع!

عطل الانظمة الالكترونية في وزارة المال قد يؤخر صرف رواتب القطاع العام!

"الصحة" و"التربية" تطلقان حملة المدارس للتوعية ضدّ التدخين بدعم من "الصبّاح للإنتاج"

القرم في ملتقى "الأمن الاقتصادي العربي": ضرورة وجود بنى تحتية مرِنة لقطاع الاتصالات قادرة على التكيّف

التحكم المروري: حركة المرور كثيفة من الكرنتينا باتجاه الزلقا

بند جديد على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء غدا

عمليات "الحزب" مستمرة... هذا ما استهدفه بعد ظهر اليوم!

ما جديد قضية الطفلة صوفي مشلب؟