يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

ما سر التلاقي بين الحريري وحزب الله على رفض نواف سلام؟

Saturday, August 29, 2020 4:22:19 PM

خاص "اللبنانية"
الكاتب السياسي

في خضم النزاع الدائر بين مختلف القوى السياسية حول الاستحقاق الحكومي سواء على مستوى رئيس الحكومة العتيدة، او على مستوى مواصفات هذه الحكومة وحجمها وطبيعتها ونوعية وزرائها، يبدو لافتا بما لا يقبل اي شك ذلك التلاقي بين الرئيس سعد الحريري وحزب الله على رفض تكليف نواف سلام تشكيل هذه الحكومة.
يتساءل نواف سلام بينه وبين نفسه ويوجه اسئلة الى حزب الله عبر بعض اصدقائه عن اسباب معارضة وصوله الى رئاسة الحكومة ولماذا هذا الموقف السلبي منه وهو "المسلم العروبي" الذي لم يتخذ يوما موقفا سلبيا من الحزب ومقاومته لإسرائيل ليأتيه الجواب: "من يدري يدري"؟!
ربما تكون لدى الحزب معطياته والاسباب الوجيهة التي تدفعه الى معارضة وصول نواف الى رئاسة الحكومة ربما يكون اقلها مواقفه وأداؤه عندما شغل منصب مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة من 2007 الى 2017 وانتخب خلالها عضوا غير دائم في مجلس الامن لعامي 2010 و 2011 وتسلم الرئاسة الدورية لهذا المجلس في ايار 2011 ، وشغل منصب نائب رئيس الدورة الـ67 للجمعبة العمومية للأمم المتحدة من ايلول 2012الى ايلول 2013.
ولكن معارضة الحريري لنواف سلام تتصل عميقا بحرص "الحريرية السياسية" منذ ايام الرئيس الراحل رفيق الحريري على "القبض المستدام" على موقع رئاسة الحكومة مباشرة بواسطة العائلة الحريرية عبر سعد الحريري وريثها السياسي او من تسميه لتولي هذا الموقع، وذلك اتكالا على "انجازات" الحريري الأب في كل المجالات طوال وجوده في رئاسة الحكومة و نشاطه قبل "اتفاق الطائف" الذي قيل ان حروفه الاولى كتبت خلال اجتماعات نظمها الحريري الاب في معهد "بروكينز " في اواخر حقبة الثمانينات الى أن البس هذا الاتفاق العباءة السعودية ـ العربية وتولى مؤتمر النواب اللبنانيين في مدينة الطائف في ايلول وتشرين الاول عام 1989 تظهيره بنص "مُشلبَن"ـ لتجري دسترته بادخال نصوصه على الدستور اللبناني عام 1990 ويبدأ شيئا فشيئا الدخول العملي للحريرية السياسية الى السلطة عبر ما سمي "خطة النهوض الاقتصادي" التي حملت الحريري الآب الى رئاسة الحكومة عام 1992 بعد "ثورة الدواليب" الشهيرة التي غطت شوارع بيروت في 7 ايار من ذلك العام على حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي التي وصفها ب"المؤامرة" عليه...
والمفارقة هنا ان الحريري الاب الذي اطاح بالتكافل والتضامن مع قوى سياسية واساسية وبدعم او غض طرف سوري حكومة عمر كرامي ليتبوأ رئاسة الحكومة، غادر الرجل هذه الدنيا ايام حكومة الافندي ( عمر كرامي) في شباط 2005 حيث كان هو خارج السراي الحكومي ويستعد للعودة اليه عبر قانون انتخاب يمكنه من الاستحواز على اكثرية نيابية موصوفة، ولكن كان الاغتيال الزلزال الذي ضرب البلد في 14 شباط وغير كل المعادلات يومها، فتسقط حكومة كرامي ويؤتى بحكومة راسها نجيب ميقاتي التي اجرت انتخابات مكنت الحريرية السياسية من الفوز بالاكثرية النيابية الكبرى والعودة الى الامساك بالسلطة عبر تولي فؤاد السنيورة "رفيق درب" الحريري الأب رئاسة الحكومة مدعوما بـ"علاقته المميزة" بالاميركيين، وهي علاقة لم تكن خافية على الحريري طوال توليه رئاسة الحكومات المتعاقبة من العام 1992 الى العام 2004.
ولذلك فإن سعد الحريري ما زال يسير على نهج والده الذي يعتبر رئاسة الحكومة "إرثا عائليا" لا ينبغي التفريط به وان الخروج منها احيانا لمصلحة شخصية سياسى سنية أخرى تلتزم النهج الحريري او الحريرية السياسية انما يكون خروجا بقصد "الراحة" لفترة تمهيدا للعودة مجددا الى السراي الحكومي، لان الحريرين يعكسون المقولة التي علقت على مدخله وهي ان رئاسة الحكومة "دائمة لهم او لمن يمثلهم ولن تتصل لغيرهم".رغم تعرضها لاختراق موقت ولبضعة اشهر على يد الرئيس حسان دياب مترئسا حكومة سماها "حكومة مواجهة التحديات" التي تصرف الاعمال حاليا في انتظار تأليف حكومة جديدة...
واذا كانت لحزب الله هواجسه ومخاوفه وشكوكه بصدقية ونيات نواف سلام السليل السياسي والاكاديمي للجامعات الفرنسية والاميركية( السوربون وهارفرد والجامعة الاميركية في بيروت) رغم انتمائه الى آل سلام العائلة السياسية التي لها بصمتها ومشاركتها في الاستقلال اللبناني عن الانتداب الفرنسي عام 1943 عبر الرئيس الراحل صائب سلام، فان هواجس الحريري تتجاوز هذا الامر الى علاقات نواف الاميركية والاوروبية فضلا عن مميزاته وفكره السياسي وخبراته التي مكنته من تولي مناصب رفيعة اممية واكاديمية وقانونية (محكمة العدل الدولية)، علما ان الرئيس تمام سلام ابن عم نواف، لا يقل هو الآخر قلقا منه عن الحريري الذي كان سماه لرئاسة الحكومة التي حكمت البلاد بين 2014 و2016 حيث حصلت "التسوية الرئاسية" الشهيرة التي حملت العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية واعادت الحريري الى رئاسة الحكومة خلفا لتمام سلام.
ولذلك، وتاسيساً على هذا التلاقي بينهما على رفض تكليف نواف سلام تأليف الحكومة الجديدة، فإن التواصل مستمر بين الحريري وحزب الله، حيث ان الحريري، وخلافا لما اعلن وما يشاع، لم ينسحب الحريري بعد من حلبة السباق على رئاسة الحكومة الجديدة ليفوز به هو شخصيا او تسمية من يمثله، وقد امهل الحزب 48 ساعة لحسم موقفه بترشيح نفسه هو أو من يمثله، مؤكدا انه غير متوقف عند النصيحة السعودية التي اسديت اليه عبر وليد جنبلاط والتي تدعوه الى عدم الترشح لرئاسة الحكومة شخصيا او عبر شخصية يسميها. وابلغ الحريري الى الحزب استعداده لـ"التمرد" على هذه الارادة السعودية وأي ارادة مماثلة. علما انه تناهى الى "الحزب" ان نواف سلام الموجود في الخارج ابلغ الى بعض اصدقائه انه لن يعود الى لبنان اذا لم يوافق الحريري وحزب الله على تسميته لتأليف الحكومة الجديدة.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص - مجزرة في تاشع العكاريّة.. والوزير ياسين لموقعنا: سيتم تحويل الملف إلى القضاء

خاص- زيارة جزينية ممهورة بختم الثنائي

خاص- الضربة الإسرائيلية أربكت إيران

خاص - نبيل بدر.. رجل الحوار والمبادرات

خاص - الزبالة كترانة... والبلديات تتحرك!

خاص- "اللبنانيّة" يكشف تفاصيل خطيرة عن مراكب الهجرة إلى قبرص..إليكم ما حصل (صور)

خاص- هل يدفع لبنان ثمن التصعيد الإيراني الإسرائيلي؟

خاص - علقة بالبحر!