خاص "اللبنانية"

في الوقت الذي تشهد فيه البلاد أسوأ أزمة عرفتها منذ إعلان "لبنان الكبير" في ظل الفقر وحتى المجاعة، وتستدعي أوسع استنفار سياسي ممكن لفرملة الانهيار كمرحلة أولى تجنبا للفوضى، وقبل ان يصار إلى إعادة الوضع إلى طبيعته ولو تدريجا في مرحلة لاحقة، وبالتالي في هذا الوقت بالذات الذي يتطلب حصر كل اهتمام بالإنقاذ، يواصل فريق رئيس الجمهورية وفق مصادر مراقبة عمله وكأن البلاد بألف خير، وأولوياته ما زالت تنحصر في تعزيز النفوذ والسلطة والمواقع على الطريقة التي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه، فيُستبعد الصالح لأنه يتمسك بالقانون والمعايير، لمصلحة الطالح الذي أولويته إرضاء من عينه على حساب كل شيء آخر.

ومن الواضح ان هناك من لم يتعلّم بعد، ولم يتعِّظ مما آلت إليه البلاد بسبب هذه الممارسات، ولا يأبه سوى لسياسة تحصيل النفوذ والمكاسب من دون ان يلتفت إلى أحوال الناس، ولا إلى كيفية انتهاء تجربة غيره ممن امتهن هذا الأسلوب، وفي هذا السياق بالذات لفتت الاوساط المراقبة إلى واقعتين مؤسفتين:

الواقعة الأولى استخدام رئيس بلدية ينتمي إلى "التيار الوطني الحر"، نفوذه السياسي لـ"تطيير" رئيس مركز الدفاع المدني في الحدث لاعتبارات شخصية، فيتجاوب مع طلبه بعض المسؤولين في القصر الجمهوري الذين يضغطون على لاستبداله، ولكن تمسُّك مدير الدفاع المدني بالجانب المؤسساتي دفعه إلى فتح تحقيق لتبيان الخطأ الذي ارتكبه رئيس المركز المعني، وبعدما أظهر التحقيق انه لم يرتكب أي خطأ مسلكي رفض العميد ريمون خطار نقله من مركزه، فأصرّ رئيس البلدية على موقفه ولجأ إلى القصر الجمهوري مجددا، مما استدعى نقل رئيس المركز فورا بأمر رئاسي.

الواقعة الثانية تتعلق بطلب رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل "تطيير" رئيس مركز الدفاع المدني في العقيبة لانه شتم رئيس الجمهورية.. وهكذا دواليك..

ونكتفي في هاتين الواقعتين للدلالة على وقائع لا تعد ولا تحصى من القبيل نفسه في وقت ينزلق لبنان إلى ما لا تحمد عقباه، ومن دون ان يتعظ المسؤولون قبل فوات الآوان، او ان يتعظوا من الحكمة الشهيرة "لو دامت لغيرك لما وصلت إليك"، وختمت الأوساط بالقول: "ليك الدنيا وين وليك هني فان".