يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

الحريق الطرابلسي يحرق الحريري وميقاتي وما بينهما..  طرابلس تنبذ طبقتها السياسية و"العدوى" ستتفشى

Saturday, January 30, 2021 2:51:27 PM

خاص "اللبنانية"

يؤكد تجدد الحراك الشعبي ضد المنظومة السياسية الفاسدة هذه المرة وانطلاقا من طرابلس ايضا وايضاً، سقوط رهان كثيرين من اركانها على اضمحلال الحراك بعدما سعت بكل الوسائل والاساليب لاجهاضه منذ انطلاقه في 17 تشرين الاول 2019، ويؤكد انها باتت آيلة الى السقوط لانها باتت مرفوضة بشدة داخليا وخارجيا بعد ثبتت بالملموس مسؤوليتها عن الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي الذي اصاب البلاد نتيجة فسادها المتمادي منذ 30 عاماٍ.

ولكن انفجار الوضع المعيشي في طرابلس بهذه الطريقة العنيفة رغم بعض الاستغلالات السياسية له، كشف عورات القيادات السياسية الطرابلسية وغير الطرابلسية التي لطالما اغدقت الوعود على الطرابلسيين الذين يعيشون حالة من الفقر والعوز في مدينة تعتبر  الافقر بين المدن على الشاطىء الشرقي للبحر المتوسط رغم اهمية موقعها الاستراتيجي السياسي والتجاري واعتبارها عاصمة لبنان الثانية.

والغريب ان هذه القيادات لم تترك مناسبة انتخابية، او غير انتخابية، الا واغدقت الوعود على الطرابلسيين بالانماء والنماء وبالمشاريع الانمائية ومعالجة شؤونهم على كل المستويات، ولكنهم لم يجنوا سوى الخيبة، فنزلوا الى الشارع وكانوا اول من فجر الثورة  الشعبية التي بلغت ذروتها في 17 تشرين الاول 2019 قبل ان تتعرض للاجهاض لاحقا نتبجة تآمر المنظومة السياسية الفاسدة بكل تلاويينها السياسية والطائفية والمذهبية عليها.

ولكن الحراك الشعبي المتجدد في طرابلس وعلى رغم اندساس بعض القوى السياسية في خلفيته لافشاله، يعيد تجديد الثورة التي شكلت هذه المدينة "عروستها"، ويؤسس للاطاحة ببعض القيادات والمرجعيات السياسية الطرابلسية المنتمية الى المنظومة الفاسدة، والتي تنبري حاليا لـ"الدفاع" عن طرابلس وتأييد مطالب المحتجين، وكأنها لا تنتمي الى طرابلس ولم تَعِد اهلها يوما بتلبية مطالبهم ومعالجة مشكلات مدينتهم.

بعض هذه القيادات التي تفرّجت على مشاهد الحرائق واعمال التخريب والتكسير في المدينة خرجت الى الاعلام لتلقي اللوم على الجيش والقوى الامنية متهمة اياها تارة بالاحجام عن التدخل لقمع المحتجين خصوصا عندا احرقوا مبنى بلدية طرابلس وهاجموا السرايا ومؤسسات عامة ودينية وأخرى في المدينة، وطورا بالتعامل بعنف مع المدينة وابنائها خلافا لتعاطيها مع حركات الاحتجاج في مدن ومناطق لبنانية اُخرى. ولكن هذه القيادات عندما شعرت ان حركات الاحتجاج طاولت مؤسساتهم ومصالحهم في المدينة خرجت الى الاعلام تتهم الجيش والقوى الامنية بالتقصير ملوحة باللجوء الى اعتماد الامن الذاتي لحماية مؤسساتها ومصالحها،  ما اعاد الى الاذهان مشهد "قادة المحاور" الذي ساد في المدينة قبل سنوات وتخفت القيادات السياسية الطرابلسية وراءهم لتحقيق مآربها السياسية في المدينة وفي السلطة.

والغريب ان من هاجم الجيش هو ابن صيدا الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، وان من هدد بالأمن الذاتي هو ابن طرابلس رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي لم يكترث لمطالب المحتجين ولا لكل ما شهدته المدينة من اعمال عنف وتخريب الا عندما دخل المحتجون الى مركز "جامعة العزم" التابعة له، في وقت كان متوار عن المدينة  في منزله البيروتي وفي مكتبه يستقبل ويودع متجاوزا اجراءات الاغلاق الخاصة بجائحة كورونا، بدلا من ان يكون في مدينته محاولا الوقوف على مطالب المحتجين وسماع وجعهم وشكواهم في هذ الزمن الكوروني العصيب...

والغريب ان ميقاتي يتحدث عن طرابلس وكأنه لا ينتمي اليها متناسيا اصوات الطرابلسيين التي اوصلته الى النيابة ومن ثم الى التوزير  فرئاسة الحكومة، وملقيا اللوم باهمال طرابلس على الدولة معاميا عن اهماله لها يوم كان في رئاسة الحكومة وحتى حيث هو الان نائب وعلى رأس "كتلة الوسط" يمثلها في المجلس النيابي.  ولكن ان يبلغ به الامر بالتهديد باللجوء الى اعتماد الامن الذاتي وهو يصفته رئيس حكومة سابق ونائب في البرلمان، فذلك يدل الى ان لديه ميليشيا و"قادة محاور" يأتمرون به في طرابلس، ويدل ايضا الى ان الحراك الدائر في المدينة يتخفى خلفه هو وكثير من القيادات الطرابلسية وغير الطرابلسية ويخوضون من خلاله عمليات تصفية حسابات سياسية ومصلحية ضيقة على حساب مطالب واوجاع الطرابلسيين الراهنة والمزمنة.

على ان اللوم ليس على ميقاتي فقط، وانما على الرئيس سعد الحريري ايضا الذي اغدق من الوعود على الطرابلسيين ما لا يعد ولا يحصى على مر الاستحقاقات الانتخابية المتلاحقة منذ العام 2005 وحتى اليوم، حيث انه وجد ضالته للرد على ما يجري في طرابلس في الحديث عن وجود اياد غربية ومشبوهة واصحاب مآرب سياسية يقفون خلف ما يجري، بل انه ركب موجة اتهام الجيش والقوى الامنية بالتقصير  والتسبب بما حصل من تخريب واعتداء على المؤسسات والاملاك العامة والخاصة في المدينة، متناسيا انه رئيس مكلف تأليف حكومة مهمتها الاولى والوحيدة هي انتشال لبنان من الانهيار الذي يعيشه وطرابلس من ضمنه، فيما هو يعتمد سياسة المماطلة والمماحكة والمحاصصة مع الآخرين المعنيين بالاستحقاق الحكومي غير ابهين جميعا بما آلت اليه اوضاع الطرابلسيين واللبنانيين عموما من ترد وانهيار. ولذلك يرى كثيرون ان ميقاتي والحريري وبمعزل عن بقية نواب طرابلس ووزرائها وقياداتها يتحملان بالدرجة الاولى المسؤولية عما الت اليه أوضاعها وما حصل ويحصل فيها من احتجاجات ومشكلات لأنهما كانا في موقع رئاسة الحكومة وكانا ولا  يزالان في امكانهما ان يلبيا لها الكثير من مطالبها، والتي يتحملان هما والآخرين من السياسيين الطرابلسيين المسؤولية عنها .ومن غير المنطقي تحميل هذه المسؤولية للجيش.

فـ"الخطأ يقع على الطبقة السياسية الفاشلة" على حد قول النائب فؤاد مخزومي، منددا بإعمال الشغب في مدينة طرابلس ومؤكدا تأييده مطالب المواطنين ورافضا تحميل المسؤولية عما يحصل للمؤسسة العسكرية. بل ان مخزومي دعا الى "تشكيل لجنة تحقيق في ما جرى ومعرفة ما اذا كانت هناك اصابع داخلية أو خارجية في طرابلس"، متهما كل اركان الطبقة السياسية الطرابلسية بالتقصير في حق المدينة  لانهم توالوا على السلطة ولم يلتفتوا الى مطالبها ومطالب اهلها.

وغالبا ما دفعت طرابلس ثمن الخلافات السياسية بين قياداتها وبين هذه القيادات ونظيرتها العابرة من بقية المناطق اليها، والجميع يعرف كم عانت المدينة وكيف انقسمت على نفسها يوم احتدم النزاع بين ميقاتي عندما تولى رئاسة الحكومة للمرة الثانية عام 2011 وبين الحريري وتياره "المستقبل"، ما انعكس مزيدا من الاهمال لاوضاعه، فيما هي، حسب قول مخزومي  "تحتضن اغنى الاغنياء، ولكنها حسب الدراسات العالمية تعد افقر مدينة في شرق البحر المتوسط". سائلا قياداتها من رؤساء حكومة ووزراء وتواب "اين كانوا من مطالب هذه المدينة واوضاعها المذرية منذ الاستقلال وحتى اليوم". رافضا تحميل الجيش مسؤولية ما حصل "واستخدامه لحسابات شخصية وسياسية"، ومؤكدا "ان مسؤولية الامن الداخلي تقع على عاتق قوى الامن الداخلي التي يمكنها ان تحصل على مؤازرة الجيش اذا عجزت عن صبط الامن بمفردها في اي منطقة".  

وفي اي حال ايا تكن خلفيات ما حصل ويحصل في طرابلس فإن ما احترق فيها وهشم وحطم هو  الطبقة السياسية الفاسدة القابضة على شؤونها وتدعي انها تمثلها وتدافع عن حقوقها. ولكن  اكثر الحريق، السياسي طبعا، اصاب كل من الحريري وميقاتي لان النزاع المستدام بينهما هو الذي عطل انماء المدينة وتلبية مطالب ناسها، بل ان الانقسام السياسي وتعدد النزاعات والمحاور السياسية وحتى الشعبية فيها كان سببه ذلك النزاع الحريري ـ الميقاتي الذي لم ينته فصولا على رغم انتماء الرجلين الى النادي الرباعي لرؤساء الحكومة السابقين الذي يفيض منه التكاذب المتبادل وتلاقي المصلحة بين اعضائه الذين يتمنى كل منهم ان تؤول رئاسة الحكومة اليه، متناسين انهم ينتمون الى المنظومة السياسية الفاسدة التي خربت البلاد، وبات  على شفير السقوط في وقت لم يعد بعيداً.

ثمة من يقول ان ما يحصل في طرابلس على رغم الدماء التي سالت و الفوضى والتخريب الذي يحصل، اكد ان المدينة بقواها الحية وارادتها الشعبية نبذت طبقتها السياسية الفاسدة، وستنشر عدواها على بيروت وبقية المدن لتكون انتفاضة عارمة ضد كل المنظومة السياسية الفاسدة التي بات شبه مؤكد ان ملفات فسادها وسرقاتها وضعت أو تكاد على طاولة المجتمع الدولي.. وسيبدأ اللبنانيون قريبا سماع اخبار تجميد الحسابات المالية المشبوهة لهذا  او ذاك...  

                            

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - مجزرة في تاشع العكاريّة.. والوزير ياسين لموقعنا: سيتم تحويل الملف إلى القضاء

خاص- زيارة جزينية ممهورة بختم الثنائي

خاص- الضربة الإسرائيلية أربكت إيران

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!