كتبت البروفسورة وداد الديك - المنسقة المركزية العامة للأبحاث والدراسات هيئة الرئاسة في تيار المستقبل

"التوافق السياسي لتشكيل حكومةً في لبنان لم يعُد قائماً."
جملة قالها رئيس الوزراء اللٌبناني المكلَّف الأسبق مصطفى أديب، وقتها إختصرت الأزمة الحكوميَّة الراهنة.
لبنان عاد مركوناً في زاويةٍ خانقةٍ والمبادرة الفرنسيًة لم تعُد بوّابة الفراغ السياسيّ، والحكومة الأختصاصيَّة التي وعد دولة الرئيس المكلَّف سعد الحريري بتشكيلها، دونها عقباتٍ وعراقيل وضعتها قوى طائفيَّةً تنفيذاً لأجندةٍ خارجيَّةٍ تستهدف القوى الإستقلاليَّة في لبنان.
إنَّ الإشكاليَّة تُكمن حول دور لبنان وهويَّته في المنطقة، وعلاقته بجيرانه ودول العالم والمحور الَّذي يصطفٌ فيه.
وإذا تعمَّقنا بهذا القول، فيمكننا الوصول إلى حقيقة ثابتةً وهي أنً الأجندة الخارجيَّة للرئيس سعد الحريري تشكِّل مصلحةً للبنان في إقامة أفضل العلاقات مع محيطه ودول العالم وتوظيفها لصالح الشعب اللٌبناني. في المقابل هناك مخاوفاً كبيرة تُعتبر مصدر قلقٍ عند فريقٍ وازنٍ من اللٌبنانيين لجهَّة تغييرٍ قسريٍّ للصيغة اللٌبنانية، والَّتي تعتبر أن النموذج اللبناني مستهدفٌ.
ففي ظلِّ المساعي لتغييرٍ قسريٍّ لإتفاق الطائف، الَّذي أنهى الحرب اللبنانية عام 1990، عبر الممارسة في سعي فريق الرئيس ميشال عون إلى استعادة صلاحيات رئاسيَّةٍ أخِذت منه في الإتفاق، أو في محاولة الثنائي الشيعي إلى تثبيت المثالثة في السلطة وليس المناصفة وفق ما أقرها إتفاق الطائف بين المسيحيين والمسلمين، هناك خشيةً وخوف يتمثَّل في رفض الطائفة السنِّية لأيِّ تعديلٍ للإتفاق.
أضف إلى ذلك، أنه لن يُكتب لأي حكومة لبنانية النجاح ما لم يُدرك الجميع خطورة المرحلة الَّذي يمر بها لبنان، خصوصاً في هذا الوقت العصيب. فخيار العرقلة والمناكفة يستحوذ المشهد بشكلٍ عام، ويؤدي بلبنان إلى مكان لا تحمد عقباه فالمشهد الجديد بتكليف الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة يُترجم الرعاية الفرنسية للوضع اللبناني.
من هنا جاء حرصه على التأكيد أنه سيعمل على تشكيل حكومة أخصائيين تضع خلال ستة أشهرٍ الإصلاحات البنيويَّة موضع التنفيذ.
لذلك لا بُدَّ من طرح السؤال التالي: هل سيتمكَّن الرئيس الحريري من إخراج لبنان من عنق الزجاجة؟