يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

ادعاء صوان الى دياب بقضية المرفأ جعلهم يتحسسون رؤوسهم.. ميقاتي ـ سلام ـ الحريري: إقترب يوم الحساب

Friday, December 11, 2020 12:03:43 PM

خاص "اللبنانية"
المحرر السياسي

 
شيئا فشيئأ ورغم هول الكارثة التي يعيشها لبنان وشعبه سيبزغ فجر جديد حتى ولو تأخر تأليف حكومة بات من الصعب ان يكون من نصيب سعد الحريري او اي من اقرانه في نادي رؤساء الحكومات الفاشلين الذي بدأ اركانه يتحسسون رؤوسهم بعد ادعاء القضاء على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وثلاثة وزراء معنيين آخرين، وهو ادعاء ستكر بعده سبحة الادعاءات مشفوعة برفع المجتمع الدولي غطاؤه عن كل المنظومة السياسية التي تتحمل المسؤولية عن انهيار لبنان.  

يبدو ان جليد جبل الفساد في لبنان سيبدأ بالذوبان هذه المرة إنطلاقا من جريمة انفجار (او تفجير) مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، وذلك بعدما فشلت محاولات تذويبه من خلال التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان التي احبطها حاكمه رياض سلامة يؤآزره جميع  المنتفعين من "عطاءاته" و"مكرماته" من كبار القوم الى اصغرهم في المنظومة السياسية التي تعيث في لبنان فسادا ونهبا منذ مطلع تسعينات القرن الماضي.

وبداية ذوبان جليد جبل الفساد هذه اطلقها ادعاء قاضي التحقيق العدلي في انفجار المرفأ فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ووزيري الاشغال والنقل السابقين غازي زعيتر( من حركة "أمل") ويوسف فنيانوس ( من تيار "المردة") ووزير المال السابق النائب علي حسن خليل( من حركة "أمل" والمعاون السياسي لرئيسها رئيس مجلس النواب نبيه بري) وقد استدعاهم الى التحقيق  في "جرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وايذاء مئات الأشخاص" في اشارة الى المئتي قتيل والستة آلاف جريح الذين سقطوا في كارثة انفجار المرفأ.

ولكن هذه الخطوة القضائية التي اعقبت الرد غير المقنع الذي تلقاه  القاضي صوان من مجلس النواب جوابا على كتاب رفعه اليه في 24 من تشرين الثاني الماضي مرفقا بمستندات، وحسب بيان لمجلس القضاء الاعلى ان صوان ابلغ الى مجلس النواب في هذا الكتاب "أنه يتبين من التحقيقات الاستنطاقية التي قام بها، وجود شبهات جدية تتعلق ببعض المسؤولين الحكوميين، وذلك إفساحا في المجال أمام المجلس(النيابي)، لممارسة ما يعود له من صلاحيات بهذا الشأن، مع احتفاظه - أي المحقق العدلي -، بممارسة ما يعود له من صلاحيات في الموضوع عينه. وتم الجواب على الكتاب المذكور في 26/11/2020، من قبل هيئة مكتب مجلس النواب، بما مفاده عدم إيجاد أي شبهة بالنسبة إلى الأشخاص الوارد ذكرهم فيه حسب المستندات المرسلة، وأن المجلس ملزم تطبيق القانون الرقم 13/90 المتعلق بأصول المحاكمات امام المجلس الأعلى المنصوص عنه في المادة 80 من الدستور".

وقد رد مجلس النواب على رسالة صوان، أسفاً "لمثل هذه الخطوة، والتي لا تحترم مبدأ فصل السلطات المنصوص عليها في الدستور". ومعتبرا أن "الرسالة هي انتقائية، لأنها ذكرت رؤساء الحكومات من دون تسميتهم، لكنها سمّت وزراء معينين؛ منهم: علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، ولم تحدد وزراء آخرين كانوا في الفترة ذاتها؛ من بينهم: سليم جريصاتي وألبير سرحان وغازي العريضي".

وخاطب مجلس النواب القاضي صوان بصفة "القاضي المذكور"، مذكّراً إياه بأنه قال في رسالته إليه إنه يستند إلى مستندات وتحقيقات، لكن من دون أن يرسل أياً من تلك المستندات والتحقيقات. واعتبر أن "ما قام به صوان يخالف المادة 80 من الدستور، والتي تنصّ على مهمة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء".

 غير ان هذا الادعاء المجزوء لصوان والذي راح البعض يربطه بخلفيات سياسية تتصل بالازمات، بل النزاعات الصامتة وغير الصامتة الدائرة بين بعض المرجعيات الرئاسية والسياسية منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون، دفع بعض المتورطين الفعليين بالتسبب بجريمة المرفأ والذين يعتيرون اتفسهم متضررين هذه الايام، الى اثارة الغبار حول هذه القضية للهروب من يوم الحساب الذي بدأ يدنو منهم، دافعين في اتجاه اظهار الخطوة القضائية التي ستتطور حتما لتصل اليهم، بانها خطواة ذات خلفيات سياسية وكيديات تتصل بالنزاع الدائر حول موضوع تأليف الحكومة، بل انهم يريدون ان يفرضوا شمولية في قضية المرفأ بما يؤدي الى ضياعها مثلما ضاع "التدقيق الجنائي" نتيجة قرارهم الاخير بشموليته كل الوزرات والادارات والصالح والبلديات.

ولكن المعطيات والوقائع هذه المرة تشي بأان دماء الالوف الذين قتلوا وجرحوا بانفجار المرفأ لن تذهب سدا ولن تجف وستطلق مسيرة الخلاص من المنظومة الفاسدة بكل تلاوينها السياسية والطائفية والمافياوية عاجلا ام آجلا.

ويقول متابعون لهذه القضية ان الرأي العام لا يمكن ان يصدق، بل انه يسأل كيف يمكن ان يكون الرئيس حسان دياب هو المسؤول عن اهمال او عن التسبب بكارثة المرفأ فالرجل "دخل الى القصر البارحة العصر"، حيث تولى رئاسة الحكومة منذ اشهر فيما "نيترات الامونيوم" موجودة في العنبر 12 في المرفأ منذ العام 2013 وفي ظل حكومات نجيب ميقاتي وتمام سلام وسعد الحريري الذين لم يشملهم القاضي صوان في الادعاء بعد، بل انه تحاشى ذكر اسمائهم مباشرة في كتابه الى مجلس النواب مستخدما تعبير "مسؤولين حكوميين".

وفي رأي كثيرين ان ميقاتي هو المسؤول الاول في قضية اهمال نتيرات الامونيوم في المرفأ ومعه كل الوزراء المختصين في حكومته، فهو تولى رئاسة الحكومة من حزيران 2011 الى آذار 2013 فيما الباخرة دخلت الى مرفأ بيروت وأُفرغت حمولتها من النيترات في ايلول 2013 وحُجِزت في العنبر 12 ثم غرقت بعد 6 اشهر من رسوها فارغة في المرفأ حيث كانت اوقفت وحمولتها بقرار قضائي ايام الحكومة الميقاتية رغم التنبيهات الجمركية من خطورة "نيترات الامونيوم".

والمثير للاستغراب لدى كثيرين ان ميقاتي انبرى بعد صدور الادعاء على دياب وكل من الوزراء السابقين زعيتر وفنيانوس وخليل، وفي معرض دفاع مشكوك في صدقيته عن هؤلاء، الى الايحاء بوجوب شمول عون بالمسؤولية لأنه قرأ تقارير قبيل حصول الانفجار عن وجود "الامونيوم" في المرفأ، حسب قول ميقاتي الذي شكك بالعدالة، حيث غرد عبر "تويتر" ما حرفيته: "لا تستقيم العدالة بمكيالين وحق ذوي ضحايا تفجير المرفأ معرفة الحقيقة ومحاسبة الضالعين في الجريمة. فكيف يمكن اعتماد الانتقائية في الملاحقة وإغفال ما قاله رئيس الجمهورية من أنه قرأ التقارير التي تحذر من وجود مواد خطرة في المرفأ. الحق كلٌ لا يتجزأ وليس استهداف اشخاص بعينهم افتراء".

وقدعلق سياسيون متابعون لقضية المرفأ على كلام ميقاتي داعين القضاء الى سؤاله عن مصير التقارير والتنبهيات الامنية والجمركية والادارية التي كان تلقاها ايام كان رئيسا للحكومة حول خطورة مادة الامونيوم المصادرة والتي كان تقرر بيعها يومها للخلاص من خطورتها ولكنها لم تباع لأسباب لم تعرف حتى الآن. وقال هؤلاء السياسيون ان حديث ميقاتي عن "الكيل بمكيالين" صحيح، إذ لا يجوز الادعاء على دياب الذي مضى عليه اشهر في رئاسة الحكومة فيما لا يدعى عليه هو حيث ان  "سفينة الموت" دخلت ايام رئاسته الى مرفأ بيروت ولم يمنعها، او على الاقل لم يعالج حمولتها الخطرة التي كان المعنيون أخطروه بها، وبقيت حيث كانت الى ان وقعت الكارثة.

ويرى فريق من السياسيين ان ميقاتي بدا يتحسس رأسه لأنه يعرف منذ وقوع الكارثة ان الدور القضائي سيأتي عليه وسيدعي عليه ويدينه، ولكنه كابر ولا يزال، وقد باشر على ما يبدو نشر "خطوط دفاعية " سياسية حوله بقصد الحماية، وقد يستنجد بعد قليل بالطائفة، ولكنه لم يدافع هذه المرة عن موقع رئاسة الحكومة الذي لطالما تباكى ونظرائه في نادي رؤساء الحكومة الفاشل عليه على مدار السنة الجارية ليتبين للقاصي والداني  ان غايتهم من هذا التباكي هي الاستمرار في القبض على موقع رئاسة الحكومة وحصره بهم غير آبهين بما في الطائفة الاسلامية السنية من قيادات وكفايات نيابية سياسية وتكنوسياسية وطاقات تستطيع ان تقدم نموذجا حضاريا في ممارسة رئاسة الحكومة لصلاحياتها الدستورية التي في اساس مهماتها ان تجمع اللبنانيين وتمنع تفريقهم بعضهم عن بعض.

على ان حال الرئيس تمام سلام فقد لا تكون افضل من حال ميقاتي، فالبعض يعتبره المسؤول الثاني في قضية كارثة المرفأ، فهو تولى رئاسة الحكومة ي خلفا لميقاتي في آذار 2013 واستمر مقيما  في السراي الحكومي حتى تشرين الاول 2016 عندما انتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتولى سعد الحريري رئاسة الحكومة في حينه الى ان استقال في تشرين الاول 2019 تحت وطأة الحراك الشعبي الذي كان انطلق في 17 من الشهر نفسه.

والواقع ان سلام كانت لديه صلاحيات واسعة حيث ان حكومته  تولت صلاحيات رئاسة الجمهورية ايام الفراغ الرئاسي الذي دام اكثر من سنتين بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في ايار 2014، وهذا الآخير يتحمل  المسؤولية في قضية "نترات الامونيوم" حيث ان رئاسته التي كانت بدأت في 25 ايار 2008 و انتهت في 24 ايار 2014، اي ان نترات الامونيوم اقامت نحو 9 اشهر من عهده في مرفأ بيروت ( دخلت  الى المرفأ في ايلول 2013 فيما هو غادر الرئاسة في 24 ايار 2014) ولم يصدر عنه طوال هذه الفترة اي موقف او توجيه في شأن هذه المواد الخطرة. واذ تعذر انتخاب رئيس للجمهورية انذاك الى حين انتخاب عون في 31 تشرين الاول 2016 تولت حكومة سلام طوال هذه الفترة صلاحيات رئاسة الجمهورية حسبما ينص الدستور...

اما الحريري فهو ايام حكومته التي شكلفها اواخر العام 2016 واستقالت في اواخر تشرين الاول 2019 فلا يمكن له ان يتنكر لاي مسؤولية له في موضوع نيترات الامونيوم، واذا كان البعض يرى ان هناك ضرورات سياسية  يفرضها موقعه كرئيس مكلف تأليف الحكومة الجديدة وتدفع الى تحييده عن هذا القضية، فإن المسألة لا يمكن لاهالي الضحاي على الاقل ان يمرروها بهذه السهولة،   

 

ويستنتج من هذه الوقائع والمعطيات ان ثلاثي ميقاتي ـ سلام ـ الحريري حسب التسلسل الزمني لحكوماتهم يتحملون والوزراء المعنيون بقضية المرفأ المسؤولية، ما يعني ان ليس في الامكان حصول اي لفلفة لجريمة اهمال وعدم تحمل المسؤولية تسببت بمقتل 200 انسان وجرح ستة ىلاف اخرين وتدمير المرفا واجزاء كبرى من بيروت، فهذا الثلاثي كان يعرف جيدا مدى خطورة مادة نيترات الامونيوم ولكنه اهملها ما سيرتب على اركانه مسؤوليات سيثبتها القضاء شيئا فشيئا مع تطور التحقيقات التي ستظهر المزيد من المعطيات والمزيد من المهملين وربما المتورطين في هذا الجريمة التي لم يقتنع العالم بكل المبررات التي قدمت لاستمرار بقاء هذه المادة مخزنة طوال هذه المدة ( 7 سنوات) في المرفأ، وثانيا بأن ما تسبب بالكارثة ـ الزلزال عملية تلحيم لباب "عنبر الموت" او انفجار مفرقعات والعاب نارية.

لقد انتهت مفاعيل الانفجار كإنفجار وما خلفه من دمار، ولكن مفاعيله السياسية الى ازدياد كلما تقدم القضاء في اتجاه كشف الحقيقة الكاملة فيه، وهذه الحقيقة هي التي ستقود الى كشف الحقيقة الكاملة في الفساد والهدر والسطو على المال العام وعلى ودائع اللبنانيين بحيث يتوقع ان يشهد اللبنانيون في وقت ليس ببعيد انهيار كل اركان المنظومة السياسية الفاسدة الواحد بعد الاخر، ويبدو ان اول الغيث سيكون منظومة رؤساء الحكومة السابقين الذين اسقطتهم كارثة المرفأ بـ"الضربة القاضية" على الارجح.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - مجزرة في تاشع العكاريّة.. والوزير ياسين لموقعنا: سيتم تحويل الملف إلى القضاء

خاص- زيارة جزينية ممهورة بختم الثنائي

خاص- الضربة الإسرائيلية أربكت إيران

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!