يومية سياسية مستقلة
بيروت / °19

احتضار مدينتي.. "خبري العاجل"

Wednesday, August 12, 2020 11:55:28 PM

بقلم كريستيان بيسري - سكاي نيوز عربية

" كان بدو يسافر، قلتلو لأ يا أمي، بدنا نسقي الأرزة " لا أبالغ إن قلت أن تلك الصرخة لا تزال حتى اللحظة تتردد في ذهني رغم مرور أكثر من أسبوع على انفجار بيروت.

من منا، لم يدُر بينه وبين أهله نقاش مماثل عند إبلاغهم قرار الهجرة، من منا لم يسمع تلك الصرخة محاولة في ثنيه عن الرحيل.. ذاك الشاب الذي قرر البقاء والعمل في المرفأ لتأمين قسط جامعته سقى الأرزة بالفعل، ولكن بدمه…

كنت على الهواء ذاك اليوم،  لحظات قبل بداية النشرة قال لي الزملاء "يبدو أن هناك انفجارا في بيروت"، سألت "في ضحايا؟ كبير؟ وين ببيروت؟" لتتوالى المشاهد والأخبار التي فاقت كل توقعاتنا.

لأيام تتالت، وجدتني أحبس دموعا، عند سماع صرخات الأهالي لمراسلينا… "ابني حلو وعيونو عسلية، ابني آدمي وبحب بلاده، حدا شافو؟".. "أنا محروق، أنا مخنوق، دفنت خيي بايدي…".
   
اسمعهم وأفكر كيف لهم أن يتقبلوا موتا سبّبه البشر والموت الطبيعي يصعب على الإنسان تقبله!

أسمعهم ولا شيء يستفزني في تلك اللحظات أكثر من أسطورة طائر الفينيق تلك، التي تستحضر عند كل نكبة؛ لماذا علينا في كل مرة أن نحترق؟

وجدتني ابتلع غضبا عند سماع المسؤولين، رئيس جمهورية يعترف بعلمه بوجود مواد متفجرة في المرفأ ولكن يقول إن صلاحياته لا تسمح له بالتعاطي المباشر مع الموضوع ويعتبر التحقيق الدولي مضيعة للوقت! وزعيم "حزب إلهي" يطل علينا وسط الركام والجثث بثغر باسم وبنبرة هادئة لينفض يديه مما حدث، هو الممسك بكل مفاصل الدولة، بمرافقها ومرافئها.

أعجب مما يكتبه مناصروه عن عدم ممانعتهم أن يصبح لبنان رمادا إذا كان سيدهم سبب الحريق، ومما ينشروه من صور استبدلوا فيها أرزة العلم اللبناني بعمامة سماحته… ليبطل عجبي ما إن أتذكر كيف استشاط غضبا في خطاب مقتل سليماني وكيف تمنى لو أن ملك الموت أخذه بدلا عنه.. تبا لأيديولوجيا تُعميك فترى شهداء وطنك أرقاما وإرهابيي بلد آخر آلهة.

وجدتني أصارع خيبة وعجزاً وأنا أستمع إلى المحللين يجمعون على أن المعطيات لا تشي بإمكانية تغيير جذري، لا خلاص للبنان من دون نهاية حزب الله، معظمهم يؤكدون؛ لكن الشارع وحده غير قادر على قلب المعادلة، والدول الكبرى ليس ذلك من أولوياتها في الوقت الراهن، أتذكر حينها حديث ماكرون عن حكومة وحدة وطنية وقرب الانتخابات الأميركية.

ومن ثم تأتي الصور المباشرة من محيط البرلمان ومحيط المرفأ ومن كل بيروت المنكوبة لشباب يتظاهرون، يرممون، ينظفون، يتطوعون، يطببون ويهتفون ضد الظلم والفساد والموت، فتعم قناعة راسخة لم يقو عليها لا اليأس ولا الحزن ولا العجز ولا الخيبة؛ لا بد لإرادة الحياة أن تنتصر وتُخضع قدرا امتهن عدم الاستجابة، ولو بعد حين.

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- هكذا تستهدف إسرائيل قدرات حزب الله

خاص- تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية

خاص- إيران تستعد للضربة المنتظرة ضد اسرائيل.. تقرير يكشف

خاص- عمليات حزب الله تحولت الى نوعية.. كم عسكري اسرائيلي قتلت؟

خاص- تقارب محتمل بين الإمارات وحزب الله؟

خاص- اقرأوا هذه التفاصيل.. هكذا تستعدّ إسرائيل للحرب مع "الحزب"

خاص- أسلحة أميركية جديدة إلى إسرائيل

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟