يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

مخزومي قدم من بكركي توصيفا شفافا وواقعيا لـ "الحياد" و"التدويل"

Friday, March 5, 2021 11:51:09 AM

مخزومي قدم من بكركي توصيفا شفافا وواقعيا لـ "الحياد" و"التدويل"
المجتمع الدولي يبدأ الحل بمعاقبة "الرأس المدبر" للمنظومة الفاسدة.. وحكومة المستقلين رئيسا ووزراء آتية بقرار عربي ـ دولي

 
خاص "اللبنانية"

اذا صح ان اجتماعات اميركية ـ فرنسبة ستعقد قريبا وتتناول الوضع في الشرق الاوسط ومن ضمنه الوضع اللبناني من زاوية الانهيار السياسي والاقتصادي والمالي الذي يعيشه وتعثر تأليف حكومة الاصلاحات المنشودة. واذا صح ان هناك "وجبة" جديدة من العقوبات الاميركية والاوروبية تحضر تمهيدا لفرضها على قيادات سياسية من المنظومة السياسية الفاسدة و لاسيما منها المتهمة بإعاقة انجاز الاستحقاق الحكومي. اذا صح كل هذا، فإن ساعة انهيار هذه المنظومة قد اقتربت، لأنه بعد كل ما جرى ويجري تولد اقتناع داخلي وخارجي مفاده ان لبنان لا يمكنه الاستمرار تحت الشمس بعد اليوم ما لم يرحل عن السلطة الفاسدون والمفسدون فيه من قوى سياسية ومافيوية تنهب مقدرات البلاد والعباد منذ التوصل الى "اتفاق الطائف" عام 1989 وحتى اليوم.

 

"الرأس المدبر"

ويبدو ان التركيز الدولي يتم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وكأنه "الرأس المدبر" للمنظومة الفاسدة، حيث افادت وكالة "بلومبرغ نيوز" ان المسؤولين في ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن يدرسون مع نظرائهم الاوروبيين فرض عقوبات على سلامة "مع تسارع تحقيق واسع في الاختلاس المزعوم للأموال العامة في لبنان"، على حد قول اربعة اشخاص مطلعين على هذا الامر للوكالة مؤكدين "إن المناقشة ركزت حتى الآن على إمكانية تجميد أصول سلامة في الخارج وسن إجراءات من شأنها أن تحد من قدرته على القيام بأعمال تجارية في الخارج". وقالوا "إن المداولات جارية وقد لا يكون القرار النهائي في شأن اتخاذ إجراء وشيكًا".

 

والى ذلك، يبدو ان دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى حياد لبنان الايجابي الناشط ثم الى عقد مؤتمر دولي لحل الازمة اللبنانية انما استند الى الاقتناع اللبناني والعربي والدولي، وكذلك الى سعي عربي دولي لحل لبناني يقوم على مبدأ أن لا خلاص للبنان مما هو فيه الا بتنحية او تنحي المنظومة الفاسدة عن السلطة وعن مقدرات البلاد، ولذلك لم تأت هذه المبادرة البطريركية من فراغ، بل من امساك صاحبها بطرف خيط من سيناريو الحل العربي الدولي الآتي لازمة لبنان...

 

توصيف مخزومي للحياد والتدويل

ولكن في خضم مراوحة هذه المبادرة البطريركية بين تأييد من هنا ورفض من هناك، زار النائب فؤاد مخزومي البطريرك الراعي وتفرّد بتقديم التوصيف، بل المعنى المنطقي والواقعي لهذه المبادرة بشقيها "الحيادي" والتدويلي، الى درجة ان صاحب المبادرة قد تعوزه القدرة على التعبير عن هذا المعنى بالدقة والشفافية التي عبر عنها مخزومي.

 

 فعدا عن اعتباره مواقف البطريرك "مشرفة وواضحة وصريحة" واستغرابه "الميوعة" التي قال انها تعتري بعض المواقف السياسية"، فنّد مخزومي مبادرة الراعي التي تضمنت الحياد والتدويل مسقطا اياهما على الواقع ومبرئاً ساحة البطريرك من التفسيرات السلبية التي اعطاها البعض لهما، فلبنان العضو المؤسس في جامعة الدول العربية لا مشكلة لديه في الحياد "وحياده لا يعني التطبيع مع إسرائيل أو التخلي عن القضية الفلسطينية، وأي كلام من هذا النوع لم يصدر عن البطريرك".

 

اما التدويل، فتناوله مخزومي من زاوية استغراب ردود الفعل عليه لأن كل الأزمات اللبنانية منذ الاستقلال عام 1943 الى اليوم كان تحل برعاية دولية خصوصا الأزمات والفتن التي حصلت في الأعوام 1840 و1860 و1918 و1920 و1936 و1943 و1958 و1969 و1976 وبين السنوات الممتدة من 2004 إلى 2008. وبيّن مخزومي ان سبب هذه الرعاية الدولية لحلول هذه الازمات كان الطبقات السياسية  المتعاقبة "التي لم تكن  تبدي استعدادا للعمل لمصلحة لبنان".

 

وقد توسع مخزومي في توصيفه التدولي ليشمل المبادرة الفرنسية والتحرك الأوروبي والعالمي إثر تفجير مرفأ بيروت، وقبلهما مؤتمر "سيدر" ومؤتمرات باريس 1 و2 و3 . وأذ سأل: "لماذا هذه الحملة اليوم على التدويل؟" لفت الى انه "بعد كل 15 إلى 20 سنة تستقوي شريحة من اللبنانيين بقوة السلاح والعلاقات الدولية على سواها من الفئات لفرض سلطتها على لبنان". وقال: "هذا البلد لا يمكن أن يحكم بهذه الطريقة ويجب أن نتعايش بعضنا مع بعض مع المحافظة على حقوق الجميع".

 

والاهم من كل هذا أن مخزومي شخّص الداء ووصف الدواء للخروج من الازمة وهو تأليف حكومة من المستقلين من رئيسها الى وزرائها  بحيث لا تضم اي وزير ينتمي الى "منظومة الفساد التي تسببت في خراب البلد ووصول الدولار إلى 10 آلاف ليرة لبنانية"، ويكون هدفها "استعادة ثقة الشعب والمجتمع الدولي والمغترب الذي لطالما كان أول الداعمين للبلد واقتصاده".

 

الشر سيأكل بعضه

ولذلك عبثا يحاولون تأليف حكومة تعيد تجميع صفوف واشتات المنظومة الفاسدة، وليس صحيحا ان السبب الحقيقي لعدم تمكن هذه المنظومة من تأليف الحكومة برئاسة سعد الحريري هو الخلاف في ما بينها على الحصص  الوزارية وعلى توزير حزبيين او اختصاصيين ولا على الاستحواز على هذه الوزارة الدسمة او السيادية او تلك، وانما السبب ان هو ما تحت "سواهي ودواهي" المجتمع الدولي وعواصم القرار التي تدفع مباشرة او مداورة المنظومة الفاسدة الى الهاوية عبر تأجيج الخلافات في ما بينها لكي تتآكلها هذه الخلافات وتؤدي الى هلاكها على قاعدة ان "الشر يأكل الشر بعضه عندما يفقد في وجهه ما يأكله". فالمنظومة السياسية الفاسدة تتنازع الان في ما بينها على حلبة الحكومة من دون ان تشعر ان لا احد من اللبنانيين. وحتى الجماهير "الغفيرة والغفورة" التي يستغشمها اركان الفساد  لم تعد تستسيغ بقاء الفاسدين الاشرار في السلطة بعد الآن، فلا الحريري سيكون له نصيب في تأليف حكومة اختصاصيين غير حزبيين برئاسة شخصه الحزبي، ولا المجتمع اللبناني او المجتمع العربي والدولي سيقبل بحكومة يرأسها حزبي حتى ولو كان وزراؤها اختصاصيون غير حزبيين.

 

ما يقوله البعض من اركان المنظومة من ان معوقات تأليف الحكومة داخلية وليست خارجية صحيح ولكنه جزء من مشهد الاعاقة ويتصل حصرا بالنزاع المستحكم في ما بينهم على كل مستوياتهم، ولكن الاعاقة الحقيقية للتأليف هي القرار الدولي الذي سيتبلور في حينه وفي وقت لم يعد بعيدا، ويقضي بتصفية هذه المنظومة عن بكرة ابيها، فقريبا سيعاقب "حاكمها المالي" رياض سلامة وبعده ستكرّ سُبحة العقوبات على كل حماته وشركائه واربابه ممن هم فوق الغربال وتحته، ولن يكون في استطاعة اي من هؤلاء ان يطالب بحصة او تمثيل في الحكومة الجديدة بعد ان تكون قد سقطت أو أُسقطت اوراق التوت التي تغطي فسادهم وسرقاتهم الموصوفة لمال الشعب اللبناني منذ عشرات السنين وحتى الآن.

 

وفي وقت ليس ببعيد وفي ضوء ما لمّح اليه النائب مخزومي من بكركي ستترجم دعوة البطريرك الراعي الى الحياد بتأليف حكومة تحيد لبنان عن النزاعات في المنطقة ولا تكون محايدة ازاء اسرائيل الطامعة بثروات لبنان في البر والبحر، والممعنة في نكران حق الشعب الفلسطيني بدولته والذي يستضيف لبنان شريحة منه لها الحق في العودة الى فلسطين.

 

كذلك يتوقع ان تترجم دعوة الراعي الأمم المتحدة الى رعاية مؤتمر دولي لحل الازمة اللبنانية بتبلور ارادة لبنانية عربية دولية، بل قرار لبناني عربي دولي يفرض تأليف حكومة من المستقلين برئيسها ووزرائها لا قدرة لأي من اركان المنظومة الفاسدة في التأثير عليها، لأن هذه المنظومة تكون قد فقدت ما كانت تتمتع به من تغطية سياسية وحتى مالية من العواصم المؤثرة في الازمة اللبنانية وازمات المنطقة، إذ كانت منحتها هذه التغطية "لأغراض التشغيل" لمصلحتها في النزاعات التي تخوضها في لبنان والمنطقة. فمعسكر ما كان يسمى 8 آذار كما معسكر ما كان يسمى 14 آذار كلاهما ذاهب الى مقصلة العقوبات، ولهما بما يحصل لحاكم مصرف لبنان العبرة والمثال...

 

           

 

 

 

 

 

 

 

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!

خاص - بسبب السرقة.. جريمة في العزونية قضت على أستاذ ثانويّ

خاص - المهندسون المستقلون ينحازون لجانب المعارضة؟!

خاص- الردّ الإيراني قد يأتي من جنوب لبنان