يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

ما أبرز العقبات التي تنتظر تشكيل الحكومة اللبنانية؟

Thursday, October 22, 2020 11:12:17 PM



انتهت الاستشارات النيابية الملزمة بالقصر الجمهوري في لبنان بخروج المرشح الوحيد سعد الحريري رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة بـ 65 صوتا، مقابل 53 نائبا امتنعوا عن تسميته، في حين تغيّب نائبان عن الاستشارات.

واستطاع الحريري أن ينال التكليف بأصوات الكتل النيابية التابعة لكل من تيار المستقبل، وكتلة الوسط برئاسة نجيب ميقاتي، وحركة أمل، والحزب التقدمي الاشتراكي، وكذلك تيار المردة، والحزب القومي السوري الاجتماعي، وحزب الطشناق الأرمني مع مستقلين آخرين، في حين امتنع عن تسميته حزب الله وكل من التكتلين المسيحيين الكبيرين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، وآخرين أيضا.

وبعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، أعلن الحريري فور تكليفه أنه عازم على تشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، مهمتها تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية، والعمل على إعادة إعمار ما دمره انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب الماضي.

بالانتقال من التكليف إلى التأليف، يتوقع مراقبون اشتداد المعركة السياسية، في ظل الخلاف القائم بين الحريري من جهة وجبران باسيل من جهة أخرى، وقد ترافقت مع تباينات بين الحلفاء التقليديين أنفسهم، وخلط جديد لأوراق التفاهمات القائمة.

شروط الحريري

يشير أمين سر المكتب السياسي في "تيار المستقبل" فادي سعد أن مهمة الحريري تنطوي تحت مظلة المبادرة الفرنسية، وهي بتشكيل حكومة "مهمة" لوقت محدد تتألف من الاختصاصيين دون مشاركة سياسية حزبية، لتولي تنفيذ الإصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، مما يعني أنها حكومة لا تحتمل جو المناكفات السياسية.

ويؤكد سعد للجزيرة نت عدم عقد الحريري لاتفاقات جانبية مع أي طرف سياسي على حساب مضمون المبادرة الفرنسية.

يوم غد الجمعة، ينتظر الحريري إجراء الاستشارات غير الملزمة مع الكتل النيابية، من بينها كتلة التيار الوطني الحر برئاسة باسيل.

ويقول سعد إن الحريري يخشى من تفاقم الانهيار الاقتصادي قبل تشكيل الحكومة، وإنه لن يقيّد نفسه بفترة زمنية محددة، مع حرصه على الإسراع في عملية التشكيل.



وفيما يرفض باسيل وصف أي حكومة يشكلها الحريري بحكومة الاختصاصيين، يعتبر محدثنا أن هذه الحجة لن تضعف الحريري في مهمته، ويُذكّر بأن موقع رئاسة الحكومة هو موقع سياسي كحال موقعي رئاسة الجمهورية ومجلس النواب.

تزامنا مع هذا الحراك، تفيد معلومات للجزيرة نت بأن ثمّة مساعي لتقريب المسافات بين الحريري وباسيل بدأت تتكثف قبل موعد لقائهما، ويتولاها حزب الله في الطليعة، ورئيس البرلمان نبيه بري ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي.

لكن عضو المكتب السياسي في التيار الوطني الحر وليد الأشقر، يشير إلى أن باسيل لم يحسم أمره بعد في التوجه للقاء الحريري، ويوضح للجزيرة نت أن المشكلة مع الحريري ليست شخصية، وإنما مبنية على التجربة السابقة معه، كزعيم لطائفة وحزب سياسي غير مخول لتشكيل حكومة من الاختصاصيين، ولم يسبق أن نجح كشخصية منتجة ومتعاونة في تنفيذ الإصلاحات التي سبق أن طرحها فريق باسيل السياسي.

أما إذا عزم الحريري على تشكيل حكومة سياسية، وفق الأشقر، فيمكن أن يعيد باسيل خلط الأوراق معه، "رغم تشكيكه في قدرته على النجاح حتى في تشكيل حكومة سياسية".

سعد الحريري (يسار) تعهد بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة في المبادرة الفرنسية (رويترز)المسيحيون وحلف التسعينيات

يذكّر الأشقر بأن فريق باسيل السياسي ينتبه جيدا إلى تفاهمات بدأت تنضج بين حزب الله وحركة أمل والاشتراكي والحريري.

وقال "إذا توافق الحريري كممثل للتكتل السني مع الثنائي الشيعي ووليد جنبلاط كممثل للدروز على تشكيل الحكومة، ينتقل لبنان إلى حلف سياسي جديد شبيه بالحلف الذي دام في التسعينيات حتى عام 2005 بين رفيق الحريري وبري ومن خلفه، حزب الله وجنبلاط".

ويرى الأشقر أن التقاطع الحالي بين الطوائف الإسلامية في عملية تشكيل الحكومة، يتحقق على حساب إقصاء المسيحيين وأخذ دورهم في تسمية وزرائهم، ما يعني ضربا للميثاقية الوطنية.

أما السيناريو الذي يخشى منه باسيل، وفق الأشقر، فهو أن يرمي الحريري مسؤولية العرقلة على عون في حال لم يوقع على تشكيلته التي تقصي الكتل المسيحية، "بينما الأزمة يتحملها الحريري نفسه مع حلفائه الجدد"، على حد قوله.


وعن الخشية من ضغط فرنسي وخارجي على الرئيس عون وباسيل، يعتبر الأشقر أن فريقه السياسي يرفض أن يكون مجرد شاهد زور، ويُذكّر بمقولة عون "يستطيع العالم أن يسحقني لكنه لا يستطيع أخذ توقيعي"، وأضاف الأشقر أن التيار يخوض معركة وجود، إما أن يربحها وإما أن يخسرها ولا وسط بينهما.

كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني (الجزيرة)"حزب الله" والحريري

انطلاقا من موقف باسيل، يعتبر الكاتب المحلل السياسي رضوان عقيل أن عدم إقدام "حزب الله" على تسمية الحريري هذه المرة، خلافا لحليفه حركة أمل، كان متوقعا، لأنه أراد أن يمسك العصا من وسطها بين الحريري وباسيل.

وقال عقيل للجزيرة نت إن حزب الله أراد أن يحافظ على علاقته بباسيل من جهة، وأن يسهّل مهمة تكليف الحريري من جهة أخرى، على أن يمنحها الثقة في مجلس النواب، "لأن لا ولادة لهذه الحكومة دون موافقة الثنائي الشيعي وتسمية وزرائهم".

ويرى عقيل أن الحريري سيسعى لتشكيل حكومة من الاختصاصيين ولكن بتأشيرة من الكتل السياسية، بما فيها الكتل المسيحية، وإلا سيكون أمام مهمة شاقة، في حال لم يحصل ضغط فرنسي وتسهيل خارجي لولادة الحكومة.

إذن، ما أبرز العقبات التي تنتظر الحريري بعد تكليفه تشكيل الحكومة؟

يلخص الكاتب المحلل السياسي أمين قمورية للجزيرة نت العقبات التي تواجه مهمة الحريري، داخليا وخارجيا، بنقاط عدّة:

على المستوى الداخلي

يرى قمورية أن العقبة الأولى أمام الحريري هي عند رئيس الجمهورية، وهو ما ظهر جليا في خطابه عشية التكليف، وبحكم موقع عون الدستوري لن يوقع على تشكيلة لا ترضيه.

ثانيا: من الصعب على الحريري تجاهل أكبر تكتلين مسيحيين -"التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"- في تشكيلته الحكومية، ما سيجبره لاحقا إلى البحث عن تسوية معهما.

ثالثا: لن يدعَ الثنائي الشيعي الحريري حرا في عملية تأليف الحكومة، من دون تقديم ضمانات كافية لهواجسهم الداخلية والخارجية.

اعلان

رابعا: سيبدأ باسيل معركته لرئاسة الجمهورية، لأن المجلس النيابي المقبل هو المخول بإجراء الانتخابات الرئاسية، ما يعني أن عون يخوض في وجه الحريري معركة الحفاظ على صورة العهد ومعركة باسيل الرئاسية.

حجم الدَّين العام اللبناني فاق 90 مليار دولار (الجزيرة)على المستوى الخارجي

يعتبر قمورية أن الفرنسيين لن يضعوا كامل ثقلهم بالحريري، وستبقى قنواتهم مفتوحة مع مختلف القوى من أجل مصالحهم، وهو ما قد يربك الحريري في مهمته.

ويرجح قمورية أن تكون السعودية غير راضية بالكامل على الحريري في وقت تشكل الرياض للبنان بوابة الخليج المالية.

أمّا العقبة الأصعب التي تترصد الحريري، هي مع صندوق النقد الدولي وما يمثله من ثقل سياسي أميركي، ولا سيما أن لا مجال للبنان إلا بالذهاب إليه.

وبحسب قمورية، ستكون شروط صندوق النقد الدولي قاسية على لبنان، على مستوى رفع الدعم عن السلع الأولية والإجراءات الجنائية والقضائية والاقتصادية، وستخفي حكما مطالب سياسية ترتبط بملفات ترسيم الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل، والمعابر غير الشرعية وصولا إلى ملف أسلحة حزب الله.

وعليه، لن يكون الحريري أمام أزمة مع حزب الله وحسب، يضيف قمورية، وإنما مع الشارع اللبناني الذي لن يتحمل التداعيات الاقتصادية لشروط صندوق النقد، "ما يفتح البلاد على احتمالات شتى، لتكون فيها حكومة الحريري أشد ضعفا من حكومة حسان دياب".

المصدر : الجزيرة

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

نديم الجميّل: بحثنا مع الإدارة الأميركية في ضرورة تطبيق الـ1701 والـ 1559

المونسنيور اسطفان فرنجيه يزور توفيق معوض في الأشرفية

النائب ستريدا جعجع تحمل ملف الوجود السوري غير الشرعي الى عثمان والبيسري

العلّامة الأمين: نرفض كل مشاريع الهيمنة والتسلط الخارجة عن القانون

الصايغ زار مولوي: مطمئن لمقاربته الجديدة في موضوع النزوح السوري

حزب الله ينعى "ساجد" من ميس الجبل

توتّر في طرابلس على خلفية قيام شرطة البلدية بإزالة بسطات للسوريين

"التجمع الديموقراطي" يرد على "القوات": لبنان أصغر من أن يقسّم