يومية سياسية مستقلة
بيروت / °13

الاميركيون والاوروبيون والخليجيون للبنانيين.. مشكلتكم فساد سياسييكم لا حزب الله

Tuesday, August 11, 2020 9:32:04 PM

خاص "اللبنانية"
بقبم عماد جودية

الباحث البارز في "مجلس العلاقات الخارجية الاميركي" ستيفن كوك كتب منذ ايام في مجلة "فورين بوليسي" مقالا حمل عنوان "لبنان الذي نعرفه يموت " اهم ما ورد فيه وصفه للطبقة السياسية اللبنانية بانها "تعاني من افلاس اخلاقي نتيجة فسادها المالي الذي اوصل البلد الى حافة الافلاس" ولهذا تحارب هذه الطبقة برأيه " الاصلاح المالي والسياسي من اجل الحفاظ على مكتسباتها في ظل الانهيار الذي يشهده لبنان حاليا" .
لهذا لا يستطيع أي مسؤول لبناني سواء كان سياسي او عسكري او امني او قضائي او سواء كان مالي او مصرفي من ان ينكر انه لم يتبلغ من الجهات الرسمية المختصة الاميركية والفرنسية والاوروبية والخليجية ومن الجهات المالية الدولية من ان مشكلة لبنان واللبنانيين ليست مع حزب الله وسلاحه بل مشكلتهم الحقيقية هي مع فساد معظم الطبقة السياسية والمالية الحاكمة منذ اتفاق الطائف قبل ثلاثين سنة الى اليوم. ولا يستطيع اي من السياسيين اللبنانيين المجاهرة امام الرأي العام اللبناني بحقيقة الموقف الغربي والخليجي الذي سمعوه بهذا الاطار كي لا يدانوا من اللبنانيين. وحتى لا يقال اننا ندافع عن حزب الله نتحدى أي سياسي لبناني ان يخرج ويقول علنا انه لم يسمع من الاميركيين والفرنسيين والخليجيين ما نكشفه امام اللبنانيين. ولنضيء اكثر على الموضوع دعونا نكشف ايضا عن الجانب الحقيقي لمحادثات الرئيس الفرنسي وقبله وزير خارجيته لودريان مع كبار المسؤولين اللبنانيين خلال زيارتيهما الاخيرة لبيروت. فاللغة الديبلوماسية غير المسبوقة التي خاطبا بها القيادات اللبنانية واللتين كانا محقين بها كانت بمثابة "مضبطة اتهام" لمعظم الطبقة السياسية اللبنانية و"صك براءة" لحزب الله التي حاولت اغلبية الطبقة السياسية شيطنته وتحميله وسلاحه مسؤولية الازمة المالية والنقدية والاقتصادية الوجودية التي اوصلت هي البلد اليها وليس حزب الله والتي باتت تهدده واهله بالانهيار والجوع. ماكرون ولودريان بمخاطبتهما الصريحة والعالية السقف للسياسيين اللبنانيين ظهرا وكأنهما حريصين على لبنان واهله اكثر منهم . فهما كانا واضحين معهم بكلامهما الديبلوماسي القاسي لهم، وترجمة فحواه ممن يتقون قراءة اللغة الديبلوماسية هو انكم تفعلون ببلدكم كما فعل المتسول الفقير مع اللورد الانكليزي الذي كان يخرج من قصره صباح كل يوم متوجها مشيا على قدميه الى مكتبه وخلال مروره يصادف امامه هذا المتسول الفقير الشاب القوي البنية جالسا على قارعة الرصيف فيناوله من جيبه ما امكنه من جنيهات ويتابع طريقه. وظل اللورد على هذه الحال سنوات طويلة الى ان جاء يوم ومر من امامه ولم يناوله الجنيهات التي كان يعطيها اياه صباح كل يوم فتقدم منه وسأله لماذا لم يعطيه الجنيهات القليلة الخاصة به والتي بات يعتقدها انها صارت حقا له بحكم الاستمرارية. نظر اللورد بعينيً المتسول الشاب ومشى . وكأنه يقول له انك لم تعد تستأهل مساعدتي اليومية لانك كنت تأخذها منّي وتكدسها في جيبك ولم توظفها كل هذه السنوات الطوال في تحسين وضعك ومساعدة اسرتك وتصر على ان تبقى متسولا .
هذه الواقعة بين اللورد الانكليزي والمتسول الفقير تنطبق على كلام ماكرون ولودريان للسياسيين اللبنانيين الذين قالا لهم بترجمة كلامهما الديبلوماسي الصريح : ان زمن تسولكم قد ولًى الى غير رجعة. كنا نعطيكم واصدقاءنا في اوروبا واميركا والخليج من غير حساب منذ ثلاثين سنة الى اليوم كل انواع المساعدات المالية والاقتصادية وحتى المال السياسي النقدي ، وسهّلنا لكم انعقاد المؤتمرات المانحة لكي تستنهضوا بلدكم الجميل وتعيدوا له من جديد دوره المالي والسياحي والثقافي والاقتصادي والتربوي الطليعي في المنطقة. ماذا كانت النتيجة افقرتموه بفسادكم وسرقتكم اهله ودولته وارجعتموه عشرات السنين للوراء بمحاصصاتكم وصفقاتكم داخل ادارات الدولة فأفرغتم الخزينة العامة وخسرتم اللبنانيين ودائعهم ، وبدل الذهاب لاصلاح ما افسدتمو وخربتموه تصرون على بقائكم متسولين من دون ان تقدموا على اية خطوة انقاذية واصلاحية لبلدكم. وتأتون الان للتعاطي معنا ومع باقي اصدقائكم واشقائكم على طريقة اللورد الانكليزي والمتسول الفقير حيث تطالبون بمساعدات مالية عاجلة منا وكأنها حق مكتسب لكم يجب استمرار تدفقها عليكم لتصب في جيوبكم بدل ان تحاسبوا انفسكم على ما فعلتموه ببلدكم وباهله وتذهبون الى اقرار الاصلاحات المالية والاقتصادية المطلوبة منكم لانتشال بلدكم من ازمته الخطيرة هذه .
وقد جاءت انتقادات ماكرون ووزير خارجيته اللاذعة بمثابة ادانة لمعظم الطبقة السياسية الموجودة داخل السلطة وخارجها دون استثناء. ولهذا نقول لاصحاب الرؤوس السياسية الحامية روّقوا بالكم وحالكم عليكم وعلى البلد قبل فوات الاوان ، لان الرئيس الفرنسي وقبله وزير خارجيته لم يقولا لمن التقوهم في زيارتهما للبلد ان مسؤولية الازمة الوجودية هذه الذي يمر بها لبنان تقع على حزب الله وسلاحه بل قالا لهم بصراحة انها تقع على فسادكم المستشري منذ ثلاثين سنة الى اليوم في الدولة و مؤسساتها . فعدّوا أيها السياسيون للعشرة واوقفوا معزوفة اتهامكم لحزب الله ولسلاحه بمسؤوليته عن الازمة واتجهوا لانهاء الفساد بإرادتكم قبل ان تستيقظوا ذات يوم ويكون الناس قد دخلوا الى منازلكم وغرف نومكم وبدأوا بجركم مع زوجاتكم واولادكم للشارع عندها لن تجدوا من ينصركم وسيكون بين الناس من كنتم تعتبرونهم من اتباعكم وصاروا من اعدائكم نتيجة ذلّكم وفقركم وجوعكم لهم ولعيالهم وسرقتكم لودائعهم ولخزينة دولتهم ولتدميركم لوطنهم .

يلفت موقع "اللبنانية" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر الّا عن وجهة نظر كاتبه او مصدره.

 

مقالات مشابهة

خاص- الولايات المتحدة قلقة على لبنان من إسرائيل.. لماذا؟

خاص- كيف ساعدت الدول العربية في التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار في غزة؟

خاص- بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من لبنان نحو إسرائيل

خاص- حماس تعلّمت من حزب الله.. كيف؟

خاص- بشأن الهجوم على حزب الله.. هذا ما كشفه استطلاع

خاص- المرضى الفلسطينيون يموتون في لبنان

خاص- هل عارض السيد نصرالله مطالب إيران؟

بالأرقام: ماذا أوضح الجيش الإسرائيلي عن هجماته على الحزب؟