بقلم المحامي ناضر كسبار



        من يتابع ملف جائحة كورونا منذ بدايته لا يمكنه إلا وان يشعر بالمرارة لما آلت اليه روح المسؤولية في لبنان. إذ بعيداً عن عبارة لا داعي للهلع، وعشرات النداءات التي اطلقناها بوجوب معالجة الموضوع بطريقة مختلفة عما عولجت وتعالج به، اليوم الاثنين قرروا إتمام عملية فتح البلد معلنين ذلك اعلان الابطال الذين قضوا على اعدائهم. وبدلاً من اقفاله بشكل تام في ظل وفاة عشرات الضحايا يوميا – وليس اسبوعياً او شهرياَ –وإصابة الآلاف يومياً، عادوا وفتحوا القطاعات والمؤسسات والإدارات والمطاعم والمؤسسات وكأن كورونا قد اختفت. وما يزيد في الطين بلة، انهم يلعبون على نفسية اللبنانيين الذين تقبلوا فكرة انه وبمجرد وجود لقاح ضد كورونا على الكرة الارضية، بات من الضروري فتح القطاعات في حين ان هذه اللقاحات لا تزال بعيدة المدى ولم يتلقاها اللبنانيون بعد، وهي بحاجة الى عدة اشهر اذا سارت الامور على ما يرام. فهل قضيتم على كورونا حتى تفتحوا البلد وتفتحوا القطاعات؟ ام مجرد فكرة وجود لقاح على الكرة الارضية يجيز لكم العودة الى الحياة الطبيعية؟. والانكى انه وباعادة فتح الادارات بات على المواطنين الذهاب الى العمل والى الادارات وما تحمله من مخاطر خصوصاً في الداوئر المالية حيث شهدنا الاسبوع الماضي الآلاف يقفون ابتداء من الدرج الخارجي لقصرالعدل في بعبدا ينتظرون دورهم لماذا؟. لدفع ضبط مخالفة القرار المتعلق بكورونا. وبالتالي عندما يلزم المواطن بالتنقل الى العمل وامام الادارة وغيرها فهو معرض للاصابة. ولا يسعنا الا وان نقدم التعازي للبنانيين ولعائلة المحامين حيث ودعنا الاسبوع الماضي اثنين من زملائنا المحامين بسبب كورون، وهما في عز شبابهما، وزميل ثالث اليوم الاثنين خلال كتابة هذه الكلمات وهم الاساتذة عبدالله الرافعي وفادي نجم وجورج شويفاتي.

بين داية وأبو دية

        يروي المحامي وليد ابو دية الطرفة الآتية:
        "صودف ان كنت وكيلاً في دعوى استرداد للهدم عن الجهة المدعى عليها امام القاضي المنفرد الناظر في دعاوى الايجارات في بيروت عام 1985 الرئيس سمير مطر. وكان زميلي الاستاذ الفتاري داية يمثل الادعاء في الدعوى المشار اليها. وكان العقار المطلوب الاسترداد لهدمه يقع في منطقة مار الياس. وبناء لتكليفه من المحكمة قام احد الخبراء واجرى معاينة لتحديد ثمن كل قسم من العقار وامكانية وضع تخمين لكل شقة الى ما هنالك، وبعد ورود التقرير حضرنا سوياً جلسة المحاكمة. فما ان اعتلى الرئيس قوس المحكمة حتى نادى علينا كل باسمه قائلاً: حضر الاستاذ داية عن الجهة المدعية وحضر الاستاذ ابو دية عن الجهة المدعى عليها...واثناء الجلسة اختلط الامر على الرئيس فأعاد الاستفسار قائلاً:

-   مين داية ومين ابو دية؟

فكان زميلي الاستاذ الفتاري داية سريع البديهة، بحيث وباعلى صوته:

"حضرة الرئيس حضرته بيكون بيي" باعتبار انني ابو دية وهو داية. عندها علا الضحك وسط من كان حاضراً للجلسة.

* * *

"نظمت حكما ضد موكلك"

        يروي المحامي النائب اوغست باخوس ان القاضي جورج ساروفيم، الذي بدأ حياته كمحام متدرج في مكتب النقيب ادمون كسبار حيث تدرج الاستاذ باخوس ايضا، اصبح قاضيا فمحافظا لمحافظة البقاع، ثم عاد الى المحاماة، انه يوم كان قاضيا كان يذهب مع عدد من الاصدقاء الى منطقة البقاع لقضاء عطلة نهاية الاسبوع. ويقول انهما كانا يستيقظان صباحا فيذهب الاستاذ باخوس لممارسة هواية الركض في حين ان الاستاذ ساروفيم كان يدرس الملفات ويكتب الاحكام. وانه عاد مرة ودخل المنزل فقال له ساروفيم:

-   اليوم درست ملفا مهما ونظمت حكما ضد موكلك لانه لم يكن على حق.

ويقول الاستاذ باخوس انه كان يتقبل كل ذلك لانه كان يعلم ان القضية هي في ايد امينة.

* **

"اشتغل بضمير موكلي لا بضميري"

        في مقابلة اجرتها معه محلة الحوادث في العام 1977 يقول الوزير والنائب  المحامي الشيخ بهيج تقي الدين انه ذهب مرة الى الكويت للدفاع عن لبناني احيل الى محكمة الجنايات بتهمة محاولة رشوة ضابط في الجيش. وقبل الجلسة زار امير الكويت الشيخ عبد الله الصباح ويقول:

        "وسألني الامير عن سبب زيارتي للكويت فأجبته انني قادم للدفاع عن لبناني" التزم بناء ثكنة للجيش وشاء ان يقوم ببادرة نحو الضابط "المشرف على حسابات الالتزام فقدم له هدية خمسماية دينار، فما كان "من الضابط الا ان وضع محضراً ربط به المبلغ موضحا ان اللبناني حاول "ان يرشيه وستجري محاكمة هذا الاخير امام محكمة الجنايات.

        سألني الامير: وما هو اعتقادك انت، اهي حقا هدية ام انها محاولة رشوة كما يقول الضابط؟

        اجبته: اعتقد يا طويل العمر، ان في الامر محاولة رشوة.

        قال الامير: وكيف يطاوعك ضميرك على ان تقول للمحكمة بأنها هدية بينما انت مقتنع بأنها رشوة؟

        وكان جوابي للامير، رحمه الله: انني يا طويل العمر، اشتغل بضمير موكلي لا بضميري.

        ضحك الامير للجواب، ولكنني مؤمن بأنه لم يقتنع به"

* * *

"الوفاء"

        كان المحامي الصديق المرحوم سعد الدين الحوت يتكلم دائما في مجالسه الخاصة عن الوفاء خصوصا عندما يصل الانسان الى المراكز العليا فعليه الا ينسى اصدقاءه. وفي هذا المجال يقول انه قرأ مرة بيت شعر فيه الكثير من الحكم وهو الآتي:

وخير ما يبقى وفاء دائم            ان المناصب لا تدوم طويلا

ويضيف الاستاذ الحوت انه قرأ مرة يافطة في الكويت جاء فيها:

"لو دامت لغيرك لما آلت اليك".

* * *

الاطباء في لبنان ما بيتحاكوا

        يروي الرئيس صائب سلام انه كان مرة في مشوار صيد والرئيس عبدالله اليافي في بلد عربي، وكان ورفاقهما ينادون الرئيس اليافي "بالدكتور" على اساس انه دكتور في القانون. وقد سمعت إحدى القرويات اسم الدكتور فركضت ناحية الرئيس اليافي مستغيثة وهي تطلب منه معاينة إبنها الذي يعاني من عوارض تجعله لا يأكل ولا يشرب.

        وبدأ الرئيس اليافي يفهمها انه دكتور في الحقوق ولا يفهم بالطب وان طبيب قريتها يفهم اكثر منه بكثير، إلا انها ردت علهي بغضب شديد:

-   معهن حق اللي بيقولوا انو الاطباء في لبنان ما بيتحاكوا!