يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

الحريري كلّف نفسه ويؤلف خلافا للاصول.. حكومة محاصصة بلباس "التنازلات المتبادلة".. الخليجيون: حكومة الوفاق تعني "حكومة حزب الله"

Tuesday, October 13, 2020 5:03:47 PM

خاص "اللبنانية"
الكاتب السياسي
 

خلافا لكل الاصول الدستورية اعلن رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة وانطلق في مشاورات لتأليفها مستبقا الاستشارات النيابية الملزمة التي سيدعو اليها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس الحكومة والتي لا يمكن الجزم بعد من الآن بانها ستنتهي لمصلحة الحريري او غيره تبعا للنتائج التي ستسفر عنها.

وبعيدا من الاسباب والدوافع الخارجية والداخلية التي املت على الحريري ترشيح نفسه علنا لرئاسة الحكومة، فان ثمة اشياء ملفتة تحصل على ارض الواقع وتطرح علامات استفهام حول خلفياتها والابعاد، يحاول الحريري واعوانه والسائرين في ركب ترشيحه تصويرها وكأنها من "بركات" ترشيحه، ليؤكدوا صحة نظريتهم في تأييد  هذا الترشيح و"جدواه" بالنسبة الى معالجة الانهيار الذي تعيشه البلاد على المستويات السياسية والاقتصادية والمالية.

ابرز هذه الاشياء الحاصلة هو الانخفاض، ولو الضئيل، بسعر الدولار في السوق السوداء في ظل توفعاته بانخفاضه بمقدار كبير اذا تولى الحريري رئاسة الحكومة. ولكن  هذا الامر ان دل على شيء فانما يدل على ان ما يتلاعب بسعر الدولار والمضاربة على سعر العملة الوطنية هو الحريري ومعسكر المؤيدين له منذ استقالته من رئاسة الحكومة بعد ايام على ثورة 17 تشرين الاول من العام الماضي والتي تحل ذكراها السنوية الاولى بعد ايام. وغايتهم من هذا التلاعب هو توليد اقتناع لدى اللبنانيين والراي العام عموما ولدى العواصم العربية والغربية المعترضة على الحريري او المؤيدة له، مفاده ان "لا حلول للأزمة الا بعودته الى السراي الحكومي الكبير"، وان الدليل الى "حيوية" الحريري و"جدوى" عودته هو "فشل" حكومة حسان دياب في تحقيق الانقاذ المطلوب، ثم فشل الدكتور مصطفى اديب في تشكيل حكومة انقاذية بموجب المبادرة الفرنسية. ومن يدخل في صميم الامور يكتشف ان الحريريين وحلفائفهم هم ما افشلوا حكومة دياب بترحكاتهم في الشارع وحصارهم الخارجي والداخلي لها، وبعدها افشلو اديب في تأليف حكومته بالشروط التي املوها عليه بواسطة "نادي رؤساء الحكومة السابقين" على الاخرين في موضوع مواصفات الحكومة التي اراد تأليفها وفشل. وفي هذا الصدد ردد رئيس مجلس النواب نبيه بري يومها امام بعض معاونية معلقاً على شروط هذا النادي قائلا: "إنهم يدفعون أديب الى الاعتذار ليأتوا بعده بالحريري".

وبالفعل هذا ما حصل، بدليل مبادرة الحريري الى ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة وذلك بطريقة تحصل للمرة الاولى في تاريخ تأليف الحكومات منذ التوصل الى "اتفاق الطائف"، واعقب ترشيحه بمشاروات مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي والكتل النيابية، متصرّفا وكأنه رئيس مكلف، وعاملا على تشكيل حكومته مستقبا الاستشارت النيابية الملزمة لتكليفه ومواقف جميع الكتل النيابية التي لم تحسم بعد تأييدا له او اعتراضا عليه.

ولكن ما يستوقف المراقبين، وحتى الاوساط السياسية والشعبية، هو الانخفاض في سعر الدولار الاميركي في السوق السوداء، ما يؤكد ان دولار هذه السوق كان ولا يزال دولارا سياسيا يتلاعب به الحريريون وحلفاؤهم للضغط بغية فرض عودة الحريري الى رئاسة الحكومة. وهذا التلاعب الذي يذكر بالدولار الذي تلاعب به الرئيس الراحل رفيق الحريري عام 1992 واسقط حكوة الرئيس الراحل عمر كرامي حيث ارتفع سعر الدولار بومها من 1500 ليرة الى ثلاثة آلاف ليرة واكثر وحصلت على اثره "ثورة الدواليب" في بيروت والمناطق وانتهت باستقالة كرامي وتولي الحريري الاب رئاسة الحكومة للمرة الاولى في حياته السياسية.

والملاحظ من تصرفات الحريري الآن هي ان "الولد سر أبيه"، فهو بكَر في الحفر لكل من يعترض طريقه الى السراي الحكومي تشرين الاول حيث بدأ وجماعته يتلاعبون بسعر الدولار الذي راح يرتفع تدريجا وفق خطة ممنهجة، فنشأ ما سمي السوق السوداء وارتفع سعر الدولار بداية من 1500 ليرة الى 2000 قبل ان يؤازهم حاكم مصرف لبنان رياض باجراءات ساهمت في ارتفاع هذا السعر شيئا فشيئاً لينشىء سوقين لسعر الدولار سوق بالسعر الرسمي (اي الف وخمسمئة دولار)، وسوق بسعر المنصة الالكترونية ويبلغ 3900 ليرة، لتبقى السوق السوداء بلا مكافحة والتي يبلغ السعر فيها الآن نحو سعبة الاف الى تمانية وتسعة الف ليرة، واحيانا الى عشرة الاف وذلك من دون حسيب او رقيب.

ولم يكتف الحريري ومؤيدوه بالدولار اسلوبا لفرض عودته الى السراي الحكومي، بل انه عملوا على حرق غالبية المرشحين المحتملين لرئاسة الحكومة ومعروفة هي الاسماء التي أحرقوها وتبدأ بسمير الخطيب ولا تنتهي بنواف سلام ومصطفى اديب.

 

ولكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه الآن هو : هل سيكلف الحريري؟ وإذا كُلّف فأي حكومة سيؤلف؟ حكومة اختصاصيين غير حزبيين يختار وزراءها بنفسه بمعزل عن رأي الكتل والقوى السياسية؟ ام حكومة تختار هذه الكتل والقوى وزراءها حتى ولو كانوا غير حزبيين؟

ما يرشح حتى الآن ان ما يعلنه الحريري عن "استقلاليته" في تأليف الحكومة شيء، وما يدور في الغرف المغلقة شيئا آخر، حيت ان المعطيات تشير الى انه كونه رئيس حزب هو تيار "المستقبل" سيكون محكوماً بتقديم تنازلات على مستوى اختيار اسماء الوزراء بما يوحي انه سيكون للقوى السياسية تأثيرها على الحكومة وحركة عملها وادائها، ويتردد في هذا المجال انه سيبقي على الوزير غازي وزني في وزارة المال ارضاء للثنائي الشيعي وعلى الوزير ريمون غجر في وزارة الطاثة ارضاء للتيار الوطني الحر، اي للنائب جبران باسيل. وان حكومة ستؤلف بهذه الطريقة ستكون "حكومة وفاق وطني" فيما يرشح من عواصم خليجية ان الحكومة اذا تألفت بهذه الصفة او بصيغة التوافق ستعتبرها هذه العواصم "حكومة حزب الله" ولن تقدم لها اي اعتراف او دعم.

والملاحظ ان في كل ما يعلنه الحريري من عناوين اصلاحية  متذرعا بالمبادرة الفرنسية، لا يأتي على ذكر مصير اموال المودعين الضائعة بين المصارف ومصرف لبنان، فهل الاصلاح الذي يتحدث عنه هو اصلاح لمصلحته او لمصلحة البلد؟

على ان تأليف حكومة على اساس تنازلات متبادلة بين الحريري وكل القوى السياسية التي ستشارك فيها بعنوان "الوزراء الاختصاصيين" هي حكومة محاصصات ولا يمكنها ان تنفذ اصلاحات الا وفق مصالح  المتحاصصين.. ويا مرحبا بالاصلاح المنشود؟!..

 فإنخفاض سعر الدولار تدريجا وبنسبة ضئيلة مع التوقعات بتكليف الحريري تأليف الحكومة، يؤكد انه ومعسكر مؤيديه هما المافيا التي تتلاعب بالدولار سياسي وتمارس سياسة الارض المحروقة والتجويع والافقار في حق البلد والناس، فكيف لمن يجوع اللبنانيين ويركتب هذه الجرائم الكبرى في حقهم ان يكون المنقذ لهم وللبنان؟ وكيف لمفلس متعطش الى كسب المال بأي طريقة ان يكافح السرقة والفساد فيما هو يعد العدة للاستيلاء على المال ليعيد تكديس ثروة بددها من لبنان الى الخارج وصولا الى جنوب افريقيا...؟

ويقول البعض ان من يتصرفون بهذه الطريقة ويرتكبون مثل هذه الجرائم، يجب ان يكون مصيرهم المحاسبة والمساءلة والدخول الى السجون والتعليق على اعواد المشانق إذا اقتضى الامر وليس مواقع السلطة التي يعيثون فيها فسادا منذ العام 1992  ويحاولون الان اعادة انتاجها لمصلحة "امراء الحرب" وميليشياتهم التي لم تُحَل بعد رغم قول "اتفاف الطائف بحلها والذي يتشدقون يوميا باعلان التمسك به والمطالبة بإستكمال تطبيقه..

                 

 

 

 

 

 

 

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - مجزرة في تاشع العكاريّة.. والوزير ياسين لموقعنا: سيتم تحويل الملف إلى القضاء

خاص- زيارة جزينية ممهورة بختم الثنائي

خاص- الضربة الإسرائيلية أربكت إيران

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!