خاص "اللبنانية"
الكاتب السياسي

ماذا يعني أن تُفرِد اكثر من صحيفة عالمية ، وتحديدًا فرنسية او ناطقة باللغة الفرنسية ، صفحاتها الاولى إلى مدير عام مستقيل في بلد صغير لا يهم قرَّاء تلك الصحف ؟
في عِلم مهنة الصحافة ، هناك اكثر من تفسير لهذا الأداء المهني :
إما ان الشخص الذي تُفرَد له الصفحات الاولى مثير للجدل ولديه ما يقوله او يفضحه ويهم قراء تلك الصحف .
أو ان هناك " إعلانًا مدفوعًا " على شكل مقال او مقابلة .
أو ان الشخص المستهدف يعمل لجهاز مخابرات معيَّن ، ومن مصلحة هذا الجهاز ان يلمِّع له صورته او ان " يستعمله " كمنصة يُطلِق من خلاله النيران والإتهامات على شخص آخر او قطاع أو هيئة .
في الحال التي نحن فيها ، ما هي خلفية أن تُفرِد صحيفة " لو فيغارو " الفرنسية ذات الإنتشار العالمي ، صفحتها الأولى لمقابلة مدير عام وزارة المال في لبنان الذي قدَّم استقالته ؟ ثم تعود صحيفة عربية دولية ناطقة بالفرنسية هي " آراب نيوز " وتنشر له مقابلة على الصفحة الأولى ؟
ما هي " القيمة المضافة " لل " فيغارو " ول " آراب نيوز " في ما قاله آلان بيفاني .
إذا استعرضنا ما قاله ، يتبين لنا أن المقابلة ليس فيها " معلومة واحدة " بل حفلة تشهير وتنصل من المسؤولية ، فهو يقول في مقابلته في " آراب نيوز": " نظامنا مريض تماما ولا اريد ان اكون شريكا " .
يا سعادة المدير العام المستقيل ! الا تشعر انك تأخرت " قليلًا للاستنتاج ان " نظامنا مريض " ؟ الم تكتشف ذلك عندما كنت في هذا النظام على مدى واحد وعشرين عامًا في ارفع منصب مالي إداري ؟ لماذا لم تنتفض ؟ هل خططت لتصل إلى منصب اعلى ، وهذا سبب صمتِك ؟
يقول آلان بيفاني في المقابلة : " ينسى الناس أنني قدمت استقالتي عام 2008 وعدت عنها لأنه طلِب مني ذلك " .
سعادة المدير العام ، إذا كنت مقتنعا بالإستقالة ، فلماذا عدت عنها ؟ وإذا كانت بالون اختبار فلماذا قدمتها ؟ هل البلد لعبة ؟
يقول بيفاني : "سأكون صادقا". لم أكن أبدًا من مؤيدي النهج الاقتصادي الذي تبناه رفيق الحريري.
هذا حقك سعادة المدير العام ، لكن لا يمكنك ان تبقى واحدًا وعشرين عامًا في منصبك الرفيع وأنت تعارض النهج الإقتصادي ، كان الأجدر بك ان لا تقبل المنصب من الاساس ، اما وقد قبلته فلغاية في نفسِك لأنك طمعت بالمنصب على حساب قناعاتك ، كأن تكون مسؤولًا في بلد راسمالي وأنت تؤيد النهج الإشتراكي ، هذا انفصام وخيانة للمبادئ .
بيفاني الذي يقول إنه عارض نهج الرئيس رفيق الحريري ، يناقض نفسه فيقول : " منذ عام 2003 بدأنا نتمتع بعلاقة جيدة للغاية مع رفيق الحريري، استمرت حتى اغتياله. ثم ، عندما كان سعد الحريري رئيساً للوزراء ، كنا على أساس جيد جداً .
عن العلاقة مع حاكم مصرف لبنان ، يقول بيفاني : "كانت لدينا دائمًا علاقات ودية ، لكننا لم نتبع نفس النهج أبدًا. لم أكن أبدًا من المعجبين بسياسة تقوم بأي ثمن على تثبيت القوة الشرائية لليرة اللبنانية . كان يحاول استيعاب الطبقة السياسية التي كنت ضدها. لقد أجرينا هذه المناقشة عدة مرات معًا. لم يضع أبدًا خطوطًا حمراء للطبقة السياسية. لم أستطع الموافقة.
يا سعادة المدير العام ، لماذا لم تعترض ؟ لماذا لم تُخرِج إعتراضك إلى العلن ؟ هل كنت تترصد الحاكم لتحل مكانه ؟ وعندما اكتشفت صعوبة وصولِك قفزت من السفينة ؟
هل تعلم يا سعادة المدير العام المستقيل أن تثبيت سعر صرف الليرة هو قرار من السلطة السياسية والسلطة النقدية نفذته ؟ ثم إذا كان الحاكم يحاول " استيعاب الطبقة السياسية " كما تقول ، فلماذا سكت عن هذا الأداء لواحد وعشرين عامًا ؟
سعادة المدير العام ، نخشى ان نقول إن " مشغِّليك " يفتحون لك صفحات الصحف الأجنبية ، ولكن بأي هدف ؟ لن تنفعك كل هذه الإطلالات ، فكما الصراخ بالعربية لم يوصلك إلى مكان ، كذلك فإن الصراخ بالفرنسية لن يحقق طموحك ، فالمنصب الذي تتطلّع إليه حسمه اصدقاؤك أو ربما
" اسيادك " الفرنسيون لصديق لهم . معركتك لم تعد مع رياض سلامة الذي سيذهب ، معركتك مع الآتي ، ففتِّش من الآن عن منصة إعلامية لتهاجمه ، لأن المنصات الفرنسية لن تكون متاحة لك لأن دورك انتهى .