يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

المأساة - المهزلة.. ما بين جائحة كورونا وأوبئة السلطة

Tuesday, January 12, 2021 4:21:49 PM

كتبت ماري ناصيف – الدبس في "اللبنانية"


في الوقت الذي يتسارع فيه عداّد المرض والموت في لبنان، بسبب السياسات الفاشلة لمؤسسات السلطة، وفي الوقت الذي تزداد فيه وطأة الأزمة الاقتصادية على كاهل الطبقة العاملة والفئات الشعبية، وبينما تتفاقم البطالة لتصل إلى أكثر من 70 في المئة من مجموع القوى المنتجة ،وبدلا من أن يسعى المسؤولون لتأمين الحدّ الأدنى من مستلزمات علاج هذه القضايا التي تكاد تودي بالوطن إلى التهلكة، نجد المتواجدين اليوم في السلطتين التنفيذية والتشريعية، ومعهم "الرئيس المكلفّ"، يستهترون بأرواح الناس ولقمة عيشهم وينكبوّن على تنظيم المؤامرات بعضهم للبعض الآخر... 

لماذا هذا الجدل البيزنطي حول "جنس الحكومة" بين قطبي السلطة التنفيذية، أو حول "دستور الطائف"، الساقط أصلا، بين الرئاستين الأولى والثانية؟ بل، لماذا لم تشكّل الحكومة حتى الآن؟

يقول البعض أن أطراف الطبقة المسيطرة ينتظرون التسلمّ والتسليم في واشنطن ،وذلك بدواعي مختلفة.

هناك فئة من تلك الأطراف ترى في تسميات جو بايدن للسياسة الخارجية الأميركية ما يسرّ ويفرح، كون عدد من المسؤولين الأوائل عن مصير بلداننا على اطلاع دقيق بالوضع اللبناني (هكذا يقولون)، بما يعني أن الفرج ربما قريب وسترفع العقوبات التي كانت مفروضة من قبل ترامب علينا... وتلتقي هذه الفئة مع مجموعة أخرى تحلل أن العلاقات بين واشنطن وطهران ستتحسّن، خاصة وأن بايدن كان من المساهمين في وضع الاتفاق النووي الذي نقضته الادارة "الجمهورية" الراحلة قريبا.

وهناك فئة ثالثة تؤكّد أن شيئا لن يتغيرّ بين اليوم والأمس، وأن بايدن ومن هم وراءه سيثابرون على أولوية خطة تطبيع العلاقات الرسمية العربية مع الكيان الصهيوني وسيواجهون المعترضين بالمواقف المتشددة نفسها التي سادت مرحلة السنتين المنصرمتين.

وبين تصريحات وتصريحات مضادة تتناول استراتيجيات واشنطن، عادت إلى الواجهة مفاهيم كنا ظننا أنها أصبحت caducs” "،  أو متهافتة، كما كان يحلو لأبي عمّار أن يقول في دستور منظمة التحرير... مفاهيم مثل "الحياد الايجابي"، الذي يذكّرنا بشعارات مثل "قوة لبنان في ضعفه"، أو مثل الفدرالية أو الكونفدرالية. شعارات تعيد للمرة الثالثة ،وبعد لبنان الكبير وجمهورية الطائف، إنتاج الغطاء الطائفي والمذهبي الضروري للبرجوازية اللبنانية، وللفئة الأكثر شراسة من بينها، أعني بها الطغمة المالية، كي تعيد استنتساخ نظام المحاصصة والتبعية والزبائنية الذي اهتز بفعل الأزمة البنيوية التي انفجرت مجددا في 17 تشرين الأول 2019، وإن يكن مع بعض الجينات الجديدة كاستبدال الثنائية المسيحية – السنية أو السنية المسيحية بثلاثية تدخل فيها "الشيعية السياسية"، كما جرى في المرحلة الأولى ما بعد نهاية الحرب الأهلية التي توّجها دستور الطائف.

وبينما يحجر اللبنانيون في المنازل نتيجة ازدياد أعداد المصابين بجائحة كورونا (الي تفشّ ت بفعل الابقاء على المطار مشرّعا أمام دخول الفيروس، من جهة، ونظرا "للتدابير" التي اتخذت خاصة في فترة الأعياد)، وبينما تكاد جريمة انفجار المرفأ تضيع بين "حانا" تقارير المخابرات الأميركية والفرنسية و"مانا" المشكلة المتعلقة بالقاضي صوّان، وبينما لم ينفذ أي توجه متعلق بملاحقة الاثراء غير المشروع وبالتدقيق في قضية الأموال الضائع أو المنهوبة، نلاحظ تصعيدا في مواقف الأطراف التي تتقاسم السلطة بما يشكّل تهديدا مباشرا يضاف إلى الطلعات الاستفزازية العدوانية التي يقوم بها طيران العدو في سماء لبنان ،وبالتحديد فوق العاصمة بيروت...

يريدون، إذا، بناء "الجمهورية الثالثة" المستنسخة عن تلك التي أرهقت كاهلنا منذ مئة عام ليبقوا على سيطرتهم كاملة شاملة على "القطيع"، كما يسمّوننا. يريدون تأبيد سيطرتهم بكل ما ملكت أيمانهم من وسائل القمع والتفتيت والشرذمة والانهزام أمام الخارج، أي خارج كان قريبا أم بعيدا، في وقت يتقدمّ فيه مشروع الشرق الأوسط الجديد خطوة إلى الامام، ليس فقط بفعل التطبيع، بل كذلك باستمرار سياسة "التهويد" وبناء المستوطنات والاستيلاء على ثروات فلسطين وكل العالم العربي.

لذا، لا بد من العودة إلى مقاومة هذه السياسات قبل فوات الأوان... فكما يقول المثل الشائع "هيك هيك آكلينها"، بفعل الكورونا أم بفعل تداخل الأزمة الاقتصادية والسياسية. إلا أن العودة إلى المقاومة لا بد أن تكون مدروسة جيدا وفق خطة ورؤية مستقبلية تتعاون على وضعهما الأطراف التي تسعى فعليا لإنقاذ البلاد والعباد من أوبئة القيمّين على النظام. خطة تستند إلى قيادة وهيكل تنظيمي، فتعيد للانتفاضة ألقها وتحوّلها إلى ثورة شعب يريد الخروج من مستنقع الانقسامات المذهبية والطائفية موحّدا لبناء مستقبله ومستقبل وطنه.


  

 

 

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

"حماس": مستعدون لإلقاء سلاحنا بهذه الحالة

رسميًا... تشافي سيستمر بتدريب برشلونة!

أمن الدولة تباشر بإخلاء السوريّين من مناطق في الشمال

غادة أيوب: وداعاً للانتخابات البلدية… أهلاً بالتمديد غير الدستوري

هروب أكثر من 100 نزيل من سجن في نيجيريا ‏

كركي: إجتماعات مكثّفة لتفعيل المسارات التصحيحية بالضمان

بهية الحريري تزور الرئيس سعد الحريري في باريس

الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"!