يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

المحامي ناضر كسبار - رواتب النواب السابقين

Monday, March 29, 2021 12:26:50 AM

بقلم المحامي ناضر كسبار


        بتاريخ 27 حزيران 1974، وبينما الاضرابات والتظاهرات يزداد عددها يوماً بعد يوم، اقر مجلس النواب في جلسة قصيرة ما اسماه معالي النقيب فؤاد الخوري في كتابه النيابة في لبنان، "ابتداع شرعة جديدة تؤمن موردا مادياً غزيراً لهم ولرؤساء الوزارات ورئيس الجمهورية بعد انفصالهم عن العمل الرسمي ولأسرهم من بعدهم، وهي رواتب شهرية معينة". ويضيف النقيب الخوري ان الرئيسين كميل شمعون ورشيد كرامي والنائبين جوزيف شادر والبير مخيبر عارضوا هذا القانون.

        نعم...هذا القانون يرهق خزينة الدولة سنوياً بمئات الميارات، خصوصاً وان الامر لا يقتصر على المعاشات بل ايضاً على بوالص تأمين وغيرها. والاخطر هو ان بعض الاحزاب والتيارات باتت تغير نوابها حتى يستفيد اكبر عدد منهم من رواتب النواب السابقين. فما هي الأسباب الموجبة لهذا القانون؟. خصوصاً وان النائب، بعكس الوزير والمدير العام والموظفين، لا ينقطع عن ممارسة مهنته فالنائب المحامي مثلا يتابع ممارسة مهنته قانوناً في  حين ان الوزير والمدير العام والمحافظ...الخ فعليهم ان يعلقوا قيدهم طوال فترة اشغالهم للمنصب. فما هو المبرر لاعطاء النائب السابق ومن بعده عائلته هذه المكاسب الباهظة التي ترهق خزينة الدولة مثلها مثل بقية الرواتب لمؤسسات لا تعمل كمصلحة سكة الحديد واستشعار الزلازل وغيرها؟.

        يوم صدر القانون، كتب معالي النقيب فؤاد الخوري في جريدة البيرق مقالاً جاء فيه:

        ...هي الروح المادية التي طغت في هذه الآونة من العصر، فتبدلت تحت وطأتها مقاييس في المبادئ والقيم. من آثاره، نهم مادي عام وغلو في الإيثار الذاتي...

        ...النيابة في الاصل رسالة تولي من استحقها شرف تمثيل الشعب باقبالهم على تطويق عنقه بثقة منهم لا تقدر بثمن...

        ...من اقوال عمر بن الخطاب: لا تنظروا الى صلاة احد ولا الى صيامه، ولكن انظروا الى ورعه اذا اشرف على الدينار والدرهم.

        "وكم تتعثر النفوس في دروب الشهوات، ويخطف بريق المال ابصارا وبصائر..."

* * *

رسالة تصويبية

        عندما كان المحامي طانيوس رزق يكتب برنامج "الحق والباطل" لاذاعة صوت لبنان، لم تكن اسماء اصحاب البرنامج تذاع. وفي مجلة الشبكة تاريخ 30 كانون الثاني (العدد 1143) كتب انطوان بارودي، ردا على اسئلة بعض القراء، ان "معد برنامج الحق والباطل هو انطوان كساب" فكتب اليه المحامي رزق رسالة تصويبية ختمها قائلا:

بارودي بترمي فتيش                 ومعقول تقنص عالجيش

بتقتل، تجرح، بتحامي         بس تقنص اسامي؟

** *

السمو الذي لا حد له

        في محاضرة القاها في نقابة المحامين في بيروت بتاريخ 22/2/1964، يقول عضو مجلس النقابة المحامي المرحوم فوزي غازي.

        أحيل مكرم عبيد بليغ مصر والعرب ومارد المحامين، الى المجلس التأديبي بسبب ما اسند اليه من انه مس كرامة القضاء. فأوكل امر الدفاع عنه الى مارد آخر يعد بحق اكبر محام جنائي عرفته مصر وعنيت مرقص فهمي. وقد نشر دفاع فهمي في الكتاب الذهبي للمحاكم الاهلية الجزء الثاني سنة 1933. فاسمعوا هذا المقطع من مرافعته الذي جاء دستورا صغيرا للمحاماة.

-   نحن المحامين نعالج آلام الناس ونرافقهم في شقائهم ولهذا نرتدي الثوب الاسود ونقف في هذا المكان المنخفض. فإذا ما اعيانا التعب جلسنا على هذا الخشب الصلب فيزيدنا تعبا. فنحن حقيقة بؤساء رفقاء البؤساء. ولكن رغم هذه المظاهر الخداعة فإن الذي في قلبه ايمان بالحق يرتفع من هذا المركز المتواضع الى السمو الذي لا حد له. ذلك ان عماده كله الحق، ولان مأمورية المحامي تمثل حق الدفاع المقدس. والقداسة لا تحتاج لسلطة ولا تحتاج لمظهر قوة بل هي جميلة، جميلة بنفسها مهما كانت مظاهرها مظاهر التعس والتواضع. ولان المحامي مأموريته التي تسمو به الى اقصى ما يعرف من معاني السمو هي ان يواجه ضمير القاضي وان يحدثه فيما يصح ان يتجه اليه عدله، فحقيقة لا يوجد سمو آخر يداني هذا السمو!

لكل جرح من جروح البشرية لدى المحامي دواء ناجع اسمه الدفاع!

ولكل جرح من جروح البشرية لدى القاضي دواء ناجع اسمه العدالة!

وبين الدفاع والعدالة...يستقيم الميزان وتدخل الدولة في بناء التاريخ".

عاش لبنان بين دفاعه والعدالة!

* * *

اسمك داخل في الاسباب الموجبة للقانون

        من اجمل طرائف المحامي الالمعي مطانيوس عيد ان احد المحامين كان يحضر دائما الى "جنينته" الشهيرة وهو يندب حظه لان اعماله قد توقفت بسبب الحرب ولم يتوكل بدعوى واحدة منذ بدايتها. في هذا الوقت كان مجلس النواب قد انتهى من اصدار قانون اعطاء القروض للمحامين ولا ينقصه الا توقيع رئيس الجمهورية عندما حضر المحامي بسرعة الى عند مطانيوس وهويقول: لقد وافق المجلس على قانون اعطاء القروض للمحامين ولذلك يجب تحضير اوراقي التي تثبت انني محام.

        فأجابه مطانيوس ضاحكا:

-       ليس من الضروري ان تفعل ذلك لان اسمك داخل في الاسباب الموجبة للقانون.

 

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟