يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

مخزومي يتصدّى لنهج رؤساء الحكومة الإلغائي.. تسمية اديب هروب من المسؤولية وفشل محتوم

Tuesday, September 1, 2020 10:10:56 AM

خاص "اللبنانية"
الكاتب السياسي

الى نواب "القوات اللبنانية"، كان نائب بيروت فؤاد مخزومي السياسي السني الوحيد الذي سمّى الديبلوماسي السابق نواف سلام لتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة، متفرداً بهذا الموقف عن جميع نواب الطائفة السنية الذين سمّوا بغالبيتهم الساحقة مصطفى اديب رئيساً للحكومة فيما امتنع "اللقاء التشاوري" والنائب اسامة سعد عن التسمية.
والواقع ان موقف المخزومي تفاعل في الأوساط السياسية عموماً وفي البيئة الاسلامية السنية السياسية والشعبية خصوصاً، وسيبقى هذا التفاعل مستمراً الى ان يحين موعد استحقاق حكومي آخر، في اعتبار ان الظروف والممارسات التي رافقت تكليف اديب والمنتظر ان تتكرر في خلال المشاورات النيابية والسياسية التي سيجريها لتأليف الحكومة، دلت الى مدى التفريط الذي يمارسه القابضون او الذين يحاولون القبض على موقع رئاسة الحكومة، بهذا الموقع، حيث ان عملية اختيار اديب شكلت خروجاً صارخاً على كل الاصول الدستورية في شأن كل استحقاق حكومي، فبعد ان كان نادي رؤساء الحكومة السابقين يندد ويوجه اليوم ويهدد بالويل والثبور وعظائم الامور لأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و"التيار الوطني الحر" والثنائي الشيعي يخالفون الأصول الدستورية ويعملون على اختيار رئيس للحكومة بمعزل عن إرادة الطائفة السنية وقياداتها السياسية، اذ بهذا النادي تُخلى له الساحة فجأة ويختار هو خلافاً للدستور والاصول الديموقراطية مصطفى اديب رئيساً للحكومة فيتم تكليفه هذه المهمة بعد استشارات شكلية جاءت اشبه بمسرحية هزلية وممجوجة، بحيث ان معظم الكتل النيابية والنواب انقادوا اليها لـ "البصم" وتسميته بلا نقاش وكأن الأمر "قدراً مكتوباً" عليهم ان يسلموا به بلا اعتراض او حتى السؤال: لماذا أديب وليس غيره، والمنتظر انهم سيتصرفون حكما بالطريقة نفسها خلال استشارات التأليف.
والواقع ان النائب مخزومي الذي حورب ويحارب في كل استحقاق حكومي لمنعه من الوصول الى السراي الكبير، لم يخطء هذه المرة في تسمية نواف سلام، لأنه وجد في الرجل مواصفات تليق برئاسة الحكومة سواء خبرته في العمل الديبلوماسي كمندوب للبنان في الامم المتحدة والتي اتاحت له اقامة شبكة في العلاقات على المستويين العربي والدولي، فضلاً عن خبرته الواسعة في الحقول القضائية والقانونية والدستورية، وهذه المواصفات لا يمكن مقارنتها مع مواصفات اديب الاستاذ الجامعي في العلوم السياسية الذي فشل في امتحانين للدخول الى السلك الديبلوماسي أجراهما مجلس الخدمة المدنية، ما اضطر الرئيس نجيب ميقاتي الى تعيينه سفيراُ للبنان في المانيا الاتحادية من خارج الملاك الديبلوماسي.
لماذا اديب وليس غيره؟
لقد انقسم رؤساء الحكومة على نفسه عند البحث في تسمية مرشحهم لتأليف الحكومة، وتفيد معلومات موثوفة انهم ظنوا جدياً ان حزب الله سيؤيد ترشيح نواف سلام، استنادا معلومات سربها لهم البعض (ربما قصدا) فأعلنوا اجتماعاتهم مفتوحة قبل ان يتبين لهم بعد مراجعة مسؤولين في "الحزب" عدم صحة هذه المعلومات التي عطف البعض عليها امكان سير "التيار الوطني الحر" بنواف ايضاً، ولكنهم عندما بحثوا هم في ترشيح نواف سلام إنقسموا على أنفسهم، فكان الرئيس فؤاد السنيورة المتحمس الاكبر لنواف، وجاراه الحريري في المواقف ولكنهما اصطدما برفض تمام سلام الذي اكد لهم ان نواف سيكون عبئاً كبيراً عليه لا يستطيع تحمله، فاستجابا رغبته وطووا اسم نواف مثلما طووا اسم رئيس مجلس ادارة "الميدا ايست" محمد الحوت الذي بينه وبين الوصول الى السراي"أبحرٌ وجبال"، الامر الذي اغبط ميقاتي حيث تعززت في هذه الحال فرصة مرشحه مصطفى اديب، فاقترحه عليهم فقبلوا به، ولكن ميقاتي اصرّ على ان يشاع ان الحريري هو من رشّحه.
والواقع ان رؤساء الحكومة السابقين اختلفوا على تسمية نواف سلام، فأكثريتهم رفضته (الحريري، ميقاتي، سلام) وتفرد السنيورة بتأييده، فسقط اقتراحه علماً انهم التقوا في النهاية على ان وصول نواف الى السراي الحكومي يهدد مصالحهم جميعا ويقفل ابواب هذا السراي عليهم الى ردح طويل من الزمن، كذلك فإن اركان هذا النادي وقفوا سداً منيعاً لمنع وصول مخزومي الذي يمتلك مواصفات توازي مواصفات نواف لا بل تفوقها لأنه يتفوق على نواف، الى شبكة علاقاته العربية والدولية التي يتميز بها، بخبرته الكبيرة في عالم الاستثمارات والاقتصاد والمال والانماء وهي خبرة يحتاجها لبنان في ظل الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يعيشه على مختلف المستويات. ويضاف الى ذلك ان مخزومي لديه التصاقه اليومي مع الناس وتفاعله الدائم مع الحراك الشعبي منذ انطلاقته في 17 تشرين الاول 2019، هذا الحراك الذي فشل رؤساء الحكومة في محاولاتهم لركوب موجته، من الحريري الذي استقال تحت ضغطه وحاول الايهام أن هذه الإستقالة كانت استجابة منه لمطالب الحراك، الى ميقاتي الذي أكثر من التصريحات والبيانات المؤيدة للحراك، وكذلك السنيورة وسلام، حيث جاء رد الحراك عليهم هتافات ضدهم في الشارع وتصنيفهم في عداد المنظومة الفاسدة، ولم تنطلِ عليه إدعاءاتهم بتأييده.
ولقد اكدت اجتماعات أعضاء هذا "النادي المظفر" سعيهم الدائم الى الغاء الآخرين، وتحديدا اي شخصية سياسية من بيئتهم يمكن ان يجدوا ان لها فرصة الوصول الى السراي الحكومي، وذلك من اجل "تكريس" بدعتهم الجديدة بجعل تسمية كل رئيس حكومة جديدة "حصرية" لهم وقد طوروا الامر هذه المرة بمحاولتهم تنصيب أنفسهم أوصياء على الموقع الرئاسي الثالث في هرم السلطة، وهذا ما سيكون كفيلا بفشل مهمة أديب الذي لن يستطيع اتخاذ اي خطوة من دون العودة اليهم حتى ولو استدعى ماكرون حاملات الطائرات الى البحر المتوسط لدعمه؟!
لقد وضع نادي رؤساء الحكومة السابقين انفسهم من حيث لا يدرون في موقع لن يحسدوا عليه قريبا لأن فشل اديب المحتم سيرتد وبالا سياسيا وشعبيا عليهم، اذ بينما المطلوب الاتيان بحكومة اختصاصيين فاعلة تستطيع انقاذ البلاد، "استوردوا" او استدعوا الى رئاستها سفير لبنان في المانيا واهبطوه على السراي بالباراشوت وليس له من خبرة في الشأن العام سوى التعليم الجامعي المشفوع ببعض الخبرة الديبلوماسية الوجيزة، وكذلك ليس لديه اي قاعدة شعبية تمثيلية وانما بعض العلاقات العامة مع قوى سياسية على صلة بالجالية اللبنانية في المانيا وهي علاقات يعول عليها في تشكيل حكومة تليق بالواقع السائد.
على ان فريقا من السياسيين المعنيين رأوا ان إختيار رؤساء الحكومة السابقين أديب لرئاسة الحكومة انما شكل تهربا فاضحا من تحمل المسؤولية عن الازمة التي كانوا في ما مضى شركاء في التسبب بها الى جانب الاخرين، فوضعوا اديب في الواجهة واختبأوا وراءه فاذا نجح سيجيرون النجاح لهم، واذا فشل سينفضون ايديهم منه غير آسفين، ولكن الراي العام سيقف لهم هذه المرة بالمرصاد كونهم سيحاصصون ويشاركون في الحكومة باستثناء حليفهم وليد جنبلاط الذي باع موقف تسمية اديب للحريري، ولكنه لن يشارك فيها تماما كـ"القوات اللبنانية" التي سمت نواف سلام، ما يعني ان المملكة العربية السعودية ستتعامل مع حكومة اديب تماما كتعاملها مع حكومة حسان دياب، لأن الموقف السعودي لن يكون مستعدا لدعم اي حكومة يشارك فيها حزب الله و"التيار الوطني الحر".
ولذلك فإن كثيرين من السياسيين بدأوا يتوقعون احد خيارين:
ـ الاول، ان يطول التأليف اقله حتى نهاية السنة، اي الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، وفي ضوء نتائجها يبنى على الشيء مقتضاه.
ـ الثاني، التجاوب مع مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي كان من سمى أديب خلافا لكل ما شاع عكس ذلك، بحيث تغطي بوجودها فترة الاشهر الثلاثة الفاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية.
علما ان سقوط حكومة اديب في اي وقت في حال النجاح في تأليفها ونيلها الثقة النيابية لن يعيد تعويم اي من رؤساء الحكومة السابقين، الذين يمننون انفسهم الآن انهم بتسميتهم اديب بأنهم "استعادوا زمام المبادرة" في هذا الاستحقاق الحكومي وفي اللاحق من الاستحقاقات، في حين انهم باتوا "اشبه بمن يلحس المبرد" الذي ينزف دمه من لسانه فيلعقه وفي ظنه انهم يشرب ماء اوعصيرا... بل انهم ارتكبوا اكبر اساءة بحق موقع رئاسة الحكومة عبر ترشيح اسماء لا تليق به ومن شأنها ان تجعله هامشيا.
ولذلم ثمة من يقول ان خروج مخزومي على شبه الاجماع النيابي السني على تسمية اديب، والذهاب الى تسمية نواف سلام، انما كان للدفاع عن موقع رئاسة الحكومة ووقف محاولات الاستهتار به وتهميشه وتهشيمه خدمة لمصالح آنية وضيقة وفئوية، وينتظر ان يؤسس مخزومي بهذا الموقف لبروز فريق سياسي داخل الطائفة السنية وخارجها سيواجه محاولات نادي رؤساء الحكومة السابقين واي فريق سياسي يتوافق معهم لاحتكار موقع رئاسة الحكومة والحصص الوزارية لمصلحتهم او لمصلحة من يسمونهم لدخول السراي الحكومي او لدخول "جنة التوزير".


يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!

خاص - بسبب السرقة.. جريمة في العزونية قضت على أستاذ ثانويّ

خاص - المهندسون المستقلون ينحازون لجانب المعارضة؟!

خاص- الردّ الإيراني قد يأتي من جنوب لبنان