يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

17 تشرين والحل المنشود.. لا بد من مؤتمر تأسيسي يعيد صياغة السلطة

Sunday, October 18, 2020 5:06:08 PM

بقلم د. ماري ناصيف – الدبس
نائبة الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني
منسقة اللقاء اليساري العربي
"اللبنانية"

نقف اليوم على أطلال الذاكرة لنستعيد أحداث سنة من عمر الوطن. سنة بدأت في السابع عشر من تشرين الأول 2019، إنما هي في الواقع لحظة في زمن بدأ منذ قيام لبنان الكبير، في العام 1920، ولم ينته فصولا بعد.
بدأت رحلة المعاناة يوم وافق من كان في يدهم الأمر على تركيبة عجيبة غريبة أطلقوا عليها اسم المعجزة اللبنانية؛ فاختاروا، يومها، نظاما اقتصاديا "حرا" أساسه التجارة والخدمات، أي القطاعات غير المنتجة التي هي أول من يتعرض للعواصف والأزمات، وأرفقوا هذا النظام الاقتصادي بنظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية ومستند إلى تحالف هجين بين بقايا إقطاع سياسي متهاو وبرجوازية نشأت، عموما، في كنف الانتداب الفرنسي – البريطاني على منطقتنا واستفاد بعضها، في ما بعد، من نكبة فلسطين ومن بدء استثمار النفط والغاز ليتحول إلى طغمة مالية خزّنت في مصارفها وشركاتها المالية قسما من البترودولار تحت مسمى "لبنان سويسرا الشرق"، أي البلاد التي تستخدم السرّية المصرفية في السوق المالية.
لسنا، طبعا، في صدد سرد التاريخ الطويل للطبقة التي منها تعاقب الآباء والأبناء والأحفاد على الحكم في لبنان، بل أردنا من تلك المقدمة وضع النقاط على الحروف للقول أن ما جرى في 17 تشرين الأول 2019 هو نتاج لانتفاضات كثيرة على السياسات التي مورست طويلا، والتي تجلّت في السنوات الثلاثين التي تلت نهاية الحرب الأهلية في نهب منظّم للبلاد، مترافق مع طغيان الزبائنية والفساد والهدر والسمسرات التي لم نشهد لها مثيلا من قبل. ومن نسي كل تلك الحقبة، نعيد ذاكرته إلى 6 أيار 1992، وإلى كل التظاهرات والاضرابات التي نفّذت منذ ذلك الحين وحتى اليوم، في كل قطاعات الانتاج، وفي التعليم، وحتى في المصارف وقطاعات الخدمات الأخرى، على الرغم من الضربات المتتالية التي وجّهت إلى الاتحاد العمالي العام والحركة النقابية عموما، بدءا من التطييف إلى التدجين، إلى كل أساليب القمع والترهيب والترغيب التي استنبطت في سبيل القبض على الحركة الشعبية ومنعها من القيام بواجبها في الحفاظ على الوطن وثرواته ودوره.
وإذا كان النظام اللبناني قد استفاد من "الهدنة" المؤقتة التي تمثلت بجائحة كورونا، فإن ما جرى في مرحلة الشهرين الماضيين، الممتدة من الرابع من آب وحتى اليوم، يدلّ على أن القيّمين على هذا النظام – في غياب تام لعمل المؤسسات – لم يغيّروا من مواقفهم قيد أنملة، بل على العكس من ذلك... فهم ماضون في مخططهم، وإن اختلفوا على تشكيل الحكومة والمناصب ضمنها. مخطط استكمال الاستيلاء على البلاد وما فيها ومن فيها... والقرارات المالية والنقدية، وقرار رفع الدعم، وكل ما يدور حول تهريب المحروقات والأدوية وغيرها خير دليل على ما نقول... ولا ننسى بالطبع تضييع "الشنكاش" في مسألة تفجير العنبر رقم 12 والمسؤوليات الناجمة عن ذلك. بل نضيف أن المخطط الذي لم يتوقّف يترافق اليوم مع "تسهيلات" ربما ستظهر أبعادها مع تقدّم المفاوضات مع العدو الصهيوني حول "ترسيم الحدود البحرية" بعد الحدود البرية التي تحولت إلى خط أزرق أكل ترسيمه جزءا من الأرض.
لذا، وبمناسبة مرور عام على انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول، لا بد من وقفة تقييم جدية من قبل كل الذين شاركوا في تلك الانتفاضة، ليس تنفيذا لأجندات خارجية، بل من أجل تحقيق التغيير المنشود الذي ينهي حكم المحاصصة الطائفية، ومعها الزبائنية واقتصاد الريع والفلتان. وقفة تحدد برنامجا مرحليا واضحا عنوانه وضع مخطط للتخفيف من سرعة الانهيار، وصولا لإيقافه في ما بعد. تترافق مع هذا البرنامج الدعوة السريعة إلى مؤتمر تأسيسي يضم ممثلات وممثلين عن الهيئات والنقابات والجمعيات المشاركة في الانتفاضة، إضافة إلى شخصيات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة ونظافة الكف، وينتخب هيئة انتقالية تعمل على تنفيذ بنود البرنامج المرحلي وفي المقدمة منها انتخابات نيابية على أساس قانون خارج القيد الطائفي يعتمد النسبية ويؤسس لإعادة صياغة السلطة التي تحمي الوطن وأبناءه...

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟